محادثات السلام | كييف مستعدة للتخلي عن الانضمام للناتو.. وموسكو تعتمد على واشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مدينة كوبيانسك الواقعة على خط المواجهة، بمنطقة خاركيف، أوكرانيا. 12 ديسمبر 2025 - Reuters
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مدينة كوبيانسك الواقعة على خط المواجهة، بمنطقة خاركيف، أوكرانيا. 12 ديسمبر 2025 - Reuters
برلين / كييف / دبي -رويترزالشرق

ألمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى "حلول وسط" بشأن مقترحات السلام بشأن كيفية إنهاء الحرب مع روسيا، مشيراً إلى استعداد كييف للتخلّي عن طموحها بالانضمام إلى حلف (الناتو) مقابل الحصول على ضمانات أمنية غربية، فيما أوضح الكرملين أن موسكو تعتمد في تسوية الأزمة على الولايات المتحدة وليس أوروبا.

وأضاف زيلينسكي في رده على أسئلة صحافيين، الأحد، أن الضمانات الأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة، والشركاء الأوروبيون وغيرهم من الشركاء، كبديل عن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، بمثابة حل وسط من جانب أوكرانيا، وذلك قبيل محادثات مع مبعوثين أميركيين في برلين.

وشدد على أن وقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا على امتداد خطوط المواجهة الحالية سيكون "خياراً عادلاً.. وقد يكون أساساً للنقاش"، مضيفاً أن "قضية الأراضي لا تزال عالقة، وشديدة الحساسية".

ويمثّل هذا التحول تغييراً كبيراً في موقف أوكرانيا، التي ناضلت طويلاً من أجل الانضمام إلى الناتو باعتباره ضمانة ضد الهجمات الروسية، كما أن هذا الطموح منصوص عليه في الدستور الأوكراني، كما يلبّي هذا التحول أحد أهداف الحرب الروسية، رغم أن كييف ما زالت متمسكة برفض التنازل عن أراضٍ لموسكو.

وأضاف الرئيس الأوكراني في رده على أسئلة الصحافيين: "منذ البداية، كانت رغبة أوكرانيا هي الانضمام إلى الناتو، فهذه هي الضمانات الأمنية الحقيقية.. بعض الشركاء في الولايات المتحدة وأوروبا لم يدعموا هذا التوجه".

ضمانات أمنية

وتابع: "لذلك، فإن الضمانات الأمنية الثنائية بين أوكرانيا والولايات المتحدة، وضمانات شبيهة بالمادة الخامسة من جانب الولايات المتحدة، وضمانات أمنية من الزملاء الأوروبيين، وكذلك من دول أخرى مثل كندا واليابان، تشكل فرصة لمنع غزو روسي جديد".

ومضى زيلينسكي قائلاً: "وهذا بحد ذاته تنازل من جانبنا"، مشدداً على أن هذه الضمانات الأمنية يجب أن تكون ملزمة قانونياً.

وكان زيلينسكي دعا، في وقت سابق، إلى ضمانات تحول دون قيام روسيا بمهاجمة أوكرانيا مرة أخرى، وذلك بينما كان يستعد للقاء مبعوثين أميركيين، وحلفاء أوروبيين في برلين لإنهاء الحرب.

وتحت ضغط من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوقيع اتفاق سلام كان في بدايته يميل إلى الطرح الروسي، اتهم زيلينسكي، موسكو، بإطالة أمد الحرب من خلال القصف القاتل للمدن، واستهداف إمدادات الكهرباء والمياه في أوكرانيا.

وقال زيلينسكي إن أوكرانيا، وأوروبا، والولايات المتحدة يناقشون خطة من 20 نقطة، تنتهي بوقف إطلاق النار، مؤكداً أن كييف لا تجري محادثات مباشرة مع روسيا.

وأضاف أن وقف إطلاق النار على طول خطوط المواجهة الحالية قد يكون خياراً عادلاً، في حين تطالب روسيا بانسحاب القوات الأوكرانية من أجزاء من منطقتي دونيتسك ولوجانسك الشرقيتين التي لا تزال أوكرانيا تسيطر عليها.

وقال زيلينسكي: "تحتاج أوكرانيا إلى السلام بشروط كريمة، ونحن مستعدون للعمل بأقصى قدر من البناء. الأيام المقبلة ستكون مليئة بالدبلوماسية، ومن الضروري للغاية أن تسفر عن نتائج"، وذلك في منشور سابق له على "إكس".

ويستضيف المستشار الألماني فريدريش ميرتس زيلينسكي وقادة أوروبيين في قمة تُعقد في العاصمة الألمانية الاثنين، في أحدث سلسلة من مظاهر الدعم العلني التي يقدمها الحلفاء الأوروبيون للزعيم الأوكراني.

"لحظة حرجة"

وتعمل بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا على تنقيح المقترحات الأميركية، التي دعا أحد مسوداتها، التي كُشف عنها الشهر الماضي، إلى أن تتنازل كييف عن مزيد من الأراضي، وتتخلى عن طموحها للانضمام إلى الناتو، وتقبل فرض قيود على قواتها المسلحة.

