
أعلنت الولايات المتحدة وأوكرانيا، الأحد، تحقيق "تقدّم جيد" في المحادثات الجارية في جنيف استناداً إلى خطة الرئيس دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك في وقت تتحرك فيه دول أوروبية لطرح "خطة بديلة" تشمل منح واشنطن ضمانات أمنية لكييف، واستخدام الأصول الروسية المجمّدة في إعادة إعمار أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الاجتماع الذي عقد مع المسؤولين الأوكرانيين في جنيف ضمن محادثات خطة السلام الخاصة بالحرب في أوكرانيا كان "الأكثر إنتاجية وأهمية" منذ انخراط الولايات المتحدة في هذا المسار.
وأضاف روبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع أندري يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن الوثيقة التي يجري العمل عليها "مبنية على مساهمات جميع الأطراف المعنية"، مشيراً إلى أنه جرى استعراض بعض البنود "نقطة بنقطة"، وأن المحادثات حققت "تقدماً جيداً".
وأضاف: "فرقنا عادت الآن للعمل على بعض المقترحات.. عملنا على إجراء بعض التعديلات بهدف تقليص مساحة التباينات، والاقتراب من صيغة تكون مناسبة لكل من أوكرانيا والولايات المتحدة".
ولفت الوزير الأميركي إلى أن أي اتفاق نهائي "سيحتاج إلى موافقة الرئيسين"، مضيفاً أنه "يشعر بارتياح تجاه إمكانية حصول ذلك نظراً للتقدم المحرز".
وذكر روبيو: "هناك أيضاً الجانب الروسي من المعادلة، لكن لدينا خلال الأشهر التسعة الماضية فهم كبير للأولويات المهمة لديهم".
وختم بالقول: "الخلاصة هو أنه كان اجتماعاً مهماً جداً، وربما أفضل يوم في هذه العملية بأكملها منذ تولينا مهامنا في يناير، ولا يزال هناك عمل يجب إنجازه، وهذا ما تقوم به فرقنا الآن.. ونأمل بالعودة إليكم في وقت لاحق الليلة بمزيد من التحديثات".
"سلام عادل ودائم"
من جهته، قال يرماك إن الجلسة الأولى من المحادثات مع الوفد الأميركي في جنيف كانت "مثمرة للغاية"، مؤكداً تحقيق "تقدم جيد جداً" في النقاشات المتعلقة بخطة السلام.
وأضاف رئيس مدير مكتب زيلينسكي: "نتحرك قدماً نحو سلام عادل ودائم يستحقه الشعب الأوكراني، الذي يريد هذا السلام أكثر من أي شخص آخر على هذا الكوكب"، موضحاً أن "العمل سيستمر اليوم"، وأن "الجانبين سيعملان خلال الأيام المقبلة على دمج المقترحات".
ولفت إلى أن المحادثات ستشمل أيضاً مشاركة الدول الأوروبية، مؤكداً أن "الكلمة النهائية ستكون لقادتنا، رئيس الولايات المتحدة، ورئيس أوكرانيا". وختم بالقول: "آمل أن نحقق تقدماً جيداً اليوم".
"اجتماع متوتر"
وعقب المؤتمر الصحافي، قال مصدران مطّلعان على المحادثات لـ"أكسيوس" إن التصريحات الإيجابية التي أدلى بها روبيو ويرماك جاءت بعد ساعات من اجتماع متوتر جرى صباح الأحد.
وخلال الاجتماع، اتهم الجانب الأميركي، الأوكرانيين، بتسريب تفاصيل سلبية عن الخطة إلى الصحافة الأميركية.
ووافق الأوكرانيون، وفقاً لأحد المصادر، على إصدار بيان إيجابي على لسان أحد مفاوضيهم من أجل تهدئة الأجواء، بحسب "أكسيوس".
وفي وقت لاحق من الأحد، قدم الجانب الأوكراني مقترحاً مضاداً يتضمّن طلبات لإجراء تعديلات على خطة ترمب، بحسب مصدر مطّلع على المحادثات.
وأضاف المصدر أن الولايات المتحدة أبدت استعداداً لإجراء بعض التغييرات استناداً إلى المقترح الأوكراني.
اتفاق محتمل حول خطة السلام
وسبق أن أفاد موقع "أكسيوس" نقلاً عن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين، الأحد، بأن المحادثات الجارية في جنيف بين الوفدين الأميركي والأوكراني أحرزت "تقدماً" باتجاه اتفاق محتمل حول خطة السلام.
وذكر الموقع أن وتيرة المحادثات الدبلوماسية حول هذه الخطة تسارعت، بعدما حدّد الرئيس دونالد ترمب موعداً نهائياً للتوصل إلى تفاهم مشترك مع أوكرانيا قبل عيد الشكر في 27 نوفمبر الجاري.
