
تسعى شركات مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة الصينية، إلى إيجاد حلول للتغلب على قيود التصدير الصارمة التي تفرضها حكومة بكين، وذلك سعياً منها للحفاظ على تدفق المبيعات إلى المشترين الغربيين دون الوقوع في مشكلات مع الحكومة الصينية.
وقال موظفون في العديد من شركات المغناطيسات الصينية الكبرى والشركات الغربية لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الشركات تجري تعديلات على تركيبات المغناطيس لتجنب استخدام بعض العناصر الأرضية النادرة المحظورة، وتبتكر استراتيجيات أخرى لإخراج المغناطيسات القوية من البلاد، مثل دمجها في المحركات.
ويُمثل هذا التوجه أحدث تطور في معركة طويلة الأمد بين الصين والولايات المتحدة على المعادن الأرضية النادرة، إذ تُهيمن الصين على المعروض العالمي من المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات التي تُصنع منها، وتُعتبر هذه المعادن أساسية في صناعة كل شيء، من السيارات إلى توربينات الرياح والطائرات المقاتلة.
ومن بين هذه الأساليب، لجوء الشركات الصينية إلى الابتكارات التقنية، فبعض الأنواع القوية من مغناطيسات المعادن النادرة التي تُستخدم غالباً في محركات السيارات والروبوتات والآلات الصناعية تستخدم عادةً كميات صغيرة من عنصريْ الديسبروسيوم والتيربيوم، الثقيلان، للسماح للمغناطيسات بالعمل في درجات حرارة عالية.
وتنص القواعد الصينية التي طُبقت في أبريل الماضي على أن المغناطيسات التي تحتوي على كميات صغيرة من هذه المواد تتطلب تراخيص تصدير، وغالباً ما يستغرق الحصول على الموافقة، إن وُجدت أصلاً أسابيع أو أشهراً.
وأدى ذلك إلى تسابق شركات المغناطيس الصينية لإنتاج مغناطيسات أفضل خالية من العناصر الأرضية النادرة الثقيلة.
مغناطيسات أكثر مقاومة للحرارة
وتعمل هذه الشركات على جعل هذه المغناطيسات أكثر مقاومة للحرارة، على سبيل المثال، عن طريق طحن مادة المغناطيس، حتى تصبح ناعمة للغاية، إذ يتطلب ذلك آلات متخصصة، ويزيد من التكاليف، وبينما استمر تطوير المغناطيسات الخالية من العناصر الأرضية النادرة الثقيلة لسنوات، فقد دفعت قيود التصدير بعجلة جديدة.
وصُممت المغناطيسات الناتجة، للعمل في درجات حرارة تصل إلى حوالي 300 درجة فهرنهايت، وهي درجة كافية للاستخدام في العديد من أنواع الأجهزة المنزلية، وغالباً ما تتطلب شركات صناعة السيارات والطائرات وغيرها مغناطيسات ذات قدرة تحمل أعلى للحرارة.
وتشمل الشركات الصينية التي تُسوّق مغناطيسات خالية من العناصر الأرضية النادرة الثقيلة الخاضعة للرقابة، "يونجوماج" و"آنهوي هانهاي نيو ماتيريال"، وZhaobao Magnet، وX-Mag.
وقد نشرت X-Mag رسوماً بيانية مفصلة، تُظهر تقدمها في تطوير مغناطيسات جديدة مقاومة للحرارة لا تتطلب تراخيص تصدير.
وذكرت مجلة X-Mag في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي في أكتوبر الماضي: "مع تشديد سلاسل التوريد العالمية للعناصر الأرضية النادرة الثقيلة، أصبح تطوير أنواع مغناطيس خالية من العناصر الأرضية النادرة الثقيلة المقيدة أمراً بالغ الأهمية".
بدورها، أعلنت شركة Zhaobao Magnet أكتوبر الماضي، أنه "استجابةً للوائح الرقابة على الصادرات، تعمل الشركة باستمرار على تطوير سلسلة جديدة من المغناطيسات عالية الأداء خالية من العناصر المحظورة".
