انتقادات حادة و"خطاب عدائي" يهدد التحالف التاريخي بين أوروبا والولايات المتحدة

مفوض الدفاع الأوروبي: ترمب يسعى لـ"تفتيت التكتل" واستراتيجية الأمن الأميركية تكشف "نبرة عدائية صريحة"

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الأميركي دونالد ترمب  يتوسط عدداً من القادة الأوربيين في واشنطن. 18 أغسطس 2025 - REUTERS
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتوسط عدداً من القادة الأوربيين في واشنطن. 18 أغسطس 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

وجّه أعلى مسؤول دفاعي في الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، انتقادات حادة لاستراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة، إذ اعتبرها تنطوي على "نبرة عدائية صريحة تجاه الاتحاد"، وترقى، بحسب وصفه، إلى "مناورة جيوسياسية" تهدف إلى الحيلولة دون تحول أوروبا إلى "قوة موحدة".

وفي تدوينة حادة، نشرها بعد أيام من صدور استراتيجية الأمن القومي الأميركية لعام 2025، قال مفوض الدفاع في الاتحاد الأوروبي، أندريوس كوبيليوس، إن تصوير واشنطن لما وصفته بـ"المحو الحضاري" لأوروبا، لا يستند إلى مخاوف حقيقية متعلقة بالقيم أو الديمقراطية، بل يعكس حسابات جيوسياسية أميركية صارمة.

وأضاف كوبيليوس، أن قراءة موجزة للمنطق الذي يشكل جوهر الاستراتيجية الأميركية تظهر أن وحدة الاتحاد الأوروبي "لا تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة".

وأشار في هذا الصدد، إلى جوانب في الاستراتيجية الأميركية تحث واشنطن على "تنمية بؤر المقاومة" داخل الدول الأوروبية والتعاون مع الأحزاب القومية الرافضة لمزيد من الاندماج، معتبراً أن هذه اللغة تمثل، برأيه، دليلاً على استعداد الولايات المتحدة لـ"مواجهة الاتحاد الأوروبي واستهداف القوة التي نستمدها من وحدتنا". 

وصعد ترمب نبرته ضد أوروبا في مقابلة أجراها مع مجلة "بوليتيكو"، حيث وصف القادة الأوروبيين بأنهم "ضعفاء"، وقال إنه سيؤيد مرشحين في الانتخابات الأوروبية، حتى لو أدى ذلك إلى إثارة حساسيات.

وكتب كوبيليوس، أن الولايات المتحدة باتت تنظر إلى اتحاد أوروبي أكثر تماسكاً على أنه "منافس محتمل للنفوذ الأميركي".

اعتبارات استراتيجية

المفوض الدفاعي شدد على أن "اللغة العدائية" التي تتبناها استراتيجية الأمن القومي الأميركية تجاه الاتحاد الأوروبي، "لا تنبع من مشاعر أميركية عاطفية أو حنين إلى أوروبا القديمة الجميلة، بل تصدر عن اعتبارات استراتيجية عميقة".

وربط كوبيليوس، رؤية الوثيقة بأفكار إلبريدج كولبي، الذي يشغل حالياً منصباً رفيعاً في وزارة الحرب الأميركية، وكتابه "استراتيجية المنع" الذي يجادل فيه بأنه على الولايات المتحدة أن "تمنع أي إقليم من تشكيل قوة مهيمنة قادرة على تقييد وصول أميركا إلى الأسواق".

وأشار إلى أن كولبي يرى أن الاتحاد الأوروبي، أو أي كيان أكثر تماسكاً قد ينبثق عنه، قادر على "إرساء هيمنة إقليمية وفرض أعباء مفرطة، أو حتى استبعاد الولايات المتحدة من التجارة والانخراط الإقليمي".

وخلص كوبيليوس إلى أن هذا المنظور الاستراتيجي، وليس الخلافات الأيديولوجية، هو ما يفسر النبرة العدائية غير المعتادة تجاه بروكسل.

وختم قائلاً: "لنأمل أن تتوافر الحكمة الكافية على الأراضي الأميركية لتجنب الانخراط في صراع ضد القوة الصاعدة لوحدة أوروبا".

امتعاض أوروبي

أبدى كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، امتعاضاً علنياً، إزاء الهجوم الحاد الذي وجهه ترمب للدول الأوروبية، خاصة أنها جاءت في أعقاب نشر استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة، والتي انتقدت التكتل، ومثلت تحولاً جذرياً في نظرة واشنطن لأوروبا من حليف إلى طرف يُنظر إليه باعتباره "عقبة أمام المصالح الأميركية".

وفي مقابلة مع "بوليتيكو"، وصف ترمب دول القارة بأنها "متداعية" وقادتها بأنهم "ضعفاء"، مجدداً هجومه على أوروبا في خطاب مساء الثلاثاء، قائلاً إنه يعتقد أن "أشياءً كثيرة وسيئة تحدث لأوروبا بسبب الهجرة والطاقة".

ورد رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، على انتقادات ترمب، قائلاً إن الولايات المتحدة يجب أن تتصرف كحليف، وحض الرئيس الأميركي على "إظهار الاحترام".

 وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، إن الانتقادات الأميركية الموجهة للحريات في التكتل يجب أن توجه إلى مكان آخر "ربما إلى روسيا"، في إشارة إلى وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة.

واعتبر المستشار الألماني فريدريش ميرتس، أن الانتقادات والاستراتيجية الجديدة، هي مؤشر على أنه على أوروبا أن تصبح أقل اعتماداً على واشنطن، وقال إن "هذا يؤكد تقييمي القائل إن علينا في أوروبا، وبالتالي في ألمانيا أيضاً، أن نصبح أكثر استقلالية بكثير عن الولايات المتحدة في ما يتصل بسياسة الأمن".

وحثت مسؤولة حكومية فرنسية، الثلاثاء، أوروبا على تسريع عملية إعادة التسلح رداً على "التحول الصارخ"، في العقيدة العسكرية الأميركية، واصفة الاستراتيجية الأمنية الجديدة لواشنطن بأنها "تفسير بالغ القسوة" للأيديولوجية الأميركية.

وصعد ترمب الثلاثاء، لهجته تجاه حلفاء واشنطن التقليديين، على خلفية ملفات الهجرة والحرب في أوكرانيا، ووصف دول القارة الأوروبية بأنها "متداعية"، وقادتها بأنهم "ضعفاء".

وفي مقابلة مع مجلة "بوليتيكو"، نُشرت الثلاثاء، قلل ترمب من أهمية الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، منتقداً ما وصفه بفشلهم في ضبط الهجرة وإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، كما ألمح إلى عزمه دعم مرشحين سياسيين أوروبيين يتوافقون مع رؤيته للقارة.

تصنيفات

قصص قد تهمك