
قال مسؤولون إسرائيليون إن سلاح الهندسة التابع للجيش الإسرائيلي، يعمل بشكل مكثف على إنشاء مواقع عسكرية على "التلة 70" (تلة المنطار) في شمال قطاع غزة، لتعزيز السيطرة على جانبي "الخط الأصفر" وإرساء وجود دائم للجيش، وتعزيز تمركزه في ما وصفه رئيس الأركان إيال زامير، بأنه "خط الحدود الجديدة لقطاع غزة"، وسط انتقادات مصرية لتل أبيب بعرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
وحسبما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن المسؤولين الإسرائيليين، فإن التلة، التي ترتفع 70 متراً فوق مستوى سطح البحر، "تتيح أفضلية ميدانية استراتيجية"، ما يفسر تسريع شق الطرق، وإنشاء منصات هبوط للمروحيات، ونصب أبراج مراقبة، لتأمين إشراف بصري وناري واسع على المنطقة وتثبيت وجود عسكري هناك.
ومنذ أن دخل وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية حيز التنفيذ، في أكتوبر الماضي، تم تقسيم غزة عبر ما يسمى "الخط الأصفر"، يفصل بين مناطق سيطرة القوات الإسرائيلية، وحركة "حماس" على الجانب الآخر من قطاع غزة، حيث توجد الغالبية العظمى من الفلسطينيين حالياً.
ومن المرتقب أن يناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع المقبل، خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في منتجع مارالاجو بولاية فلوريدا، المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تتضمن بحسب الخطة الأميركية، انسحاباً إسرائيلياً من "الخط الأصفر".
وزعم المسؤولون الإسرائيليون، أن السيطرة على التلة تُعتبر جزءاً من استراتيجية دفاعية أوسع، حيث يُنظر إلى "الخط الأصفر" كـ"خط حدود متقدم وخط دفاع لحماية التجمعات الإسرائيلية، مع الحفاظ على استعداد للعمليات الهجومية إذا لزم الأمر"، وفق الرواية الإسرائيلية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، إن "الخط الأصفر هو خط حدود جديد، وخط دفاع متقدم للتجمعات السكنية، وكذلك خط هجوم". فيما قال جنود عسكريون إسرائليليون منتشرون على طول "الخط الأصفر": "نحن هنا حتى إشعار آخر"، حسبما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي للصحيفة، إنه "يمكن تقسيم اللواء إلى أربعة مكونات رئيسية؛ خط النقاط الأمامية على طول الخط الأصفر، ونقاط التمركز قرب السياج، والحاجز الذي فشل فشلاً ذريعاً في السابع من أكتوبر 2023، ووحدات الدفاع عن التجمعات السكنية".
عند سؤاله عمّا إذا كان على علم بأي خطط تتعلق باستيطان إسرائيلي مستقبلي في غزة، أجاب المسؤول الميداني: "لم أتلقَّ أي تعليمات من هذا النوع. بصفتي ضابطاً عسكرياً، فإنني أتعامل فقط مع العمليات العسكرية ولا أنخرط في أمور تخص المستوى السياسي".
وزعم المسؤول في تصريحاته: "العدو ضعيف، لكنه لم يتخلَّ عن طموحاته". وأشار إلى محاولات يومية للاقتراب من "الخط الأصفر"، والتي يعتقد الجيش الإسرائيلي أنها تهدف إلى جمع معلومات استخباراتية واختبار جاهزية قواته.
وأضاف: "لا تزال هناك محاولات لخلق احتكاك، مثل إطلاق نار قنّاصة، وعبوات ناسفة، وصواريخ مضادة للدروع. لكن بدلاً من أن يحدث ذلك على طول الحدود مع التجمعات السكنية، فإنه يحدث عند الخط الأصفر".
استعدادات إسرائيلية
وقال المسؤول الإسرائيلي للصحيفة، إنه "من الممكن جداً أن يتم نقل الحاجز الإسرائيلي إلى الخط الأصفر. رئيس الأركان عرّف الخط الأصفر على أنه خط الحدود الجديد، ونحن نتعامل معه على هذا الأساس. واجبنا هو الاستعداد لأسوأ السيناريوهات الممكنة، ولا نزال ندمّر البنية التحتية للعدو".
