أسرى "نفق الحرية".. قصص التعذيب ورحلة العمر وصدفة الاعتقال

time reading iconدقائق القراءة - 8
قوات الأمن الإسرائيلية تقف بجانب الأسيرين الفلسطينيين زكريا الزبيدي ومحمود العارضة بعد اعتقالهما، 11 سبتمبر2021 - REUTERS
قوات الأمن الإسرائيلية تقف بجانب الأسيرين الفلسطينيين زكريا الزبيدي ومحمود العارضة بعد اعتقالهما، 11 سبتمبر2021 - REUTERS
دبي-الشرق

كشف محامو هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، تعرّض الأسرى الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم إثر فرارهم من سجن جلبوع، للضرب والتعذيب القاسي والحرمان من النوم والطعام والشراب، إضافة إلى الإهانة والتعرية الجسدية. 

وتمكن المحامون من زيارة الأسرى، الأربعاء، في تواصل منفصل، بعدما اشترطت الاستخبارات الإسرائيلية أن يقوم كل محامٍ بزيارة أسير واحد فقط من الأسرى الأربعة الذين تم ضبطهم من بين 6 تمكنّوا من الفرار عبر نفق حفروه في زنزانتهم بسجن جلبوع. 

وجاءت الزيارات بعدما تمكنت هيئة شؤون الأسرى، من انتزاع قرار قضائي من المحاكم الإسرائيلية يقضي برفع أمر منع لقاء المحامين، وفق ما أعلنت في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية، ما وصفته بـ"عمليات التنكيل الوحشية" بحق الأسرى، مؤكدة أنها "ستقوم، بالتعاون مع الأطراف والجهات ذات العلاقة، بتأمين وصول تقارير موثقة عن عملية تعذيبهم إلى لجنة التحقيق المستمرة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان، وكذلك رفع هذه التقارير للمحكمة الجنائية الدولية". 

محمد العارضة.. دون علاج أو طعام

ووصف المحامي خالد محاجنة حالة الأسير محمد العارضة بعد زيارته فجر الأربعاء، بالقول إنه منذ لحظة اعتقاله، يخضع للتحقيق على مدار الساعة، ولم ينم إلا قرابة 10 ساعات، ولم يتناول الطعام حتى يوم الثلاثاء، وتعرّض للاعتداء بشكل قاسٍ وأصيب بالرأس وفوق العين اليمنى، ويعاني جروحاً عديدة، ولم يتلقَّ العلاج حتى اللحظة. 

وأضاف المحامي، بحسب ما نقلت عنه "وفا"، أن المحققين يسعون إلى مساومة محمد العارضة بتهم واهية، لكنه رفضها جميعها وكان جوابه واضحاً: "تجولتُ في شوارع بلادي المحتلة لخمسة أيام، وكنت على أمل أن ألتقي والدتي. رحلتي هذه كانت كفيلة بأن تغنيني عن كل سنوات اعتقالي". ثم التزم تعليمات المحامين بالتزام الصمت أمام جميع الاتهامات.

وأضاف المحامي أن محمد العارضة محتجز في زنزانة ضيقة مُراقَبة على مدار الساعة بالكاميرات والحراس، ولا يستطيع الخروج منها إلّا إلى غرفة التحقيق، حيث يبقى مكبّل اليدين والرجلين. وكان مكبلاً ومحاطاً بـ6 حراس خلال زيارته له. 

وعن لحظة اعتقاله، قال المحامي إن القوات الإسرائيلية، اعتقلت محمد العارضة عندما كان نائماً في صندوق شاحنة، فحاول الهروب لكنه لم يستطع، ورغم ذلك تعرض للضرب.

"5 أيام من الحرية"

ونقل محاجنة عن محمد العارضة قوله إنه قُبيل اعتقاله مع رفيقه زكريا الزبيدي بـ48 ساعة، لم يشربا أي نقطة ماء، مؤكداً أنه لو كان بحوزتهما الماء لاستطاعا الصمود أكثر.

وقال المحامي إن الأسير محمد العارضة لا يعرف مَن اعتُقل من زملائه الذين فروا معه إلّا الزبيدي، الذي كان معه لحظة الاعتقال بعدما تفرق الأسرى الستة الهاربون بمجموعات من شخصين.

وأشار محمد العارضة إلى أنه لا يعلم شيئاً عن الزبيدي كون المحققين فرقوهما عن بعضهما عند وصولهما إلى مركز تحقيق الجلمة، ويخفون عنه جميع المعلومات. 

وقال المحامي إن الأسير محمد العارضة كان فرحاً بجولته في أراضي عام 1948، ونقل عنه أن التفاصيل البسيطة التي شاهدها عوّضته عن 22 سنة داخل المعتقل، إذ إنه أكل ثمار الصبّار للمرة الأولى منذ 22 عاماً من أحد الحقول في سهل مرج ابن عامر، وقال إنه "سيكتب عن رحلته لخمسة أيام حراً في أراضي عام 1948 بعد 22 عاماً من الاعتقال".

