على وقع اشتباكات الحدود.. اندلاع حرب تجارية بين باكستان وأفغانستان

time reading iconدقائق القراءة - 7
عمال في سوق الخضروات بمدينة بيشاور الباكستانية على الحدود مع أفغانستان. 23 أكتوبر 2025. - REUTERS
عمال في سوق الخضروات بمدينة بيشاور الباكستانية على الحدود مع أفغانستان. 23 أكتوبر 2025. - REUTERS
دبي-الشرق

اندلعت حرب تجارية بين باكستان وأفغانستان بعد اشتباكات عسكرية عبر الحدود، ما أدى إلى تعطل حركة التجارة وتهديد سبل معيشة ملايين الأشخاص، حيث تسعى إسلام آباد إلى الضغط على إدارة "طالبان" بعد اتهامها بعدم اتخاذ إجراءات كافية ضد الجماعات المسلحة التي تنشط قرب الحدود، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".

وقال أصحاب الأعمال في كلا البلدين إن حركة التجارة تراجعت إلى النصف، وأصبحت أزقة السوق شبه خالية إلى حد يمكن للمتسوقين التجول فيها بسهولة دون الحاجة إلى مزاحمة الحشود، فيما تتكدس شحنات المساعدات التي تشتد حاجة أفغانستان إليها في الموانئ الباكستانية.

ولفتت الصحيفة إلى أن تعليق التبادل التجاري بين أفغانستان وباكستان، الذي بلغت قيمته العام الماضي ملياري دولار، أضر بملايين المزارعين والتجار وأفراد المجتمعات الحدودية المتداخلة بين البلدين، إذ لم تعبر الشاحنات المحملة بالفحم والإسمنت والرمان والقطن والأدوية وغيرها من السلع منذ نحو شهرين.

وبالقرب من مدينة بيشاور الباكستانية، وعلى الطريق المؤدي إلى الحدود، تقف مئات الشاحنات والحاويات المتوقفة منذ 11 أكتوبر من دون حراك. وقد تم دفع بعضها إلى أطراف الطريق فوق الأراضي الترابية ومنع حرس الحدود معظم عمليات العبور، باستثناء خروج المواطنين الأفغان من باكستان. 

ورغم وقف إطلاق النار الذي أُعلن في أكتوبر الماضي، فإن الوضع لا يزال هشاً للغاية، إذ لم تُسفر جهود الوساطة التي قادتها تركيا وقطر والسعودية عن أي نتائج، وتبدو الحرب التجارية "من دون نهاية" مع استعداد الحكومتين لمزيد من التصعيد، حسبما ذكرت"نيويورك تايمز".

"لا حل في الأفق"

ويرى ممثلو التجارة ومحللون اقتصاديون أن الطرفين يلحقان الضرر بنفسيهما عبر هذه الحرب التجارية. 

في الإطار، قالت عظيمة جيما، المديرة المؤسسة لشركة "فيرسو كونسلتينج" البحثية في إسلام آباد: "تشير طالبان إلى أن العلاقة مع باكستان لن تتحسن في أي وقت قريب، والجيش الباكستاني لن يتراجع… ولا يبدو أن هناك طريقاً للحل".

وقال حميد الله أياز، وهو مالك أفغاني لـ12 مخبزاً في بيشاور: "الأفغان يخشون الخروج إلى الشارع".

وقال عبد الوكيل، سائق شاحنة أفغاني، وهو يحتسي الشاي فوق سجادة مهترئة عند معبر "تورخم" بين باكستان وأفغانستان: "عندما أوقفونا هنا كان الصيف قائماً، واليوم الشتاء على الأبواب".

وحتى الخريف الماضي، كانت أفغانستان تعتمد على باكستان في أكثر من 40% من صادراتها، كما دعم الإسمنت الباكستاني طفرة البناء في كابول ومدن أخرى، فيما ملأت الأدوية القادمة من الجار الأكبر رفوف الصيدليات الأفغانية. 