وأضاف: "نحن نرسّخ وجودنا هنا إلى أن تقرر القيادة السياسية خلاف ذلك. نحن مرنون، وإذا طُلب منا الانسحاب خلال شهر، سنعرف كيف نفعل ذلك".
وتشير تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إلى عدم وجود نية للانسحاب، إذ قال في وقت سابق، الثلاثاء: "إسرائيل لن تغادر غزة أبداً". وأضاف أن رؤيته تتضمن إقامة منطقة أمنية واسعة داخل غزة لحماية التجمعات الإسرائيلية، وأنه في القطاع الشمالي قد يتم لاحقاً إنشاء مجموعات استيطانية.
كما أعلن كاتس، الخميس، عزم إسرائيل بناء منطقة عسكرية كبيرة داخل قطاع غزة حتى في حال دخول اتفاق وقف إطلاق النار المرحلة الثانية، لافتاً إلى أنه "سيسمح للمستوطنين بالعيش هناك في وقت ما مستقبلاً"، وذلك بعد يومين من تصريحاته المثيرة للجدل بشأن بناء مستوطنات داخل القطاع.
وقال كاتس، خلال مؤتمر نظمته صحيفة "مكور ريشون"، إن إسرائيل لن تنسحب من غزة انسحاباً كاملاً، "ستكون هناك منطقة أمنية كبيرة داخل القطاع، حتى بعد الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق السلام، وقيام حماس بنزع سلاحها"، زاعماً أن تل أبيب "ستفرض هذه المنطقة العسكرية داخل غزة لحماية التجمعات الإسرائيلية"، حسبما أوردت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وتنص خطة السلام المكونة من 20 نقطة، والتي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على أن "إسرائيل لن تحتل غزة ولن تضمّها"، وأنه بمجرد نشر "قوة الاستقرار الدولية" ستتراجع القوات الإسرائيلية "حتى تنسحب بشكل كامل من غزة".
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، أعرب عدد من أعضاء التحالف اليميني المتشدد برئاسة بنيامين نتنياهو مراراً عن رغبتهم في إعادة بناء المستوطنات بقطاع غزة، والتي تم إخلاؤها في عام 2005.
انتقادات مصرية لتل أبيب
وتأتي تصريحات كاتس التي تتناقض مع الخطة الأميركية، فيما تبذل دول الوساطة في اتفاق وقف النار (الولايات المتحدة، ومصر، وقطر، وتركيا)، جهوداً حثيثة لبدء المرحلة الثانية من الاتفاق في مطلع العام المقبل، وذلك عقب محادثات بين مسؤولين أميركيين وقطريين ومصريين وأتراك، في ميامي، قبل أيام، توصلت إلى "تفاهمات واعدة" بشأن المرحلة الثانية.
وكان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، قال الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ويريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار الدولية "أدواراً لا تتعلق بها" عبر تولي مهمة نزع سلاح حركة حماس والفصائل الفلسطينية.
وأضاف رشوان، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "القاهرة" الإخبارية، أن دور قوة الاستقرار الدولية هو مراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية والفصل بينها وبين أهل غزة، ولفت إلى أن نتنياهو يريد إدخال القوة الدولية في قضية نزع سلاح "حماس"، وأوضح: "هذه قضية لن توافق عليها الدول الشريكة، لأنها لم تأت لكي تدخل في معارك أو تصطدم بشعب غزة والسكان".
واعتبر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات التابعة للرئاسة المصرية، أن نتنياهو "يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد"، وذكر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يرى أن صدور قرار بالعفو عنه في الدعاوى المرفوعة ضده "مفتاح كل شيء".
واعتمد مجلس الأمن الدولي، في نوفمبر، قراراً مقدماً من الولايات المتحدة يحمل رقم 2803 ويأذن بإنشاء "قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة"، وذلك بعد تأييد 13 عضواً وامتناع روسيا والصين عن التصويت.
وتابع رشوان أن نتنياهو يسعى إلى "إشعال المنطقة بعيداً عن غزة"، ويريد جذب انتباه الرئيس الأميركي لقضايا أخرى بعيداً عن غزة، بالحديث عن قضايا مثل إيران وسوريا ولبنان، ويريد من ترمب أن "يطلق يده في إيران".
وتوقع رشوان عدم استجابة الرئيس الأميركي لمحاولات نتنياهو، مشيراً إلى حديث ترمب في وقت سابق عن رغبته في التفاوض مع إيران.