الزبيدي: لم نطلب مساعدة أحد

وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في بيان إن المحامي أفيجدور فيلدمان، تمكن من زيارة الأسير زكريا الزبيدي بمعتقل الجلمة، ظهر الأربعاء، وتبين أنه تعرض للضرب والتنكيل خلال عملية اعتقاله، ما أدّى إلى إصابته بكسور في الفك والأضلاع. 

وأوضحت الهيئة أن الزبيدي نُقل إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية وأُعطي المسكّنات فقط بعد الاعتقال، كما أنه يعاني من كدمات وخدوش في مختلف أنحاء جسده بفعل الضرب والتعذيب. 

وقالت الهيئة إن الزبيدي أبلغ المحامي بأنه ورفاقه الفارين "على مدى الأيام الأربعة التي تحرروا فيها، لم يطلبوا المساعدة من أحد، حرصاً على أهلنا بأراضي 1948 من أي تبعات أو عقوبات إسرائيلية بحقهم، ولم يتناولوا الماء طوال فترة تحررهم، وكانوا يأكلون ما يجدون من ثمار في البساتين كالصبار والتين وغيره". 

محمود العارضة.. اعتقال بالصدفة

وقال المحامي رسلان محاجنة إن موكله الأسير محمود العارضة تعرّض لتعذيب قاسٍ خلال التحقيق، شمل الاعتداء عليه بالضرب المبرح، وهو يعاني جروحاً في كل أنحاء جسده ورأسه، ولم يتلقَّ علاجاً حتى اللحظة، كما أنه لم ينم سوى ساعات قليلة منذ إعادة اعتقاله مساء الجمعة الماضي. 

وبشأن تفاصيل عملية الاعتقال، نقل المحامي عن الأسير محمود العارضة قوله إنه وزملاءه الخمسة الباقين حاولوا "قدر الإمكان عدم دخول القرى الفلسطينية في أراضي عام 1948 حتى لا يتعرض أي شخص للمساءلة"، وإنهم ظلوا مع بعضهم حتى وصلوا إلى قرية الناعورة ودخلوا المسجد، ومن هناك تفرقوا إلى مجوعات تضم كل منها اثنين منهم. 

وأضاف أن اعتقاله مع الأسير يعقوب قادري "جاء صدفة، ولم يبلغ عنّا أي شخص من الناصرة، إذ مرّت دورية شرطة وعندما رأتنا توقفت وتمت عملية الاعتقال".

إجراءات قمعية

ويوم الاثنين 6 سبتمبر، تمكن 6 أسرى فلسطينيين من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع، وهم: محمود عبد الله عارضة، ومحمد قاسم عارضة، ويعقوب محمود قادري، وأيهم نايف كممجي، وزكريا الزبيدي، ومناضل يعقوب انفيعات.

ومساء الجمعة، أي بعد 4 أيام، أعلنت الشرطة الإسرائيلية اعتقال الأسيرين محمود العارضة ويعقوب القادري في الناصرة، ثم اعتقلت فجر السبت الأسيرين محمد العارضة وزكريا الزبيدي في قرية شبلي جنوبي الناصرة، فيما لا يزال الأسيران مناضل نفيعات وأيهم كممجي حرّين.

وعقب عملية الفرار، صعّدت إدارة السجون الإسرائيلية إجراءاتها القمعية بحق الأسرى الفلسطينيين، ما دفع بالأسرى إلى الدخول في إضراب جماعي.

إضراب جماعي

وتراجع نحو 1400 معتقل فلسطيني في السجون الاسرائيلية، الأربعاء عن الإضراب عن الطعام الذي كانوا ينوون البدء به الجمعة، بعدما وافقت مصلحة السجون الإسرائيلية على مطالبهم، حسب ما أفاد به نادي الأسير الفلسطيني.

وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين، قدري أبو بكر، أعلن الثلاثاء، "انخراط 1380 أسيراً موزعين على 8 سجون في الإضراب"، بدءاً من يوم الجمعة احتجاجاً على تردي أوضاعهم. ووصف أبو بكر، الوضع بأنه "سيئ جداً داخل السجون".  

وقال نادي الأسير الفلسطيني، وهو هيئة تعنى بمتابعة شؤون الأسرى في السجون الإسرائيلية، في بيانه: "قررت الحركة الأسيرة وبشكل موحد ومتناغم تعليق خطوة الإضراب الجماعي عن الطعام، بعد الاستجابة لمطالبها".

ومن أبرز المطالب التي كان الأسرى يرفعونها على حد قول نادي الأسير، "وقف العقوبات الجماعية المضاعفة عقب العملية البطولية التي نفذها أبطال نفق الحرية".

اقرأ أيضاً: