
يتجه مجلس الشيوخ الأميركي إلى التصويت الأسبوع المقبل، على مشروع قانون لتقييد سلطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في اتخاذ عمل عسكري ضد فنزويلا، بعد تصريحات أشار فيها إلى أنه لا يستبعد نشر قوات برية في المرحلة التالية من العمليات العسكرية لاستهداف من وصفهم بـ"مهربي المخدرات".
وأثارت تصريحات ترمب التي أدلى بها لمجلة "بوليتيكو" ونشرت الثلاثاء، قلق المشرعين الأميركيين، إذ مثلت تصعيداً في خطابه ضد كاراكاس، وهو ما يرى رعاة مشروع القانون، أنه يعزز موقفهم في مساعيهم لكسب مزيد من الدعم الجمهوري لجولة ثالثة من التصويت على مشروع قانون صلاحيات الحرب، بعد محاولتين فاشلتين.
وجاءت تلك التحركات، تزامناً مع إحاطة سرية لكبار قادة الكونجرس من الحزبين الثلاثاء، بشأن ضربة مزدوجة أدت إلى قتل ناجين في البحر الكاريبي في 2 سبتمبر، أدت لإحباط المشرعين الديمقراطيين الذين اعتبروها "غير مرضية" ولم تجب على أسئلتهم، بشأن الضربة المثيرة للجدل.
وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إن الإحاطة التي قدّمها مسؤولون في إدارة ترمب "غير مرضية للغاية"، مشيراً إلى أن وزير الدفاع بيت هيجسيث، ما زال يراجع ما إذا كان سيسمح للمشرعين بمشاهدة الفيديو غير المُحرر للضربة.
لا حرب دون موافقة الكونجرس
وقال السيناتور تيم كاين (الديمقراطي عن ولاية فرجينيا) في مقابلة مع "بوليتيكو"، إن الضغوط التي يمارسها ترمب، ترفع من آماله في الحصول على أكبر عدد من الأصوات على مشروع القانون الذي يمنع الرئيس من شن حرب في فنزويلا من دون تصويت من الكونجرس، عندما تُطرح الأسبوع المقبل، وفق مجلة "بوليتيكو".
وأضاف: "نحن في خضم عمل عسكري منذ 100 يوم، أدى إلى قتل ما يقرب من 90 شخصاً، وأجبر قائد القيادة الجنوبية الأميركية (ساوثكوم) على التقاعد، ودفع أحد حلفائنا الرئيسيين، المملكة المتحدة، إلى عدم مشاركة المعلومات الاستخباراتية معنا. ولم نعقد حتى الآن جلسة استماع علنية واحدة حول هذا الأمر".
وخلال مقابلة مع الصحافية داشا بيرنز لمجلة "بوليتيكو"، استغرقت 45 دقيقة، وتناول فيها رؤيته لأوروبا، والتحديات الكبرى للسياسة الأميركية ومستقبل الحزب الجمهوري، قال ترمب إنه "واثق" من أنه أنقذ أرواحاً أميركية من خلال الضربات التي استهدفت من وصفهم بمهربي المخدرات في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ خلال الأشهر الماضية.
وأضاف: "لم يعد أحد يجرؤ على الإبحار باتجاه أميركا محملاً بالمخدرات"، قبل أن يتوعد بالتصعيد قائلاً: "وسنضربهم قريباً جداً على البر أيضاً".
ووصف مشرعون ديمقراطيون تصريحات ترمب بأنها تصعيد غير مقبول لمهمة عسكرية ينظر إليها بالفعل على أنها "إشكالية".
وقال السيناتور كريس كونز (ديمقراطي عن ولاية ديلاوير): "لقد تجاوز الرئيس بكثير الإطار الزمني الذي يتيحه قانون صلاحيات الحرب". وأضاف: "جنودنا وقواتنا العسكرية يستحقون أن يعرفوا ما إذا كانوا يحظون بدعم الكونجرس والشعب الأميركي في هذا الأمر".
وتحالف كاين مع زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر وعضوي مجلس الشيوخ آدم شيف (الديمقراطي عن كاليفورنيا) وراند بول (الجمهوري عن كنتاكي) لفرض التصويت على قرار من شأنه حظر أي عمل عسكري ضد فنزويلا من دون تفويض من الكونجرس.
