أوروبا ترد على هجوم ترمب: أميركا يجب أن تتصرف كحليف وتحترم الشركاء

دعوات لتقليل الاعتماد على واشنطن.. وكالاس: الانتقادات الموجهة لنا يجب أن توجه لمكان آخر

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقاء قادة أوروبا والأمين العام لحلف الناتو مارك روته ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في البيت الأبيض بواشنطن العاصمة. 18 أغسطس 2025 - Reuters
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقاء قادة أوروبا والأمين العام لحلف الناتو مارك روته ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في البيت الأبيض بواشنطن العاصمة. 18 أغسطس 2025 - Reuters
دبي -الشرق

أبدى كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي امتعاضاً علنياً، إزاء الهجوم الحاد الذي وجهه الرئيس الأميركي دونالد ترمب للدول الأوروبية، خاصة أنها جاءت في أعقاب نشر استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة، والتي انتقدت التكتل، ومثلت تحولاً جذرياً في نظرة واشنطن لأوروبا من حليف إلى طرف يُنظر إليه باعتباره "عقبة أمام المصالح الأميركية".

وفي مقابلة مع مجلة "بوليتيكو"، وصف ترمب دول القارة بأنها "متداعية" وقادتها بأنهم "ضعفاء"، مجدداً هجومه على أوروبا في خطاب مساء الثلاثاء، قائلاً إنه يعتقد أن "أشياءً كثيرة وسيئة تحدث لأوروبا بسبب الهجرة والطاقة".

ورد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، على انتقادات ترمب، قائلاً إن الولايات المتحدة يجب أن تتصرف كحليف، وحض الرئيس الأميركي على "إظهار الاحترام".

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس، إن الانتقادات الأميركية الموجهة للحريات في التكتل يجب أن توجه إلى مكان آخر "ربما إلى روسيا"، في إشارة إلى وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة.

واعتبر المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن الانتقادات والاستراتيجية الجديدة، هي مؤشر على أن على أوروبا أن تصبح أقل اعتماداً على واشنطن، وقال إن "هذا يؤكد تقييمي القائل إن علينا في أوروبا، وبالتالي في ألمانيا أيضاً، أن نصبح أكثر استقلالية بكثير عن الولايات المتحدة في ما يتصل بسياسة الأمن".

وقالت مسؤولة حكومية فرنسية الثلاثاء، إن على أوروبا تسريع عملية إعادة التسلح رداً على "التحول الصارخ"، في العقيدة العسكرية الأميركية، واصفة الاستراتيجية الأمنية الجديدة لواشنطن بأنها "تفسير بالغ القسوة" للأيديولوجية الأميركية.

وصعد ترمب الثلاثاء، لهجته تجاه حلفاء واشنطن التقليديين، على خلفية ملف الهجرة والحرب في أوكرانيا، ووصف دول القارة الأوروبية بأنها "متداعية"، وقادتها بأنهم "ضعفاء".

وفي مقابلة مع مجلة "بوليتيكو"، نُشرت الثلاثاء، قلل ترمب من أهمية الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، منتقداً ما وصفه بفشلهم في ضبط الهجرة وإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، كما ألمح إلى عزمه دعم مرشحين سياسيين أوروبيين يتوافقون مع رؤيته للقارة.

كوستا: على الأميركيين احترامنا

وقال أنطونيو كوستا خلال مؤتمر صحافي في إيرلندا الثلاثاء، "نحن نحترم اختيار الأميركيين، وعليهم أن يحترموا الخيار الديمقراطي لمواطنينا. عندما ينتخبني جميع القادة رئيساً للمجلس الأوروبي، يجب على الرئيس ترمب احترام ذلك، كما نحترم نحن اختيار المواطنين الأميركيين له رئيساً للولايات المتحدة. هكذا يتصرّف الحلفاء مع بعضهم البعض".

ورداً على سؤال من "بوليتيكو" بشأن انتقادات ترمب، قالت المتحدثة الرئيسية باسم المفوضية الأوروبية، باولا بينيو: "نحن ممتنون جداً لوجود قادة ممتازين، بدءاً من قائدة هذه المؤسسة، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي نحن فخورون للغاية بها، وهي تستطيع قيادتنا في العديد من التحديات التي يواجهها العالم".

