قبل أسبوعين من مؤتمر المناخ "كوب 26"، الذي تعقده الأمم المتحدة في جلاسكو باسكتلندا، شكلت اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اختباراً لتحديد مدى استعداد الدول الغنية للتعامل بجدية مع تغير المناخ، مع أن المنتقدين تكاتفوا للدعوة إلى اتخاذ إجراءات أكثر قوة.
وقال ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في حدث نظمه البنك الدولي، "أظن أن الوقت قد حان لنشمّر عن سواعدنا، ونضع خطة تحركنا بالتفصيل"، مضيفاً "مع تراجع التنوع البيولوجي أصبح الانتقال في مجال الطاقة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، لا يمكنني سوى التشجيع على العمل لحل هذه المشكلة".
لكن تحقيق الأهداف المطلوبة ليس سهلاً، إذ أشارت "بلاك روك" أكبر مجموعة لإدارة الأصول في العالم، إلى أن الاستثمارات "مكلفة جداً لكنها ضرورية لتجنب كارثة عالمية".
تريليون دولار سنوياً
وقال رئيس "بلاك روك" لاري فينك في تصريح لصحيفة "نيويورك تايمز"، إنه "يجب على الدول الغنية تخصيص قدر أكبر من أموال دافعي الضرائب لضمان الانتقال في الخارج إلى انبعاثات كربونية معدومة".
وأضاف، "سيتطلب تحقيق هدف انعدام الانبعاثات استثمارات بقيمة تريليون دولار سنوياً في البلدان الفقيرة"، موضحاً أن "هذه الدول تحتاج إلى 100 مليار دولار من المساعدات السنوية لتكون قابلة للاستمرار".
وأوضح فينك أنه "على الرغم من أن الرقم مخيف، ولا سيما أن العالم يتعافى من جائحة كورونا، سيؤدي عدم الاستثمار الآن إلى ارتفاع التكاليف في المستقبل".
وبشأن آثار تغير المناخ، أصدر البنك الدولي الشهر الماضي، تقريراً، يوضح أنه بسبب تراجع الإنتاج الزراعي ونقص المياه وارتفاع مستوى سطح البحر، وغيرها من الآثار السلبية لتغير المناخ، قد يُدفع نحو 216 مليون شخص إلى الهجرة داخل بلادهم بحلول عام 2050.
في الوقت نفسه، كشفت دراسة لصندوق النقد الدولي أن قيمة الدعم المالي المباشر وغير المباشر للوقود الأحفوري بلغت 5.9 تريليون دولار، أو نحو 6.8% من إجمالي الناتج المحلي العالمي في 2020، ما يساعد على تقويض الأهداف المناخية، من خلال إبقاء أسعار مصادر الطاقة هذه متدنية.
لكن يرى بعض المعارضين، أن البنك الدولي الذي يمول العديد من مشاريع التنمية في البلدان الفقيرة، لا يبذل جهوداً كافية، إذ وصل الأمر بتحالف من 77 مجموعة إلى المطالبة باستقالة رئيسه ديفيد مالباس.
ودافع مالباس عن أداء هذه المؤسسة المالية، مؤكداً أن نصف القروض مخصصة الآن لمشروعات تهتم بمكافحة تغير المناخ، في تغيير للمسار مقارنة بالسنوات الماضية، عندما كانت المؤسسة تمول مشروعات تثير جدلاً حاداً بسبب تأثيرها في البيئة.
توجهات واشنطن
وتوجهت الأنظار هذا الأسبوع إلى الولايات المتحدة، البلد المضيف لهذه الاجتماعات وواحدة من أكبر الدول المسببة لانبعاثات الكربون في العالم.
من جهتها، جمعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين هذا الأسبوع رؤساء الكثير من المؤسسات المقرضة المتعددة الأطراف، بينها البنك الدولي ومصارف التنمية في أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، وحثتهم على إنفاق المزيد من الأموال على مشاريع تهدف إلى التخفيف من تغير المناخ.
ويفترض أن تدرس وزارة الخزانة أيضاً التأثير في سكان الولايات المتحدة، إذ ضربت عواصف شتوية ولاية تكساس والوسط الغربي قبل شهور، أسفرت عن سقوط قتلى، واجتاحت حرائق غابات كاليفورنيا، وسجلت أعاصير متتالية ضربت الساحل الشرقي.
اقرأ أيضاً: