يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، في ولاية فلوريدا نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لبحث المرحلة الأخيرة من مفاوضات السلام الرامية إلى إنهاء الحرب بين موسكو وكييف، فيما استبق وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، اللقاء باتهام الحكومة الأوكرانية وحلفائها الأوروبيين، بـ"عدم الاستعداد للدخول في مفاوضات بنّاءة".
وقال زيلينسكي للصحافيين، مساء السبت، عند توقفه في كندا، قبل التوجه إلى فلوريدا، إنه يخطط لبحث الضمانات الأمنية، ووملفات السيطرة على منطقتي دونيتسك وزابوريجيا، مع ترمب.
وأشار زيلينسكي إلى أن موضوعات النقاش ستشمل ما وصفه بـ"أكبر نقطتي خلاف بين واشنطن وكييف" في مفاوضات السلام، وهي مستقبل منطقة دونباس في شرق أوكرانيا التي تطالب بها موسكو كاملاً، ومحطة زابوريجيا للطاقة النووية، الخاضعة للسيطرة الروسية.
وأضاف زيلينسكي، أنه سيسعى لضمان وجود "أقل عدد ممكن من القضايا العالقة" في محادثاته مع ترمب، مع احترام "الخطوط الحمراء لأوكرانيا"، مشيراً إلى أنه سيعطي الأولوية أيضاً لمناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا، حسبما أوردت وكالة "أسوشيتد برس".
وكان زيلينسكي قد ذكر أن الولايات المتحدة تعهدت في مسودة خطة السلام بتقديم ضمانات تعكس المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ما يعني أن أي هجوم على أوكرانيا سيؤدي إلى رد عسكري جماعي من الولايات المتحدة وحلفائها.
وقال زيلينسكي في وقت سابق من الأسبوع الجاري لموقع "أكسيوس"، إن الولايات المتحدة عرضت اتفاق للضمانات الأمنية لمدة 15 عاماً قابلة للتجديد، لكن كييف تريد اتفاقاً أطول مع أحكام ملزمة قانونياً للمساعدة في الحماية من أي هجوم روسي في المستقبل.
ولكن ترمب قال لمجلة "بوليتيكو"، الجمعة، إن زيلينسكي "لا يملك أي شيء حتى أوافق أنا عليه، لذلك سنرى ما الذي لديه".
أبرز القضايا المطروحة على طاولة زيلينسكي وترمب
- الضمانات الأمنية:
يريد زيلينسكي اتفاقاً ملزماً على غرار المادة الخامسة من ميثاق الناتو، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة عرضت اتفاقاً لمدة 15 عاماً قابلة للتجديد.
- تبادل الأراضي:
لا تزال قضية السيطرة على الأراضي نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات، فروسيا تصر على سيطرتها الكاملة على دونباس، لكن زيلينسكي يرفض الاعتراف بالسيطرة الروسية، ولكنه منفتح على مناطق منزوعة السلاح.
- محطة زابوريجيا للطاقة النووية:
لا تزال قضية محطة زابوريجيا للطاقة النووية، التي تخضع للسيطرة الروسية منذ بداية الحرب، دون حل، فيما أبدى زيلينسكي انفتاحه على "تشغيل ثلاثي مشترك" بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا.
- الموقف من روسيا:
يرى زيلينسكي أن روسيا غير مستعدة لإنهاء الحرب، ويسعى لإقناع ترمب بالتشدد مع موسكو، ودفعها إلى الموافقة على خطة السلام.
ويصر الرئيس الروسي على أن بلاده ستحقق جميع أهداف "عمليتها العسكرية الخاصة" ولو بالقوة.
وبينما يستعد زيلينسكي لإجراء محادثات مع ترمب، استبعد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف رغبة كييف وحلفائها الأوروبيين في إجراء محادثات بناءة لإنهاء الحرب.
وقال لافروف في مقابلة مع وكالة "تاس" الروسية، الأحد: "نرى أن نظام فولوديمير زيلينسكي وحلفائه الأوروبيين غير مستعدين للانخراط في محادثات بنّاءة".
وأضاف الوزير الروسي: "هذا النظام يرهب المدنيين من خلال استهداف البنى التحتية المدنية في بلادنا بأعمال التخريب".
استهداف القوات الأوروبية
وجدد وزير الخارجية الروسي، خلال تصريحاته، التأكيد على أن موسكو، ستستهدف "أي وحدات عسكرية أوروبية" يتم نشرها في أوكرانيا، كما اتهم الساسة الأوروبيين بأنهم مدفوعون "بأطماع" في علاقاتهم مع كييف "متجاهلين مصالح شعب أوكرانيا وشعوب دولهم"، في إشارة إلى خطط ما يسمى بـ"تحالف الراغبين"، والذي يسعى لنشر قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا، بعد انتهاء الحرب.
ومساء السبت، نشر الكرملين مقطع فيديو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرتدياً الزي العسكري، خلال تلقيه تقارير من كبار القادة العسكريين في مركز قيادة عسكري غير محدد الموقع.