كما أثنت بينيو على قادة الدول الأعضاء الـ27، "الذين يشكّلون جزءاً من هذا المشروع الأوروبي، مشروع السلام، والذين يقودون الاتحاد الأوروبي وسط جميع التحديات التي يواجهها، من التجارة إلى الحرب في جوارنا".

وأضافت: "اسمحوا لي أن أستغل الفرصة لأكرر ما يشعر به ملايين المواطنين في الاتحاد الأوروبي: نحن فخورون بقادتنا".

كالاس: الانتقادات يجب أن توجه لمكان آخر

بدورها، قالت كايا كالاس في كلمة أمام لجنة في البرلمان الأوروبي، إن الانتقادات المتعلقة بالحريات في الاتحاد الأوروبي، "يجب أن توجه إلى مكان مختلف. روسيا ربما، حيث الانتقاد محظور، وحيث الإعلام الحر محظور، وحيث المعارضة السياسية محظورة، وحيث إكس أو تويتر، كما نعرفه، محظور أيضاً"، في إشارة إلى انتقادات مسؤولين أميركيين بعدما فرضت الجهات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي غرامة على منصة "إكس"، الجمعة الماضية.

ورداً على سؤال بشأن الانتقادات الأميركية، قالت كالاس: "يبدو لي أنها قيلت بغرض الاستفزاز".

وتعرّضت أوروبا لهجمات متكررة من إدارة ترمب في الأيام الأخيرة، إذ اعتبرت استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة، أن القارة في حالة تراجع حضاري، فيما وجّه مسؤولون أميركيون كبار انتقادات للاتحاد الأوروبي؛ بسبب ما اعتبروه رقابة على حرية التعبير، بعد أن فرضت المفوضية الأوروبية غرامة قدرها 120 مليون يورو على منصة "إكس".

ونصت استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة، التي نشرها البيت الأبيض، مساء الخميس، على أن أوروبا تواجه خطر "زوال الحضارة"، و"تراجع ديموجرافي خطير، وأنها تنقصها الثقة بالنفس، وقد تفقد يوماً مكانتها كحليف يعول عليه، كما اتهمت واشنطن التكتل بأنه "معاد للديمقراطية".

وتمثل استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة "تحولاً غير مسبوق" في التاريخ الحديث لواشنطن، إذ تعكس الوثيقة، التي تمتد لنحو 30 صفحة، انقلاباً جذرياً في نظرة واشنطن التقليدية لأوروبا، من شريك استراتيجي إلى طرف يُنظر إليه باعتباره "عقبة أمام المصالح الأميركية".

ترمب عن قادة أوروبا: "ضعفاء"

ووجّه ترمب، الثلاثاء، انتقادات حادة للقيادة الأوروبية، واصفاً دول القارة بأنها "متداعية" وقادتها بأنهم "ضعفاء".

ومثل هذا الهجوم الواسع على القيادات السياسية الأوروبية أحد أشد انتقادات الرئيس الأميركي حتى الآن ضد الدول الغربية، في خطوة تهدد بتعميق الخلاف مع دول مثل فرنسا وألمانيا، التي تشهد أصلاً علاقات متوترة مع إدارة ترمب، وفق "بوليتيكو".

وقال ترمب عن القادة الأوربيين: "أعتقد أنهم ضعفاء، لكنني أعتقد أيضاً أنهم يريدون أن يكونوا شديدي الالتزام بالصواب السياسي". وأضاف: "أعتقد أنهم لا يعرفون ما يفعلونه.. أوروبا لا تعرف ما يجب فعله".

وتأتي تصريحات ترمب عن أوروبا في لحظة حساسة للمفاوضات الجارية بشأن إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، في وقت يعبّر فيه قادة أوروبيون عن قلق متزايد من احتمال أن يتراجع ترمب عن دعم أوكرانيا وحلفائه الأوروبيين في مواجهة روسيا. 

وكان رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا وجه، الاثنين، انتقاداً لإدارة ترمب بسبب وثيقة الأمن القومي، داعياً البيت الأبيض إلى احترام سيادة أوروبا. وقال: "الحلفاء لا يهددون بالتدخل في الحياة الديمقراطية أو الخيارات السياسية الداخلية لحلفائهم، بل يحترمونهم".

تصنيفات

قصص قد تهمك