ورغم أن المبادرة تحظى بدعم من الحزبين، فإن داعميها ما زالوا بحاجة إلى استقطاب عدد أكبر من الجمهوريين للتمرد على موقف ترمب وتمريرها. وكانت محاولة سابقة لمنع اندلاع حرب محتملة مع فنزويلا قد نالت تأييد عضوين جمهوريين بمجلس الشيوخ فقط، هما راند بول وعضوة مجلس الشيوخ ليزا موركاوسكي عن ولاية ألاسكا.
وقال بول إنه غير متأكد مما إذا كانت تصريحات ترمب الأخيرة ستُقنع مزيداً من الجمهوريين بالانضمام إلى الجهود، لكنه أكد أنه سيدفع زملاءه الجمهوريين إلى النظر في القضية "بعيون جديدة".
وأضاف: "لا أعتقد أن الإدارة تريد عرض حقائق هذه القضية أمام الشعب الأميركي، ولذلك حان الوقت لأن يقوم الكونجرس بذلك".
إحاطة غير مرضية
وقال شومر الثلاثاء، إن الإحاطة التي قدّمتها إدارة ترمب بشأن الضربة المزدوجة "غير مرضية للغاية"، وقال شومر: "كانت إحاطة غير مرضية للغاية. سألتُ الوزير هيجسيث، عمّا إذا كان سيسمح لكافة أعضاء الكونجرس بمشاهدة الفيديوهات غير المُحررة لضربة الثاني من سبتمبر؟ وكانت إجابته: ’علينا أن ندرس الأمر‘. حسناً، من وجهة نظري، لقد درسوا الأمر بما فيه الكفاية. ينبغي للكونجرس أن يكون قادراً على مشاهدته".
وأضاف شومر أنه سأل المسؤولين الثلاثاء، أيضاً عن استراتيجية الولايات المتحدة في فنزويلا، لكنه "لم يحصل أيضاً على أي إجابات مُرضية على الإطلاق".
أما كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، مارك وارنر، فقال بعد الإحاطة إنه ما زال متردداً في "التوصل إلى استنتاج نهائي" بشأن ما إذا كانت إجراءات إدارة ترمب في منطقة الكاريبي قانونية أو ملائمة أم لا. وأضاف: "بمجرد أن تتوصل إلى تلك الاستنتاجات، لا يمكنك التراجع عنها".
وقال وارنر إنه طلب من إدارة ترمب تسليم مجموعة من الوثائق، بما في ذلك أوامر التنفيذ، والوثائق المتعلقة بالاتصالات، والآراء القانونية.
وتابع: "حتى الآن، لم أحصل على تلك الإجابات. لم أحصل على رفض كامل، لكنني حصلت على إجابات غير كافية أحتاج إليها، وبصراحة أعتقد أن أعضاء الكونجرس يستحقونها".
وأضاف: "وإذا لم تتم مشاركة كل هذا مع الشعب الأميركي، فعلى أعضاء الكونجرس اتخاذ قرارهم. نحن بحاجة إلى كل تلك الوثائق، وبكل تأكيد يجب أن يُشاهد أعضاء الكونجرس الفيديوهات بأنفسهم، وأعتقد أنه ينبغي للشعب الأميركي أيضاً أن يراها".
ولم يدل هيجسيث بأي تعليق لدى مغادرته مبنى الكابيتول.
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون للصحافيين بعد الإحاطة إنه لم يشاهد بعد فيديو الضربة المزدوجة.
بدوره، دعا زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز إدارة ترمب إلى نشر فيديو ضربة "الضربة المزدوجة".
وقال جيفريز: "يجب نشر الفيديو الكامل للضربة المزدوجة أمام الشعب الأميركي، حتى تتاح للشعب فرصة تحديد ما إذا كانت تلك الضربة، التي قتلت أشخاصاً كانوا في حالة غرق وبحسب جميع الروايات لم يشكلوا أي تهديد لعناصر الجيش الأميركي، وما إذا كان هذا النوع من عمليات القتل التي تبدو خارج نطاق القضاء، يتسق مع القيم الأميركية".
وأضاف: "إذا كان بيت هيجسيث والإدارة يعتقدان أن أفعالهما مبررة، فما الذي يخفونه عن الشعب الأميركي؟ انشروا الفيديو".












