تنتهي مهلة تنفيذه خلال أيام.. ما مصير اتفاق 10 مارس بين دمشق و"قسد"؟

مصدر لـ"الشرق": تحضيرات لجولة مفاوضات جديدة بين دمشق و"الإدارة الذاتية"

time reading iconدقائق القراءة - 10
عناصر مسلحة من الشرطة العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في القامشلي، شمال شرق سوريا. 17 سبتمبر 2025 - Reuters
عناصر مسلحة من الشرطة العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في القامشلي، شمال شرق سوريا. 17 سبتمبر 2025 - Reuters
الحسكة/دمشق-الشرق

تبقّى أقل من أسبوعين على مهلة تنفيذ اتفاق 10 مارس بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بشأن دمج الأخيرة في مؤسسات الدولة، إلا أن مصير هذا الملف لا يزال يلفه الغموض، وسط تقارير عن استعدادات تركية وسوريا لإطلاق عملية عسكرية واسعة ضد مناطق سيطرة "قسد" شمال شرق سوريا، وهو ما نفته أنقرة لاحقاً.

ومع اقتراب نهاية المدة المقررة بنهاية العام، تبرز توقعات بطرح 3 مسارات لمستقبل الاتفاق، الأول يتمثّل في عقد اجتماعات حاسمة للتطبيق العملي والاندماج التدريجي لـ"قسد" في بنية الدولة السورية، فيما يقوم الثاني على التوافق على التمديد لمنح فرص إضافية حتى تسوية الخلافات بين الجانبين، بينما يتمثل الثالث في التوجه نحو الحسم العسكري من جانب دمشق لفرض سيادتها على شرق وشمال شرق البلاد بالقوة.

ومنذ اجتماع 7 أكتوبر، بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، بحضور المبعوث الأميركي توماس باراك في دمشق، يشهد الملف حالة من المراوحة في ظل تسريبات من "قسد" تفيد بأن الحكومة السورية تخلّت عن شرط اندماجها كأفراد، ووافقت على انضمامها إلى الجيش السوري عبر 3 فرق في مناطق الحسكة ودير الزور والرقة وعين العرب "كوباني"، مع تزويد الحكومة بقائمة من 70 شخصاً من قيادات قوات سوريا الديمقراطية لتولي قيادة الوحدات العسكرية ضمن هذه الفرق، وهو ما لم تؤكده دمشق حتى الآن.

ورغم انفتاح الطرفين على بعضهما خلال الفترة التي سبقت اجتماع أكتوبر، الذي كان الرابع بينهما، والزيارة الثانية لعبدي إلى دمشق بعد توقيع الاتفاق، إضافة إلى زيارة وفد حكومي لمنطقتي الطبقة في الرقة وعين العرب في ريف حلب الشمالي، مقابل زيارة من وفود عسكرية وإدارية من "قسد" و"الإدارة الذاتية" إلى محافظات حلب وحمص وريف دمشق لإطلاع كل طرف على تجربة الآخر، ومحاولة التوصل لصيغة توافقية لتطبيق الاتفاق، إلا أن ذلك لا يبدو أنه قابل للتحقيق حتى الآن على الأقل في ظل تأخر انعقاد اجتماعات جديدة وقرب انقضاء مهلة تطبيقه.

ويُعتقد أن الجانب الأميركي يعمل على ترتيب لقاءات جديدة بين الجانبين قبل نهاية العام، للتوصل لصيغ جديدة تفرض على الجانبين تقديم تنازلات تؤدي لإحداث خرق يفضي نهاية المطاف إلى تطبيق الاتفاق.

اقرأ أيضاً

ملفات عالقة تهدد مفاوضات الحكومة السورية و"قسد".. ما هي؟

الخلافات المستمرة بين الحكومة السورية و"قسد" حول دمج المقاتلين، إدارة النفط، وسيطرة على السجون تهدد تنفيذ اتفاق 10 آذار وتزيد التوتر السياسي شمال شرق سوريا.

وفي حديث لـ"الشرق"، كشف مصدر مفاوض في "الإدارة الذاتية"، أن "الاستعدادات جارية لعقد جولة جديدة من المفاوضات مع الحكومة السورية في ظل تواصل مساعٍ الأطراف الراعية للمفاوضات لعقد لقاء حاسم لمستقبل الاتفاق"، مؤكداً أن "هناك حرصاً من الطرفين على تجنب المواجهة والتوصل لصيغ توافقية للمضي بالاتفاق نحو سكة التطبيق".