ووصف الحلفاء الأوروبيون الوضع بأنه "لحظة حرجة" قد تحدد مستقبل أوكرانيا، وسعوا إلى تعزيز الوضع المالي لكييف عبر استخدام الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي لتمويل الميزانية العسكرية والمدنية الأوكرانية.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد استضاف المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر في اجتماع عُقد في وقت سابق من ديسمبر، وصفه الكرملين بأنه "بنّاء"، رغم عدم تحقيق اختراقات كبيرة.

وقال زيلينسكي إن مئات الآلاف ما زالوا دون كهرباء بعد الضربات الروسية التي استهدفت إمدادات الطاقة والتدفئة والمياه في مناطق واسعة من أوكرانيا، ونشر صوراً لمبانٍ محترقة ومدمرة.

وأضاف: "روسيا تطيل أمد الحرب، وتسعى إلى إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بشعبنا". وتابع قائلاً: "خلال هذا الأسبوع وحده، أطلق الروس أكثر من 1500 طائرة مسيّرة هجومية، ونحو 900 قنبلة جوية موجهة، و46 صاروخاً من أنواع مختلفة ضد أوكرانيا".

الكرملين: موقف واشنطن "حاسم وواقعي"

في المقابل، قال متحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، رداً على سؤال بشأن ما إذا كانت روسيا ستكون راضية إذا وقعت كييف، تحت الضغط، على أي شيء ثم قامت بتخريبه، تماماً كما حدث مع اتفاقيات مينسك، إن روسيا لن ترضى إذا وقعت كييف اتفاقيات سلام ثم بدأت في تخريبها، مضيفاً: "هذا لن يناسبنا".

ونقلت قناة (آر.تي) التلفزيونية الروسية عن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف قوله إن موسكو تعتمد في تسوية الأزمة الأوكرانية على الولايات المتحدة وليس أوروبا، مؤكداً أن موقف واشنطن "حاسم وواقعي".

وأكد أن تسوية الأزمة الأوكرانية تتطلب وضع نظام محدد يضمن تنفيذ كييف للاتفاقيات كشرط أساسي للتوصل إلى حل.

واعتبر بيسكوف أن هناك حاجة إلى نظام ضمانات محدد لامتثال كييف لاتفاقيات التسوية الأوكرانية، مؤكدا أنه "يجب أن يكون هناك نظام معين من الضمانات ليس فقط للأمن، ولكن أيضاً لتنفيذ هذه الاتفاقيات".

 محادثات برلين بشأن أوكرانيا

ومن المقرر أن يلتقي ويتكوف بالرئيس الأوكراني في برلين، الاثنين، في إطار مساعٍ أميركية أوروبية مكثفة لبحث سبل إنهاء الحرب مع روسيا، حيث تتركز المحادثات على وقف إطلاق النار وصياغة إطار لاتفاق سياسي، بالتوازي مع مشاورات تضم قادة أوروبيين، تمهيداً لقمة تستضيفها العاصمة الألمانية لتعزيز التنسيق والدفع نحو تسوية دبلوماسية شاملة.

وقال البيت الأبيض، السبت، إن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي سيلتقي الرئيس الأوكراني وقادة أوروبيين آخرين في برلين، في وقت تضغط فيه واشنطن لوضع خطة لإنهاء الحرب.

ومن المقرر أن يسافر جاريد كوشنر، صهر ترمب، برفقة ويتكوف إلى ألمانيا للمشاركة في محادثات تضم أوكرانيين وأوروبيين، وفق وكالة "رويترز".

من جانبه، قال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف إن موسكو لم تطلع بعد على مقترحات الاتحاد الأوروبي وكييف بشأن التسوية السلمية، لافتاً إلى أنه "من غير المرجح أن تكون مساهمتهما بنّاءة".

وأضاف أوشاكوف أن موسكو ستعبّر عن "اعتراضات حادة" إذا تضمنت خطة التسوية في أوكرانيا بنوداً غير مقبولة، موضحاً أن "روسيا عرضت موقفها بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية بوضوح شديد وكان مفهوماً للأميركيين".

وأشار إلى أنه "تم مناقشة مسألة الأراضي بشكل مكثف خلال مفاوضات بوتين مع ويتكوف، وواشنطن تدرك موقف موسكو".

 خطة السلام الأوروبية الأوكرانية

وتهدف محادثات برلين إلى مناقشة أحدث نسخة من خطة السلام الأوروبية الأوكرانية المكونة من 20 بنداً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك بعد أيام فقط من تسليم كييف نسختها المعدلة إلى واشنطن.

وتقترح الخطة إنشاء "منطقة اقتصادية حرة" منزوعة السلاح في إقليم دونباس، يُسمح فيها بعمل مصالح تجارية أميركية، وفق مجلة "بوليتيكو".

وتتمثل إحدى أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات بمصير الأراضي في شرق أوكرانيا، التي ترفض كييف التنازل عنها بعد السيطرة عليها من قِبَل موسكو.

تصنيفات

قصص قد تهمك