وأبلغ رئيس الأركان العامة الروسية، فاليري جيراسيموف، بوتين بأن القوات الروسية سيطرت بشكل كامل على مدينة ميرنوهراد في منطقة دونيتسك، حيث تستخدم روسيا اسمها السوفيتي القديم "ديميتروف"، وكذلك مدينة جوليايبولي في منطقة زابوريجيا، إضافة إلى عدد من البلدات الأخرى.
وقال بوتين: "إذا لم تكن سلطات كييف مستعدة لإنهاء الأمر سلمياً، فسوف نحقق جميع الأهداف التي حددناها في العملية العسكرية الخاصة بالوسائل العسكرية".
مسودة محدثة لخطة السلام
وكشف زيلينسكي، هذا الأسبوع، عن خطة محدثة من 20 نقطة لإنهاء الحرب. وتشمل المقترحات، التي تم تطويرها بالتعاون مع الولايات المتحدة، مجموعة واسعة من القضايا، من بينها الضمانات الأمنية التي تريدها أوكرانيا لمنع أي هجوم روسي في المستقبل.
وتقضي الخطة المحدّثة بتحويل منطقة دونباس، التي تُسيطر القوات الروسية على جزء كبير منها حالياً، إلى "منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح، لا وجود فيها لا للقوات الأوكرانية ولا الروسية".
وإنشاء منطقة اقتصادية حرة سيحتاج إلى تحديد جهة إدارة الإقليم، وهو ما قد يشمل نشر قوات حفظ سلام أجنبية، وهو أمر عارضته موسكو سابقاً، كما أن الجانبين سيواجهان صعوبة في الاتفاق على الدول التي قد تساهم بقوات في مثل هذه المهمة.
وتقترح الخطة أيضاً أن تتبنى روسيا رسمياً سياسة "عدم الاعتداء" تجاه أوكرانيا وأوروبا، كما تقبل بانضمام أوكرانيا مستقبلاً إلى الاتحاد الأوروبي، وتقر بحق كييف في المطالبة بتعويضات من موسكو، وتدعم إنشاء أدوات استثمار مخصصة لإعادة إعمار البلاد.
وتنص المسودة المعدلة كذلك على إدارة مشتركة لمحطة زابوريجيا النووية بين السلطات الأوكرانية والروسية والأميركية.
وتدعو الخطة كلاً من أوكرانيا وروسيا إلى إدخال مناهج تعليمية تُعزز "التسامح الثقافي"، فيما يُتوقع من كييف تطبيق لوائح الاتحاد الأوروبي الخاصة بحماية الأديان واللغات والأقليات.
أبرز بنود مسودة خطة السلام الجديدة في أوكرانيا
- تحويل منطقة دونباس التي تُسيطر القوات الروسية على جزء كبير منها حالياً، إلى "منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح"، لا وجود فيها للقوات الأوكرانية أو الروسية.
- التزام روسيا رسمياً بسياسة "عدم الاعتداء" تجاه أوكرانيا وأوروبا.
- قبول موسكو بانضمام أوكرانيا في المستقبل إلى الاتحاد الأوروبي.
- إقرار روسيا بـ"حق كييف في المطالبة بتعويضات"، ودعم إنشاء أدوات استثمار مخصصة لإعادة إعمار أوكرانيا.
- "إدارة ثلاثية مشتركة" لمحطة زابوريجيا النووية بين السلطات الأوكرانية والروسية والأميركية.
- مناهج تعليمية في كل من روسيا وأوكرانيا لتعزيز "التسامح الثقافي".
- إلزام كييف بتطبيق لوائح الاتحاد الأوروبي الخاصة بحماية الأديان واللغات والأقليات.
وكانت خطة السلام الأصلية لإدارة ترمب قد صيغت هذا الشهر عبر مفاوضات بين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ومسؤولين روس.
وخضعت الوثيقة لتعديلات كبيرة، وكانت محور مباحثات ثلاثية في ميامي نهاية الأسبوع الماضي.
وبينما أقر زيلينسكي بوجود نقاط خلاف حول مسألة الأراضي ومحطة زابوريجيا النووية، فإن القضية الأكبر تظل ما إذا كانت روسيا ستوافق على المسودة أصلاً، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت متحدثة باسم الخارجية الروسية، الخميس، إن هناك "تقدماً بطيئاً لكنه ثابت" في المفاوضات مع الولايات المتحدة.
وتُعد خطة النقاط العشرين نتاج جهود دبلوماسية جديدة أطلقتها إدارة ترمب منذ الخريف.
وخلال زيارته إلى كندا، السبت، ناقش زيلينسكي، مع قادة الاتحاد الأوروبي، في اجتماع عبر الفيديو، "أهم الأولويات والتقدّم" في المسار الدبلوماسي لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، حسبما ذكر بيان.
وشارك في الاجتماع إلى جانب زيلينسكي ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فيريدريش ميرتس، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، ورؤساء وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، وبولندا دونالد توسك، وهولندا ديك شوف، والنرويج يوناس جار ستوره، والسويد أولف كريسترسون، وأمين عام الناتو مارك روته، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.
وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، عن ترحيب الاتحاد بجميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم يحفظ سيادة أوكرانيا ووحدة وسلامة أراضيها، مشيرة إلى تواصلها مع عدد من قادة التكتل، قبل اجتماع زيلينسكي وترمب.