وبعد أن أعلنت الصين عن ضوابط التصدير الأولية في أبريل، نشرت "يونجوماج" كتيباً للمشترين الأجانب يُدرج "تدابير مضادة"، بما في ذلك بيع مغناطيسات خالية من العناصر الأرضية النادرة الثقيلة المقيدة.
وقالت إنها "تهدف إلى تطوير مغناطيسات ذات جودة أعلى خالية من العناصر المحظورة بحلول نهاية العام".
ويقول التجار، إن العديد من الشركات الغربية تشتري مثل هذه المغناطيسات، على الرغم من المخاوف من أنها قد لا تكون دائماً بنفس فعالية الشركات المصنعة الصينية.
كما تبحث الشركات الصينية عن حلول بديلة أخرى، على سبيل المثال، في حين أن تصدير مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة مقيد في الصين، فإن التطبيقات التي تُستخدم فيها، مثل المحركات، ليست كذلك.
لذلك، تعمل الشركات الصينية الآن مع مُصنّعي قطع غيار محليين لتوريد محركات وأجزاء أخرى مُدمجة فيها مغناطيسات إلى العملاء الغربيين.
حملات صينية صارمة
ونظراً للحساسية السياسية المحيطة بالمعادن النادرة، تحرص الشركات الصينية على احترام القانون. وفي الأشهر الأخيرة، أعلنت بكين عن حملات صارمة ضد تهريب المعادن الأساسية، مثل المعادن النادرة. وقد عيّن بعض مصنعي المغناطيس الصينيين مسؤولين عن الامتثال لضمان التزام صادراتهم بالقانون.
وقد اتخذت الجهات التنظيمية الصينية بالفعل خطوات لسد الثغرات، فبعد الإعلان عن ضوابط جديدة لتصدير المعادن النادرة في أبريل، بدأ بعض مصنعي المغناطيس الصينيين في تعديل استخدام عنصر "الهولميوم" في تركيبات مغناطيساتهم لزيادة مقاومتهم للحرارة، بدلاً من التربيوم والديسبروسيوم، اللذين كانا محظورين بموجب القواعد الجديدة.
وفي أكتوبر، أضافت الصين "الهولميوم" إلى قائمة المواد المحظورة، وبعد اتفاقٍ في ذات الشهر بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الصيني شي جين بينج لتخفيف قيود صادرات المعادن النادرة، أجّلت الصين تطبيق ضوابط تصدير الهولميوم لمدة عام، مما قد يُعيد إحياء هذه الثغرة لفترة من الوقت.
وفي حين أن الحلول البديلة تُقدم حلولاً محتملة على المدى القصير، يُحذر التجار وشركات المعادن النادرة من أن بكين قد تستغل نفوذها الخانق على المعادن النادرة مجدداً في المستقبل لتحقيق مكاسب جيوسياسية. وقد يؤدي ذلك إلى تشديد ضوابط التصدير وسد الثغرات.
وتقول الشركات الصينية، إن المشترين الأجانب يشعرون بالإحباط، ويبحثون عن مصادر بديلة للمعادن النادرة خارج الصين.
كما أن هذه الاستراتيجيات وهي قانونية لا تعمل بشكل مثالي، إذ تعمل المغناطيسات الجديدة أحياناً بشكل مختلف عن المغناطيسات التقليدية، لكن الشركات الصينية تمتلك قدرة هائلة ومتنامية على إنتاج المغناطيس، وتؤكد عزمها على إيجاد طرق قانونية للحفاظ على الصادرات.
وفي وقت سابق من العام الجاري، وضعت السلطات الصينية نظاماً جديداً لتراخيص التصدير، ما أدى إلى خنق إمدادات المعادن النادرة وإلحاق الضرر بالشركات الغربية.
وكجزء من اتفاق عُقد في أكتوبر مع الولايات المتحدة، وافقت الصين على تأجيل بعض القيود الوشيكة، رغم أن الشركات الغربية تخشى من أن يكون العرض غير كافٍ. وقد حفز ذلك شركات المعادن النادرة الصينية على إيجاد سبل لتسهيل تدفقها.










