تتجه الجزائر لمنع السفن العسكرية الفرنسية من الرسو في موانئها البحرية، حسبما ذكر موقع "مينا ديفينس" الجزائري المختص في الشئون العسكرية، الأحد.
وتساءل الموقع عما إذا كانت الجزائر تتجه نحو تجميد تعاونها العسكري مع باريس، وذلك بعد قرار سابق بحظر الطائرات العسكرية لفرنسا من التحليق في الأجواء الجزائرية.
وأظهر موقع "فلايت رادار 24"، أن طائرة عسكرية فرنسية عادت أدراجها قبل وصولها إلى الحدود الجزائرية، وذلك بحسب ما نقله موقع "مينا ديفينس".
وأشار الموقع إلى أن الجزائر قررت أيضاً وقف تزويد فرنسا بالبنزين والكيروسين، لوحداتها في شمال مالي، ووقف أي تعاون ثنائي بينهما.
كما ذكر الموقع، أن اجتماعاً عسكرياً مهماً بين الجزائر وفرنسا، كان مقرراً عقده في باريس نهاية الشهر الماضي، تم إلغائه. وقد يكون هذا الإلغاء مرتبط بقرار فرنسا تقليص التأشيرات المخصصة للجزائر والمغرب وتونس.
ووفقاً للموقع، فقد شهد التعاون العسكري بين البلدين تراجعاً كبيراً، في الفترة ما بين فبراير 2020 وأبريل 2021، عقب حادث دبلوماسي خلال رسو سفينة بروتاني الفرنسية في العاصمة الجزائر، مبيناً أن الأوضاع عادت إلى طبيعتها بعد ذلك، خلال زيارة رئيس أركان الجيش الفرنسي فرانسوا لوكوانتر إلى الجزائر، في 8 أبريل الماضي، "حيث عاد الدفء إلى التعاون العسكري بين البلدين".
علاقات متوترة
وتشهد العلاقات بين باريس والجزائر توتراً كبيراً، على خلفية قرار باريس بشأن تقليص منح التأشيرات للجزائريين، وتصريحات منسوبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الماضي الاستعماري لبلاده في الجزائر.
وأعلن ناطق باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية الأحد، حظر الحكومة الجزائرية، لأجواء بلادها على الطائرات العسكرية الفرنسية، علماً أنها تستخدم عادة المجال الجوي الجزائري لدخول ومغادرة منطقة الساحل، حيث تنتشر قواتها في إطار عملية برخان.
وقال الكولونيل باسكال إياني لوكالة "فرانس برس"، "لدى تقديم مخططات لرحلتي طائرتين هذا الصباح، علمنا أن الجزائريين سيغلقون المجال الجوي فوق أراضيهم أمام الطائرات العسكرية الفرنسية"، لكنه أكد أن ذلك "لن يؤثر على العمليات أو المهام الاستخباراتية" التي تقوم بها فرنسا في منطقة الساحل.
ويأتي حظر تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية في أجواء الجزائر في مرحلة بالغة الحساسية بالنسبة لهيئة الأركان العامة الفرنسية، التي تجري منذ أسابيع إعادة تنظيم لقواتها في منطقة الساحل والصحراء وخصوصاً في شمال مالي عند الحدود مع الجزائر.
وكانت الرئاسة الجزائرية قد قالت مساء السبت، إنها ترفض رفضاً قاطعاً "أي تدخل في شؤونها الداخلية"، في إشارة إلى تصريحات منسوبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال فيها إن الرئيس تبون "رهينة نظام متحجر"، كما شكك في وجود "أمة جزائرية" قبل الاستعمار الفرنسي.
وأضاف بيان الرئاسة الجزائرية أنه أمام هذه التصريحات "غير المسؤولة"، قرر الرئيس الجزائري الاستدعاء الفوري للسفير الجزائري للتشاور، بحسب ما نقله التلفزيون الجزائري الرسمي.
وأوضحت الرئاسة الجزائرية في بيان: "على خلفية التصريحات غير المكذّبة لعديد من المصادر الفرنسية والمنسوبة للرئيس الفرنسي، ترفض الجزائر رفضاً قاطعاً أي تدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما جاء في تلك التصريحات".
واعتبرت الرئاسة الجزائرية في بيانها، أن تصريحات ماكرون "تحمل في طياتها اعتداءً، غير مقبول، لذاكرة 5 ملايين و630 ألف شهيد، ضحوا بالنفس والنفيس، في مقاومتهم البطولية، ضد الغزو الاستعماري الفرنسي، وكذا في حرب التحرير الوطني المباركة".
وأضاف البيان أن "جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر لا تعد ولا تحصى، وتستجيب لتعريفات الإبادة الجماعية، ضد الإنسانية. فهذه الجرائم، التي لا تسقط بالتقادم، يجب ألا تكون محل تلاعب بالوقائع وتأويلات تخفف من بشاعتها".
أزمات سابقة
وقبل الأزمة الحالية التي تأتي مع قرب موعد الذكرى السنوية الستين لنهاية حرب التحرير واستقلال الجزائر، شهدت العلاقات بين البلدين لحظات عدة من التوتر.
ووفقاً لوكالة "فرانس برس"، تعود الأزمات بين البلدين إلى 23 فبراير 2005، عندما أقرَّ البرلمان الفرنسي قانوناً يعترف بـ"الدور الإيجابي للاستعمار"، وعلى الرغم من إلغائه لاحقاً، تسبب هذا القانون بإبطال معاهدة الصداقة بين البلدين، التي وقعها الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك ونظيره الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة.
وشهدت العلاقات الثنائية توترات حادة أحدث، ففي مايو 2020، استدعت الجزائر سفيرها صلاح البديوي على أثر بثِّ فيلم وثائقي حول الحراك المناهض للنظام في الجزائر على قناتين فرنسيتين رسميتين.
وفي أبريل الماضي، ألغى رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس في اللحظة الأخيرة زيارةً له إلى الجزائر بطلب منها، إذ إنها كانت مستاءة من حجم الوفد الوزاري الفرنسي.
اقرأ أيضاً: