الثالثة عالمياً.. اليابان تقر أكبر موازنة دفاعية في تاريخها وسط تصاعد التوتر مع الصين

طوكيو: نواجه أخطر بيئة أمنية منذ الحرب العالمية الثانية

time reading iconدقائق القراءة - 6
جنود يابانيون خلال تدريب عسكري مشترك مع البحرية الأميركية في جزيرة إيريسونا غير المأهولة القريبة من أوكيناوا. 15 نوفمبر 2023 - Reuters
جنود يابانيون خلال تدريب عسكري مشترك مع البحرية الأميركية في جزيرة إيريسونا غير المأهولة القريبة من أوكيناوا. 15 نوفمبر 2023 - Reuters
دبي/ طوكيو -الشرقوكالات

أقرت اليابان، الجمعة، موازنة دفاعية قياسية تتجاوز قيمتها 9 تريليونات ين (نحو 86 مليار دولار)، في خطوة تعكس تحوّلاً استراتيجياً كبيراً في سياستها الأمنية وسط تصاعد التوترات الإقليمية مع بكين، بعد تصريحات رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بشأن تايوان، والضغوط الأميركية لرفع الإنفاق العسكري.

الموازنة الدفاعية الجديدة، وهي الأكبر في تاريخ البلاد، تضع اليابان كثالث أكبر منفق عسكري سنوياً في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، وتهدف إلى تعزيز قدرات الدفاع الساحلي عبر الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة.

ويأتي ذلك في ظل ضغوط من الولايات المتحدة على اليابان لرفع موازنتها الدفاعية، بالتزامن مع تصاعد التوترات الدبلوماسية بين طوكيو وبكين خلال الأشهر الأخيرة، على خلفية تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي، المعروفة بموقفها المتشدد تجاه بكين، والتي لم تستبعد فيها تدخل الجيش الياباني في حال أقدمت الصين على عمل عسكري ضد تايوان.

ما التالي؟

لا يزال من غير الواضح من أين ستأتي الأموال اللازمة لتمويل موازنة الدفاع اليابانية الجديدة، إلا أنه من المتوقع فرض زيادات على ضرائب الشركات والتبغ والدخل، حسبما نقلت صحيفة Japan Times.

مسودة الموازنة الحكومية للسنة المالية 2026، التي تبدأ في أبريل، تزيد بنسبة 9.4% مقارنة بعام 2025، وتمثل السنة الرابعة من برنامج اليابان المستمر لمدة خمس سنوات لمضاعفة الإنفاق العسكري السنوي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

وكانت الصين متوجسة بالفعل من رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة، حتى قبل أن تتدخل في إحدى أكثر القضايا حساسية بالنسبة لها، وهي تايوان.

الأزمة مع الصين

وكانت تاكايتشي أثارت عاصفة دبلوماسية مع الصين في نوفمبر الماضي، عندما ألمحت إلى أن أي هجوم صيني على تايوان قد يشكل "وضعاً يهدد بقاء" اليابان، في تلميح إلى تدخل عسكري ياباني محتمل في الأزمة.

واعتبرت بكين هذه التعليقات، تجاوزاً لخط أحمر، وردّت بإجراءات انتقامية اقتصادية ودبلوماسية.

قاومت تاكايتشي منذ ذلك الحين، الضغوط الصينية للتراجع عن تصريحاتها، مؤكدة أن موقف طوكيو من أي حالة طوارئ أمنية لم يتغير. وقد تحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع تاكايتشي، والرئيس الصيني شي جين بينج، لتهدئة التوتر.

وتحت ضغط أميركي لزيادة الإنفاق العسكري، تعهدت وزارة المالية اليابانية بتحقيق هدف 2% بحلول شهر مارس المقبل، أي قبل الموعد المخطط له بعامين.

مراجعة استراتيجية الدفاع

كما تخطط اليابان لمراجعة سياسة الأمن والدفاع الحالية بحلول ديسمبر 2026، من أجل تعزيز قدراتها العسكرية بشكل أكبر.

وتخصص خطة الموازنة الجديدة، أكثر من 970 مليار ين (9.2 مليار دولار) لتعزيز قدرات الصواريخ اليابانية بعيدة المدى.

ويشمل ذلك إنفاق 177 مليار ين (1.7 مليار دولار) لشراء صواريخ Type-12 المطوَّرة محلياً والمحدَّثة من نوع "أرض-أرض"، والتي يبلغ مداها نحو 1000 كيلومتر.

وسيتم نشر الدفعة الأولى من صواريخ Type-12 في محافظة كوماموتو بجنوب غرب اليابان بحلول شهر مارس، أي قبل عام من الموعد المخطط له، في إطار تسريع اليابان لتعزيز ترسانتها الصاروخية في المنطقة.

لماذا رفعت اليابان موازنتها الدفاعية؟

تعهدت الحكومة اليابانية بتحقيق هدفها المتمثل في الوصول إلى موازنة دفاعية بنسبة 2% من ناتجها القومي بحلول مارس، أي قبل عامين من الموعد المقرر، على خلفية ضغوط حليفتها الولايات المتحدة.

وذكرت وثيقة إحاطة صادرة عن وزارة الدفاع اليابانية، أن طوكيو "تواجه أخطر بيئة أمنية وأكثرها تعقيداً" منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مضيفةً أن الظروف تستدعي "تعزيزاً جذرياً" لقدراتها الدفاعية.

وتعاني اليابان من تراجع القوات البشرية العاملة في المجال العسكري، إذ ترى أن الأسلحة غير المأهولة ضرورية لجهودها الدفاعية، حيث تلعب الطائرات المسيّرة دوراً حيوياً، بحسب DW. ولضمان سرعة الحصول على الأسلحة، تخطط طوكيو للاعتماد على الواردات، ربما من حلفائها تركيا أو إسرائيل.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أسفرت مناورات عسكرية لحاملة طائرات صينية قرب جنوب غرب اليابان عن احتجاج رسمي من طوكيو، بعدما قامت طائرة صينية بتوجيه رادارها نحو طائرة يابانية، وهو ما يُعتبر تمهيداً محتملاً لإطلاق النار.

وتُصنّف استراتيجية الدفاع الحالية لطوكيو لعام 2022، الصين على أنها التحدي الاستراتيجي الأكبر للبلاد.

وتأتي الموازنة الجديدة، في ظل تزايد التدقيق في استدامة المالية العامة لليابان من قبل الأسواق. وقد أثارت سلسلة من الإجراءات المالية التوسعية، بما في ذلك حزمة تحفيزية بقيمة 21.3 تريليون ين في نوفمبر الماضي، مخاوف بشأن استدامة المالية العامة.

وتبلغ عوائد السندات الحكومية أعلى مستوياتها منذ عقود، بينما يتداول الين بضعف مقابل الدولار. وتتحرك عوائد السندات عكسياً مع سعرها.

وتؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكاليف خدمة الدين، ما يزيد من الأعباء المالية على الحكومة.

تصنيفات

قصص قد تهمك