طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، باسم بلاده، "الصفح" من "الحركيين الجزائريين"، وهم الجزائريون الذين قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي خلال حرب الاستقلال الجزائرية.
وقال ماكرون، خلال مراسم استقبال "الحركيين الجزائريين" في قصر الإيليزيه: "أقول للمقاتلين: لكم امتناننا، لن ننسى، أطلب الصفح، لن ننسى، شرف الحركيين يجب أن يحفر في الذاكرة الوطنية".
ووعد ماكرون "قبل نهاية السنة بطرح مشروع يهدف إلى أن نُضَمن قوانيننا اعترافاً بالحركيين والتعويض لهم".
وأضاف أن "شرف الحركيين يجب أن يُحفر في الذاكرة الوطنية"، داعياً إلى "تضميد الجروح التي يجب أن تندمل من خلال كلام يشدد على الحقيقة، وبادرات تعزز الذاكرة وتدابير ترسخ العدالة".
وتنص "خطة الحركيين" الجديدة على تخصيص 40 مليون يورو على أربع سنوات من أجل رفع معاشات المقاتلين القدامى ومساعدة أولادهم الذين يعيشون في ظروف مالية هشة، بحسب "فرانس برس".
من هم الحركيون؟
والحركيون مقاتلون سابقون يصل عددهم إلى 200 ألف، جُندوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب الجزائر بين العامين 1954 و1962.
وفي ختام هذه الحرب تعرض جزء من هؤلاء المقاتلين الذين تخلت عنهم باريس لأعمال انتقامية في الجزائر.
ونقل عشرات الآلاف منهم برفقة الزوجات والأطفال إلى فرنسا حيث وضعوا في "مخيمات مؤقتة" لا تتوافر فيها ظروف العيش الكريم ما ترك ندوباً لا تمحى، وفقاً لـ"فرانس برس".
وسعت لجنة الاتصال الوطنية للحركيين إلى الحصول على "اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها وخطئها عند نزع سلاح الحركيين والتخلي عنهم، وتعرضهم لمجزرة بعد اتفاقيات إيفيان ووقف إطلاق النار في 19 مارس 1962".
وطلبت أيضاً الاعتراف بـ"السجن التعسفي للناجين في مخيمات وأماكن احتجاز غير لائقة دون قرار قضائي ولفترة غير محددة، بمجرد وصولهم إلى فرنسا".
فرنسا تقر بمسؤوليتها
وفي عام 2016، اعترفت فرنسا للمرّة الأولى بالتخلّي عن الحركيين الجزائريين، عقب انسحاب قواتها من الجزائر في عام 1962.
وقال الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا هولاند، إن فرنسا "مسؤولة عما حدث للمتطوعين الجزائريين".
وتابع: "أعترف بمسؤولية الحكومات الفرنسية في التخلي عن المقاتلين الجزائريين، سواء المجازر التي تعرض لها الذين بقوا في الجزائر أو كذلك الظروف غير الإنسانية التي عاش بها من رحلوا إلى فرنسا".
اليوم الوطني للحركيين
وجاء حفل الاستقبال في قصر الإليزي من قبل الرئيس ماكرون قبل أيام قليلة من اليوم الوطني للحركيين.
ومنذ عام 2003، تحتفل فرنسا في 25 سبتمبر من كل عام باليوم الوطني للحركيين، تكريماً للجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي، بحسب قناة "RFI" الفرنسية.
وبحسب القناة، فإن "الحركيين" غالباً ما يبدون تعاطفاً سياسياً مع التجمع الوطني اليميني "المتطرف"، بزعامة مارين لوبان التي تعد أبرز منافسي ماكرون خلال الانتخابات الرئاسية المقبل في فرنسا.
ملف الذاكرة
وفي يناير الماضي، انتقد الحركيون التقرير الذي أعدّه المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، بتكليف من ماكرون، عن الاستعمار وحرب الجزائر، والذي يحوي اقتراحات تصوية قضايا الذاكرة العالقة.
ودعا بنجامان ستورا في تقريره إلى "تسهيل تنقل الحركيين الذي يعتبرهم جزء من الجزائريين خونة متعاونين مع الاستعمار، وأبنائهم بين فرنسا والجزائر"، في حين اعتبرت لجنة الاتصال الوطنية للحركيين أن ذلك من قبيل "ذر الرماد في العيون"، لأنه "موجود منذ وقت طويل".