وتتضمن الخطة الأميركية، المكونة من 28 نقطة، شروطاً صعبة على كييف منها التخلّي عن أراضٍ إضافية شرق البلاد، والاتفاق على ألا تنضم إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ومنح عفو كامل للروس المتّهمين بارتكاب جرائم حرب.
لكن الخطة تتضمّن، في المقابل، ضماناً أمنياً غير مسبوق من الولايات المتحدة وأوروبا، على غرار المادة 5 في حلف "الناتو"، والتي تلزم الحلفاء بالتعامل مع أي اعتداء على أوكرانيا بوصفه اعتداءً على المجتمع العابر للأطلسي بأكمله.
ويقود الوفد الأميركي في جنيف وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ووزير الجيش دان دريسكول، ومستشار ترمب، جاريد كوشنر فيما يرأس الوفد الأوكراني أندري يرماك، رئيس مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وقالت المصادر لـ"أكسيوس" إن دريسكول التقى الوفد الأوكراني ليلة السبت، مضيفة أن هذه المحادثات كانت "إيجابية وبنّاءة".
وأظهرت وثيقة اطلعت عليها وكالة "رويترز"، الأحد، أن الأوروبيين قدموا نسخة معدلة من خطة الولايات المتحدة للسلام في أوكرانيا ترفض القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية والتنازلات المرتبطة بالأراضي.
وتقترح الوثيقة، التي أعدت للمحادثات بشأن الخطة في جنيف، أن يكون الحد الأقصى للقوات المسلحة الأوكرانية 800 ألف جندي "في وقت السلم" بدلاً من الحد الأقصى الشامل البالغ 600 ألف الذي اقترحته الخطة الأميركية.
وتنص الوثيقة أيضاً على أن "المفاوضات بشأن تبادل الأراضي ستبدأ من خط التماس"، بدلاً من التحديد المسبق بضرورة الاعتراف بمناطق معينة "بحكم الأمر الواقع" كما تقترح الخطة الأميركية.
وقال مصدر مطلع على الوثيقة، إن "بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الترويكا الأوروبية، هي صاحبة الاقتراح المقابل".
وتتخذ الوثيقة من المقترح الأميركي أساساً، لكنها تتطرق إلى كل نقطة على حدة مع اقتراحات بحذف أو تعديل.
وتقترح الوثيقة أيضاً أن تحصل أوكرانيا على ضمانة أمنية من الولايات المتحدة على غرار بند المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي.
أبرز مضامين الخطة الأوروبية لإنهاء الحرب في أوكرانيا
- رفض القيود المقترحة على حجم القوات الأوكرانية في الخطة الأميركية.
- رفع سقف الجيش الأوكراني إلى 800 ألف جندي "وقت السلم" بدلاً من 600 ألف في المقترح الأميركي.
- بدء مفاوضات تبادل الأراضي من خط التماس الحالي.
- رفض الاعتراف المسبق بمناطق تسيطر عليها روسيا "بحكم الأمر الواقع" كما ورد في الخطة الأميركية.
- منح أوكرانيا ضمانة أمنية أميركية على غرار المادة الخامسة من ميثاق الناتو (الهجوم على طرف يُعد هجوماً على الجميع).
- رفض الاقتراح الأميركي باستخدام الأصول الروسية المجمّدة في خطط الإعمار مباشرة.
- إبقاء الأصول الروسية مجمّدة إلى أن تدفع موسكو تعويضات كاملة لأوكرانيا.
- تعويض أوكرانيا مالياً بالكامل وإعادة إعمارها عندما تتحمل روسيا المسؤولية عن الأضرار.
وتنص المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو على أن "أي هجوم، أو عدوان مسلح ضد طرف منهم (أطراف الناتو)، يعتبر عدواناً عليهم جميعاً، وبناء عليه، فإنهم متفقون على حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، المعترف به في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بشكل فردي أو جماعي، وتقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم".
وتعارض الوثيقة المقترح الأميركي المتعلق باستخدام الأصول الروسية المجمدة في الغرب، ولا سيما في الاتحاد الأوروبي.
وتنص الوثيقة على أنه "سيعاد إعمار أوكرانيا وتعويضها ماليا بالكامل، بما في ذلك من خلال الأصول السيادية الروسية التي ستبقى مجمدة إلى أن تعوض روسيا الأضرار التي لحقت بأوكرانيا".
واقترحت الخطة الأميركية استثمار 100 مليار دولار من الأموال الروسية المجمدة في "جهد تقوده الولايات المتحدة لإعادة إعمار أوكرانيا والاستثمار فيها" وحصول الولايات المتحدة على 50% من أرباح هذا المشروع.
كما اقترحت الولايات المتحدة أيضاً استثمار الرصيد المتبقي في "أداة استثمارية أميركية روسية منفصلة".









