كشف تحقيق الحكومة الأميركية في الأمراض الغامضة التي تؤثر على موظفي الولايات المتحدة في الخارج والداخل وتعرف باسم "متلازمة هافانا"، عن أدلة جديدة على أن الأعراض ناتجة عن "هجمات طاقة موجهة"، حسبما ذكر 5 مشرعين ومسؤولين مطلعين على الأمر لمجلة "بوليتيكو".
وقالت المجلة الأميركية في تقرير السبت، إنه "خلال الاجتماعات المغلقة، تتزايد ثقة المشرعين في أن روسيا أو حكومة أجنبية معادية أخرى تقف وراء الهجمات المشتبه بها، بناءً على إحاطات إعلامية دورية من مسؤولي الإدارة، على الرغم من أنه لا يوجد حتى الآن دليل دامغ يربط الحوادث بموسكو".
ونقلت عن مسؤول حالي وآخر سابق لديهما معرفة مباشرة بالمسألة، قولهما إن مجلس الأمن القومي عقد مؤخراً اجتماعات متكررة رفيعة المستوى بشأن هذه المسألة، في مؤشر على تسارع وتيرة تحقيق الحكومة.
وذكرت السيناتور الجمهورية عن ولاية مين سوزان كولينز التي كانت تقود حملة الضغط من أجل الحصول على إجابات في الكابيتول: "حدثت هجمات إضافية جديدة، وهو أمر يبعث على القلق الشديد".
وأضافت: "هذا الأمر يؤخذ على محمل الجد الآن، وهذا يُعزى إلى مدير وكالة الاستخبارات المركزية (وليام بيرنز) الذي كلّف أشخاصاً ذوي كفاءات عالية للعمل عليه".
بينما أعرب السيناتور الجمهوري ماركو روبيو نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ عن أمله في إحراز بعض التقدم لأنها "مشكلة تتصاعد"، قائلاً: "هذا ليس شيئاً حدث في الماضي، إنه شيء حدث ولا يزال مستمراً".
التحقيق مستمر
في المقابل، أكد مسؤول بإدارة الرئيس جو بايدن، أن التحقيق مستمر ولم يتوصل بعد إلى نتائج محددة.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: "نحن عازمون على الوصول إلى حقيقة هذا الأمر بأسرع ما يمكن. دوائر الاستخبارات تدرس بنشاط مجموعة من الفرضيات، لكنها لم تتخذ أي قرار بشأن سبب هذه الحوادث أو من المسؤول".
وفي وقت سابق من العام الجاري، عين مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز ضابطاً ساعد في مطاردة زعيم تنظيم "القاعدة" الراحل أسامة بن لادن، لقيادة تحقيق الوكالة.
وكان هذا التصعيد الأكثر أهمية في تحقيق الحكومة المستمر منذ فترة طويلة بشأن الحوادث، التي أُبلغ عنها لأول مرة في العاصمة الكوبية هافانا عام 2016، وأطلق عليها اسم "متلازمة هافانا".
"متلازمة هافانا"
تحظى هذه الظاهرة باهتمام رفيع المستوى، إذ واصل مسؤولون حكوميون الإبلاغ عن حوادث في بلدان عبر أوروبا وآسيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية على مدار العام.
وكان أبرز هذه الحوادث إرجاء رحلة نائبة الرئيس كامالا هاريس في أغسطس الماضي، من سنغافورة إلى فيتنام لأكثر من 3 ساعات، عندما أبلغ العديد من الموظفين الأميركيين عن أعراض تتفق مع "متلازمة هافانا" في هانوي.
وفي سبتمبر الماضي، أبلغ أحد أعضاء فريق بيرنز عن أعراض مماثلة، واضطر لتلقي رعاية طبية خلال رحلة مدير الوكالة إلى الهند، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية.
وكانت مجلة "بوليتيكو" أشارت لأول مرة في مايو الماضي، إلى أن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن "وحدة تجسس روسية محترفة، كانت تقف وراء الأحداث".
وعلى الرغم من أن بيرنز ومشرعين مطلعين على هذه المسألة، أشاروا بشكل علني إلى الحوادث على أنها هجمات، لا يزال بعض المسؤولين متشككين في النظرية السائدة، ووصف بعض أطباء الأعصاب البارزين هذا التفسير بأنه "غير قابل للتصديق".
"تفسير أكثر قبولاً"
لكن أعضاء لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الذين يتلقون تحديثات أسبوعية من دوائر الاستخبارات بشأن حالة التحقيق، قالوا إن أحدث المعلومات التي تلقوها دحضت إنكار المشككين.
وفي تصريحات عامة يشير هؤلاء المشرعون بشكل متزايد إلى الحوادث على أنها "هجمات طاقة موجهة".
رداً على الذين اتفقوا مع الرأي القائل بأن "الأعراض نفسية جسدية"، قال السيناتور الجمهوري ماركو روبيو: "أعتقد أن هذا دجل. أنا أدعوهم لتفسير ذلك للعشرات من الأشخاص الذين عانوا من إصابات دماغية موثقة التي في كثير من الحالات جعلتهم غير قادرين على العمل مجدداً".
وأوضح روبيو، وهو أحد المشرعين الثمانية المطلعين على المعلومات الاستخباراتية الأكثر حساسية، أن أطباء الأعصاب والمسؤولين الأميركيين الذين فحصوا الضحايا وجدوا أنهم يعانون من "إصابات دماغية مؤلمة للغاية" من المحتمل أن تكون ناتجة عن قوة خارجية.
وأفاد 3 أشخاص مطلعين على الأمر، بأن تحقيق لجنة الاستخبارات، بناءً على تحديثات أسبوعية من دوائر الاستخبارات، يواصل دعم تقرير ديسمبر 2020 الصادر عن "الأكاديمية الوطنية للعلوم" الذي خلص إلى أن التفسير الأكثر قبولاً للحوادث أنها "طاقة ترددات راديوية نبضية موجهة".
دعم الضحايا
يأتي هذا في الوقت الذي وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة، مشروع قانون يسمح بتقديم دعم إضافي للدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين الذين عانوا من إصابات دماغية في الخارج تعرف باسم "متلازمة هافانا"، في سلسلة من الحوادث "الغريبة".
وقال بايدن في بيان أورده البيت البيض: "أود أن أشكر الكونجرس على تمرير مشروع القانون بدعم جماعي من الحزبين، وإرسال رسالة واضحة مفادها أننا نعتني بأنفسنا"
وأضاف البيان: "كان التصدي لهذه الحوادث أولوية قصوى لإدارتي. نبذل قصارى جهدنا لتوفير الرعاية لموظفي الحكومة الذين تعرضوا لحوادث صحية غير طبيعية".
ووفقاً لموقع "أكسيوس"، فإن عدداً من الجمهوريين، ساهموا في صياغة مشروع القانون، وبينهم سوزان كولينز وماركو روبيو وجين شاهين، فضلاً عن الديمقراطي مارك وورنر.
يشار إلى أن ما يصل إلى 200 أميركي قالوا إنهم عانوا من أعراض المتلازمة، منهم دبلوماسيون في كوبا لأول مرة، ولكن تم الإبلاغ عنها منذ ذلك الحين بالصين وأوروبا، في حين اشتكى بعض المسؤولين من أنهم "لم يتلقوا العلاج المناسب من وزارة الخارجية الأميركية".
اقرأ أيضاً: