
يسعى نواب من الائتلاف اليميني بزعامة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى إعلان احتياطيات الذهب الإيطالية "ملكاً للشعب"، في خطوة يخشى النقاد أن تمهد الطريق أمام بيع حكومي للمعدن، لسداد الديون، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وتمتلك إيطاليا ثالث أكبر احتياطيات من الذهب في العالم، بعد الولايات المتحدة وألمانيا، بما يقارب 2452 طناً، وفق بيانات بنك إيطاليا.
وبعد الارتفاع الحاد الأخير في الأسعار العالمية، بلغت قيمتها السوقية الحالية حوالي 285 مليار يورو، إذ يؤكد بنك إيطاليا أنه "يمتلك الذهب كجزء من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية للبلاد".
ويقول البنك المركزي الإيطالي، إن هذه المخزونات "تعزز الثقة في استقرار النظام المالي الإيطالي واستقرار اليورو"، وتمثل ضمانة لبنك إيطاليا في أداء مهامه العامة".
لكن نواباً من حزب ميلوني "إخوان إيطاليا" يسعون إلى إضافة بند إلى قانون الميزانية القادم للبلاد ينص على أن "احتياطيات الذهب التي يديرها ويحتفظ بها بنك إيطاليا، ملك للشعب الإيطالي".
ملكية عامة
في الإطار، قال السيناتور لوسيو مالان، كبير نواب حزب "إخوان إيطاليا": "نشعر بالحاجة إلى توضيح أن الذهب ثمرة جهد شعبنا. لطالما كان هذا الذهب ملكاً لشعب إيطاليا".
ويُصرّ مالان، على أن الحكومة لا تنوي بيع أو حتى نقل احتياطيات إيطاليا من الذهب، التي يُخزّن نصفها تقريباً حالياً في الولايات المتحدة.
لكنه قال إن الاعتراف الصريح بالملكية العامة للمعدن "مسألة مبدأ"، مضيفاً: "في إيطاليا، تُسجّل ملكية كل عقار، وكل سيارة وكل قارب. ألا ينبغي أن يُطبّق الأمر نفسه على أصول تُقدّر قيمتها بنحو 300 مليار يورو؟".
بدوره، قال البنك المركزي الأوروبي في بيان، الاثنين، إنه "تم التشاور معه من قبل السلطات الإيطالية بشأن مشروع التعديل، وهو يدرس الأمر حالياً".
ولطالما كان سؤال من يملك احتياطيات الذهب الإيطالية، شاغلاً للأحزاب اليمينية الإيطالية، منذ إعادة تنظيم هيكل بنك إيطاليا قبل عقد من الزمن، ما جعل المؤسسات المالية، بما في ذلك المقرضون من القطاع الخاص، مساهمين اسميين في البنك المركزي.
بيع الذهب لسداد ديون إيطاليا
وأثار الجدل الجديد، قلق بعض الاقتصاديين، الذين حذروا من أن مثل هذا التغيير قد يمكّن بسهولة أكبر حكومة إيطالية منتخبة، الآن أو في المستقبل، من بيع الذهب في محاولة لسداد بعض ديون البلاد الساحقة أو جمع الموارد للخدمات الاجتماعية التي تعاني من نقص التمويل مثل الصحة أو التعليم.
وقال السيناتور كلاوديو بورجي، عضو "حزب الرابطة" اليميني المتطرف والمُحرض المخضرم على قضية الذهب، إن توضيح ملكية احتياطيات إيطاليا من الذهب ضروري لتصحيح "خلل" بالنظر إلى هيكل ملكية البنك المركزي.
ويشير الحزب الديمقراطي المعارض، إلى أن حزب "إخوان إيطاليا" أحيا القضية بهدف "صرف انتباه الرأي العام عن أزمة غلاء المعيشة القاتلة، وغيرها من المشاكل العملية التي تُصعّب الحياة على العديد من العائلات الإيطالية".
وضغط "إخوان إيطاليا" عدة مرات من أجل سن قانون يوضح أن الذهب الذي يحتفظ به البنك المركزي هو ملك للدولة، لكن هذه الجهود كانت دائماً ما تتعثر.
وأعربت ميلوني في خطاب أمام البرلمان الإيطالي في عام 2014، قبل توليها رئاسة الوزراء بوقت طويل، عن أسفها لـ"مصادرة السيادة النقدية" للشعب الإيطالي، وأصرت على أنه "لا ينبغي تحت أي ظرف من الظروف أن يمس هؤلاء الملاك الجدد لبنكنا المركزي ذهب إيطاليا".
وفي عام 2019، عندما اقترح حزب "الرابطة" اليميني المتطرف تحويل البنك المركزي إلى مجرد أمين على احتياطيات البلاد من الذهب، حذر البنك المركزي الأوروبي من أن نقلها خارج الميزانية العمومية لبنك إيطاليا إلى الدولة من شأنه التحايل على حظر التمويل النقدي، وبالتالي سيكون انتهاكاً لمعاهدات الاتحاد الأوروبي.