بدورها كشفت فضائية "روناهي" الناطقة باسم "الإدارة الذاتية"، نقلاً عن مصادر، بأن "الحكومة الانتقالية قدمت لأول مرة مسودة تفاوض خطية في إطار المفاوضات بين الطرفين لتنفيذ اتفاق العاشر من مارس"، معتبرة أن "المسودة خطوة إيجابية في مسار المفاوضات، وتؤكد على إصرار الحكومة الانتقالية على الحكم المركزي دون تقدم يذكر في بنود التفاوض الرئيسية المذكورة ضمن اتفاق 10 مارس أو أي مقترحات جوهرية بشأنها".

مسودة تفاهم من وزارة الدفاع

وكان وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة كشف في تصريحات الأسبوع الماضي، أنه "شرح في لقاء مع قائد قسد مظلوم عبدي رؤية وزارة الدفاع، وأجاب على تساؤلاتهم، مع طلب بيانات منهم"، لافتاً إلى أنه "قام بصياغة مقترح تفصيلي يوضح آلية اندماج قسد ضمن وزارة الدفاع وبحتاج لأيام للوصول إليهم ودراسته والرد عليه".

ورجح أن "يتم عقد اجتماع خلال أيام لترتيب عملية الاندماج". ووصف أبو قصرة المقترح بأنه "مرن ويهدف لتسهيل عملية الاندماج، وتطبيق اتفاق العاشر من مارس".

وأكد أبو قصرة أن "الحكومة استجابت لبعض مطالب قسد خلال المفاوضات"، معتبراً أنه "من غير الصحيح الاندماج في الجيش السوري بصيغة الكتل، لأن الحالة الفصائلية كانت تجعل كل فصيل له هيكيلية مختلفة عن الأخرى، وهو ما لا يصب في مصلحة وزارة الدفاع".

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أصدر وزير الدفاع السوري قرارات بتعيين 3 نواب له في مناطق شمال وجنوب وشمال غرب البلاد، وسط توقعات بأن "تغييب قوات سوريا الديمقراطية عن هذه التعيينات بعد إرسالها قائمة بأسماء قادتها لا يُعد مؤشراً على جدية حكومية في التعاطي مع ملف الاندماج في الجيش السوري الناشئ ووزارة الدفاع.

قيادي كردي: "قسد" مستعدة لكل الاحتمالات

وفي حديث لـ"الشرق"، كشف عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" الذي يقود تحالف أحزاب "الإدارة الذاتية"، صالح مسلم، أن "وزارة الدفاع السورية وافقت على مقترح قدمته قسد للحكومة بخصوص الاندماج ضمن 3 فرق عسكرية ولواءين"، لافتاً إلى أن "نقطة الخلاف تتجسد في تركيز الحكومة على الجانب العسكري مع إهمال بقية الجوانب الأخرى للاتفاقية".

وأضاف مسلم: "قسد متفقة على كثير من الجوانب العسكرية، لكنها تريد ضمانات لتطبيق بقية بنود الاتفاق التي تتعلق بالحوكمة وشكل العلاقة بين الطرفين من ناحية الشكل الإداري للحكم"، معتبراً أنه "من غير المقبول أن يتم التركيز على الجانب العسكري للاتفاق من دون دراسة والاتفاق على بقية الجوانب"، في إشارة إلى مطلب "قسد" و"الإدارة الذاتية" باعتماد اللامركزية كنموذج للحكم.

ورأى القيادي الكردي البارز أن "الشأن العسكري هو واحد من عدة بنود للاتفاقية مع الحاجة إلى ضمانات من الأطراف الدولية، بما فيهم الولايات المتحدة وفرنسا، وذلك لضمان عدم تنصل الحكومة من تطبيق بقية البنود"، مشيراً إلى أن "قسد" وافقت على منح الجانب العسكري الأولوية لتجنب التوتر أو الصدام مع دمشق.

وقال مسلم إن "أي تصعيد عسكري ضد قسد ستتم مواجهته حتماً، وهي على جاهزية لكل الاحتمالات، ولن تجلس مكتوفة الأيدي تجاه أي اعتداء على مناطقها"، وتوقع مسلم أن يتم التوصل لتوافق حول الجانب العسكري قبل نهاية العام، مع دراسة الشؤون الأخرى في مرحلة لاحقة.