وعلى الجانب الأفغاني من الحدود، خسر المزارعون وجهتهم التجارية الرئيسة، ففي ولاية قندهار جنوب شرقي البلاد، كانوا على وشك تصدير محاصيلهم التي غطت أشهراً من الحصاد، بما فيها الرمان الشهير في أفغانستان.  

وقال المزارع عبدالله خان إنه اضطر إلى بيع محصوله بأسعار مخفضة داخل المدن الأفغانية، مضيفاً أنه لا يعرف كيف سيعيد مبلغ 15 ألف دولار استدانها لاستئجار ثلاث بساتين هذا العام، قائلاً: "نحن جيران، نفهم لغات بعضنا، ونكاد نتشارك الثقافة نفسها… لكننا نتكبد خسائر كلما توترت العلاقات بين الحكومتين". 

اتهامات متبادلة

وتتهم باكستان حكومة "طالبان" بدعم تمرد مسلح متجدد قتل مئات من قوات الأمن الباكستانية في السنوات الأخيرة، وكان آخرها هجوم استهدف العاصمة الشهر الماضي، في حين تُنكر إدارة "طالبان" دعمها لـ"حركة طالبان باكستان"، وتؤكد أن العنف الذي تواجهه باكستان هو "مشكلتها الخاصة". 

وردّت باكستان بطرد أكثر من مليون أفغاني هذا العام، بشن غارات جوية على العاصمة الأفغانية كابول، وعلى قندهار حيث يقيم زعيم "طالبان". كما قُتل العشرات من الجنود على الجانبين خلال اشتباكات حدودية هذا الخريف.

ومنذ عودة "طالبان" إلى الحكم في 2021، أغلق البلدان حدودهما مراراً، لكن شاهد حسين، وهو ممثل باكستاني للتجار يمتلك خبرة تصل إلى أكثر من 20 عاماً في التعامل مع أفغانستان، قال إنه لم يشهد تقلباً طويلاً في الوضع مثل الذي يشهده حالياً.

ويحتاج أكثر من نصف سكان أفغانستان، البالغ عددهم 42 مليون نسمة، إلى مساعدات إنسانية، ومع ذلك تقف الحاويات المحملة بالمساعدات عالقة عند الحدود، أو في الميناء الأكبر في باكستان. 

وفي المقابل، تواجه باكستان ارتفاعاً في معدل الفقر وصل إلى 25%، وهو الأعلى منذ نحو عقد. 

ولم يظهر أثر تعليق التجارة بوضوح كما ظهر في المناطق الحدودية ومدينة بيشاور، التي كانت مركزاً رئيسياً على طريق الحرير القديم، وتحولت اليوم إلى مدينة مزدحمة يقطنها مليونا نسمة، وتضم جالية أفغانية كبيرة، وتقع على بُعد نحو 30 ميلاً من أفغانستان.  

البحث عن مسارات بديلة

وسعت إدارة "طالبان" إلى فتح مسارات تجارية جديدة. فقد أعلنت الهند الشهر الماضي أنها ستطلق قريباً خدمات الشحن الجوي مع أفغانستان، كما وقعت غرفتا التجارة في أفغانستان وإيران خلال الشهر الماضي اتفاقاً لتعزيز التبادل الثنائي.

وأمر مسؤولو "طالبان" التجار الأفغان بالتوقف عن التعامل التجاري مع باكستان في غضون 3 أشهر.

وتعمل أفغانستان بشكل عاجل على إعادة توجيه مسارات تجارتها، ومع ذلك، ظل السوق الباكستاني، بما يتضمنه من 250 مليون مستهلك والمسار البري الذي يتيحه نحو الهند، شرياناً حيوياً لاقتصاد أفغانستان "المنهك"، الذي تأثر هذا العام بخفض كبير في المساعدات الدولية التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، بالإضافة إلى زلزالين مدمرين وعودة قسرية لأكثر من 2.5 مليون أفغاني من دول الجوار. 

وذكر البنك الدولي في تقرير حديث أن الصادرات الأفغانية ارتفعت بنسبة 13% بين سبتمبر وأكتوبر، بعدما تمكن التجار الأفغان من إعادة توجيه شحناتهم عبر إيران وآسيا الوسطى. 

تصنيفات

قصص قد تهمك