
بعد عام من الجمود السياسي وفشل متكرر في تشكيل حكومة، يتوجه الناخبون في كوسوفو، الأحد، إلى انتخابات برلمانية مبكرة ينظر إليها على أنها "حاسمة لمستقبل البلاد السياسي ومسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي"، وفق "بوليتيكو".
وتأتي هذه الانتخابات في ظل عجز حزب "تقرير المصير" الحاكم بزعامة ألبين كورتي (49 عاماً) عن تشكيل حكومة رغم تصدره الانتخابات السابقة، وما رافق ذلك من توتر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وسط محاولات من أحزاب المعارضة لتشكيل حكومة بديلة وتفادي جمود سياسي جديد قد يكلّف كوسوفو فرصاً حيوية للدعم والاندماج الأوروبي.
وأظهرت انتخابات فبراير الماضي، فائزاً واضحاً هو حزب "تقرير المصير" الحاكم بزعامة رئيس الوزراء المكلّف ألبين كورتي، الذي حصل على 42% من الأصوات. لكنه فشل في تأمين أغلبية مطلقة، ولم يتمكن لاحقاً من تشكيل ائتلاف مع أي حزب آخر.
ودفع حزب كورتي، كوسوفو، إلى مزيد من العزلة، إذ أن نهجه الشعبوي اليساري ومساعيه لفرض سيادة كوسوفو في الشمال ذي الغالبية الصربية أدّت إلى توتر العلاقات مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما أسفر عن إجراءات عقابية.
ولم ترغب أي من أحزاب المعارضة الرئيسية في العمل مع حزب تقرير المصير، كما لم توافق على محاولات كورتي المتعددة لترشيح رئيس للبرلمان. بل إن كورتي عرض حتى التخلي عن منصبه كرئيس للوزراء لتهدئة المعارضة، لكن دون جدوى.
وأجبر ذلك الرئيسة، فيوسا عثماني، على الدعوة إلى انتخابات مبكرة، لتصبح هذه سابع انتخابات برلمانية في كوسوفو منذ إعلان استقلالها عن صربيا في عام 2008.
وقبيل تصويت الأحد، لا تُظهر أحزاب المعارضة مثل رابطة كوسوفو الديمقراطية LDK، والحزب الديمقراطي لكوسوفو PDK، وتحالف مستقبل كوسوفو AAK، أي مؤشرات على تغيير موقفها من كورتي.
العلاقات مع الناتو والغرب
وقال هاكي أبازي، المرشح البرلماني عن تحالف مستقبل كوسوفو، لمجلة "بوليتيكو": "ترى أحزاب LDK وPDK وAAK أن كورتي شعبوي أضرّ بالعلاقات مع الغرب وعرقل عضوية الناتو ومسار الاندماج في الاتحاد الأوروبي".
وكان أبازي نائباً لرئيس الوزراء في حكومة كورتي الأولى في عام 2019، لكنه طُرد لاحقاً من الحزب بسبب خلافات بشأن التوجه السياسي. وأضاف: "يُنظر إلى كورتي على أنه سام ومُفكِّك"، موضحاً أن هذا هو السبب في أن الأحزاب الثلاثة لن تُشكّل ائتلافاً مع زعيم تقرير المصير.
وهناك احتمال أن تُشكّل أحزاب المعارضة الثلاثة ائتلافاً، لمنع حدوث جمود سياسي جديد، وهو سيناريو وصفه أبازي بأنه "مرجّح جداً".
لكن النائبة بليرتا ديليو كودرا، من الحزب الديمقراطي لكوسوفو قالت لـ"بوليتيكو": "يبقى أن نرى ما ستكون عليه الأرقام"، وإن كانت تتوقع تشكيل حكومة من دون كورتي رئيساً للوزراء.
وقال مرشح الحزب الديمقراطي لكوسوفو، حيدر بيقا، لـ"بوليتيكو"، إن "حكومة كورتي ألحقت ضرراً بالغاً بعملية اندماج كوسوفو الأوروبية"، مشدداً على الحاجة إلى حكومة جديدة "تعيد البلاد إلى مسار آمن نحو الاتحاد الأوروبي".
في المقابل، قالت نائبة وزير الخارجية بالوكالة والمرشحة عن "تقرير المصير"، ليزا جاشي، لـ"بوليتيكو"، إن الحزب الحاكم خلال ولاية كورتي "عزّز المؤسسات الديمقراطية، وحسّن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، ووسّع الحماية الاجتماعية، وحكم بنزاهة واستقرار. تقرير المصير يدخل هذه الانتخابات بسجل حُكم قوي ودعم شعبي واسع".
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
وفي الوقت نفسه، لا يزال طلب كوسوفو بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي معلقاً، بحسب ما قالت عثماني خلال قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي.
وكانت كوسوفو قد تقدمت بالطلب عام 2022، لكن لم يُحرز أي تقدم يُذكر منذ ذلك الحين.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خلال القمة أن الاتحاد الأوروبي سيرفع العقوبات المفروضة على كوسوفو بسبب التوترات في الشمال ذي الغالبية الصربية، وسيفرج عن أكثر من 400 مليون يورو من المساعدات المالية.
لكن إذا فشلت البلاد في تشكيل حكومة مرة أخرى، فإن كوسوفو تخاطر بفقدان الوصول إلى خطة النمو البالغة 6 مليارات يورو لغرب البلقان، إذ يتعين عليها تنفيذ إصلاحات لفتح باب التمويل.
وقال بيسار جيرجي، الخبير في شؤون الاندماج الأوروبي في مجموعة الدراسات القانونية والسياسية، وهي مركز أبحاث في كوسوفو: "تواجه كوسوفو بالفعل معركة شاقة بسبب خمس دول في الاتحاد الأوروبي لا تعترف بها، ولا يمكن للبلاد تحمّل عام آخر يضيع بسبب عجز السياسيين عن القيام بما انتُخبوا من أجله".
ولا تعترف كل من قبرص وسلوفاكيا وإسبانيا واليونان ورومانيا بكوسوفو.
وعندما سألتها "بوليتيكو" عما يمكن توقعه من انتخابات الأحد، أعربت عثماني عن ثقتها في أنها ستفي بـ"أفضل المعايير الديمقراطية"، وستُسفر عن نتائج سريعة وتسمح بالتشكيل السريع لمؤسسات الحكم.