اقرأ أيضاً

"قسد" ودمشق.. لقاءات وخلافات

بعد لقاء جديد في دمشق بين الرئيس أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، أعلن الطرفان اتفاقاً لوقف شامل لإطلاق النار شمال البلاد، لكن الخلافات الجوهرية بقيت قائمة.

وذكرت وكالة "رويتزر" أن هناك سباقاً بين الحكومة السورية و"قسد" للتوصل إلى صيغة اندماج قبل نهاية العام، وكشفت أن الحكومة السورية قدمت مقترحاً رسمياً لـ"دمج 50 ألف مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية مع تشكيل 3 فرق عسكرية رئيسية مع ألوية فرعية أصغر، مشيرة إلى أن "المقترح يشترط التخلي عن بعض سلاسل القيادة المستقلة وفتح مناطق سيطرة قسد أمام وحدات من الجيش السوري".

وأضافت الوكالة أن "قيادة قسد تُقلل من أهمية الموعد الزمني لتنفيذ الاتفاق، وتلمح إلى أنه سيتم تمديده حتى منتصف 2026"، منوهة إلى أن "فشل الاتفاق قد يؤدي إلى صدام مسلح يعرقل مسار الاستقرار، ويعيد البلاد إلى مربع التصعيد".

بنود اتفاق 10 مارس بين دمشق و"قسد"

  • ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة وبغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.
  • التأكيد على أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.
  • وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية.
  • دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
  • ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.
  • دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول نظام بشار الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها.
  • رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
  • سعي اللجان التنفيذية إلى تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

تركيا تحذر "قسد" من المماطلة 

وفي ظل عدم اتخاذ أي خطوات عملية أو وجود اتفاق مكتوب بضمانات من الدول الضامنة لاتفاق 10 مارس، تصاعدت نبرة التصريحات التركية الرسمية، وجدّدت مطالبتها لـ"قسد" بتطبيق الاتفاق قبل انتهاء العام، محذرة من سيناريوهات أخرى في إشارة إلى الحلول العسكرية.

وفي سياق متصل، عبّر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن أمله في "إجراء محادثات الدمج بين دمشق وقسد عبر حوار سلمي"، وأضاف: "لا نريد أن نضطر إلى اللجوء للوسائل العسكرية"، محذراً "قسد" من أن "صبر جميع الأطراف بدأ ينفذ".

بدوره، قال مستشار العلاقات العامة والإعلام في وزارة الدفاع التركية زكي آق تورك لـ"الشرق"، إن "بعض الدول تشجع من خلال أفعالها وخطاباتها "قسد" على رفض الاندماج ونزع السلاح".

ورأى آق تورك أن "محاولات قسد لكسب الوقت بلا جدوى، ولن يجديها نفعاً أي خيار آخر غير الاندماج"، معتبراً أن "تحركات الجيش التركي في سوريا اعتيادية، وليست استعداداً لعملية عسكرية".

ماذا سيحدث؟

وفق هذه المعطيات، تُشير التطورات والنقاشات إلى إمكانية تكرار عقد اجتماع حكومي مع قوات سوريا الديمقراطية بحضور الشرع وعبدي والمبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك والسفير التركي في سوريا قبل نهاية العام للإعلان عن توافق عسكري على بند اندماج نحو 50 ألفاً من "قسد" بـ3 فرق، ولواءين أحدهما خاص بالمرأة وآخر خاص بـ"مكافحة الإرهاب".

كما قد يُنظر للاتفاق حول الجانب العسكري بأنه مدخل لتطبيق بنود الاتفاق التي تنص على اعتماد نظام لامركزي يتوافق مع قوانين الإدارة المحلية السورية، ودمج باقي مؤسسات "قسد" بما فيها الخاصة النفط والغاز والتعليم في بنية الدولة السورية، إضافة إلى تجنب أي تصعيد قد يؤثر على الاستقرار ويؤخر انطلاقة عملية إعادة الإعمار، ويُمثل حالة طاردة للاستثمار في البلاد التي تنفست الصعداء مؤخراً بعد رفع العقوبات الأميركية.

تصنيفات

قصص قد تهمك