
أفاد تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الأحد، بأن نجل قائد الجيش الليبي السابق المشير خليفة حفتر، زار إسرائيل سراً الأسبوع الماضي، في محاولة لطلب "إقامة علاقات دبلوماسية"، والحصول على "مساعدة عسكرية"، وذلك قبل أسابيع من موعد انتخابات الرئاسة الليبية المقررة أواخر ديسمبر المقبل.
وقال كاتب التقرير، يوسي ميلمان، إن "طائرة خاصة مملوكة لحفتر، وتستخدم لنقل أفرد أسرته ومساعديه، وكان على متنها نجله صدام، أقلعت من دبي الاثنين الماضي، وهبطت في مطار بن جوريون. وظلت في المطار قرابة 90 دقيقة، ثم استأنفت رحلتها إلى وجهتها النهائية في ليبيا".
وأضاف التقرير أن "الأب والابن يسعيان للحصول على مساعدة عسكرية ودبلوماسية من إسرائيل، مقابل وعود بإقامة علاقات دبلوماسية، حال توليهما السلطة في ليبيا بعد الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر، لافتاً إلى أن "صدام حفتر يتلقى مساعدة من شركات علاقات عامة ومستشارين استراتيجيين من فرنسا، ودول أخرى".
ويعتبر صدام حفتر "الذراع اليمنى لوالده"، فيما يعاني الجنرال البالغ من العمر 77 عاماً من اعتلال صحته، وفق الصحيفة، حيث نُقل الجنرال حفتر قبل ثلاث سنوات، إلى مستشفى عسكري في باريس، بعد معاناته من مشكلات صحية كانت تهدد حياته.
وعين المشير حفتر نجله صدام قائد لواء في جيشه، ما منحه سلطة متزايدة منذ ذلك الحين، بحسب التقرير.
وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح هوية الأشخاص الذين التقاهم صدام حفتر "خلال مروره العابر بمطار بن جوريون"، أفادت تقارير بأن حفتر الأب أجرى اتصالات سرية مع إسرائيل، لا سيما من خلال قسم "تيفيل" (دائرة الاتصال مع أجهزة الاستخبارات الخارجية) في جهاز الموساد، التي التقى ممثلوها معه في عدد من المناسبات.
ويتولى "تيفيل" إقامة العلاقات السرية مع أجهزة الاستخبارات الخارجية والمنظمات غير الحكومية، والحكومات التي لا ترتبط بعلاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل. وحتى الآن، أقامت اتصالات مع ما يقرب من 200 كيان، وفق "هآرتس".
العميل "آر"
ولفت التقرير إلى أن ممثلي مجلس الأمن القومي الإسرائيلي واصلوا إجراء اتصالات مع ممثلي ليبيا لعدد من السنوات، بدأت في عهد رئيس المجلس آنذاك، مئير بن شبات، الذي عَيّن عميلاً سابقاً في الشاباك، يُعرف باسم "آر" فقط، لإقامة علاقات مع الدول العربية.
وأوضح التقرير أنه لا يُسمح بنشر الاسم الحقيقي للعميل "آر"، الملقب أيضاً بالاسم الرمزي "ماعوز" (Maoz)، بموجب قانون جهاز الأمن العام (الشاباك)، لافتاً إلى أن العميل "آر"، الذي اشتبك بشكل متكرر مع رئيس الموساد آنذاك يوسي كوهين بشأن تقسيم السلطات، تقاعد في يناير الماضي.
وبعد أن عين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، إيال هولاتا رئيساً لمجلس الأمن القومي، تعامل مع "الملف" الليبي نمرود جيز، وهو أيضاً مسؤول كبير سابق في الشاباك، قاد وحدة غزة في المنطقة الجنوبية للجهاز. ويشغل جيز منصب رئيس فرع مجلس الأمن القومي، الذي يغطي منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والعلاقات الدبلوماسية هناك.
ووفقاً للتقرير، يرتبط سبب زيارة صدام حفتر الأسبوع الماضي، بالانتخابات الليبية المقررة الشهر المقبل، التي تهدف إلى تشكيل حكومة مصالحة تجمع بين الجماعات المتناحرة والقبائل المشاركة في الصراع المستمرة منذ نحو عقد، منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
"تواصل" مع القذافي
ولطالما اهتمت إسرائيل بليبيا، بحسب التقرير، بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي في البحر المتوسط وقربها من الحدود المصرية، وأيضاً بسبب الجالية الكبيرة لليهود الليبيين في إسرائيل وتأثيرهم على اليهود الليبيين الذين هاجروا إلى إيطاليا.
وأشار التقرير إلى أنه "بعد صعود القذافي إلى السلطة أصبحت إسرائيل أكثر اهتماماً بليبيا، بسبب دعمه للجماعات الفلسطينية، التي قدم لها المال والسلاح والتدريب. كما جذبت محاولات القذافي للحصول على أسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية انتباه الاستخبارات الإسرائيلية، التي زرعت عملاء الموساد في البلاد، واستخدمت تدابير تقنية تابعة للاستخبارات العسكرية".
في الوقت نفسه، أجرى ممثلو إسرائيل أيضاً اتصالات ذات طابع دبلوماسي وإنساني مع نظام القذافي، وقد أدار هذه الاتصالات نجل القذافي، سيف الإسلام، من خلال رجال أعمال يهود من أصل ليبي، أحدهم هو والتر أربيب، الذي تتركز عملياته حول كندا.
وكما ذكرت صحيفة "هآرتس" قبل عقد، كان أربيب الوسيط الرئيسي الذي ساعد في إطلاق سراح المصور والفنان الإسرائيلي من أصل تونسي رافائيل حداد عام 2010، الذي اعتقل في ليبيا للاشتباه في قيامه بـ"التجسس".
في نفس الوقت من ذلك العام، وبناءً على طلب وزارة الخارجية الإسرائيلية، أقنع أربيب نجل القذافي بالتخلي عن نيته إرسال سفينة مساعدات إنسانية إلى غزة، وفي المقابل، تم الاتفاق على أن ترسو السفينة في العريش بسيناء، وإرسال حمولتها إلى غزة عبر معبر رفح.
وكجزء من الصفقة، قامت ليبيا ببناء عشرات المباني الجاهزة في غزة، وأطلقت إسرائيل سراح عدد من السجناء الفلسطينيين، بحسب التقرير.
"فرص ضئيلة" لحفتر
ولفت التقرير إلى أن الجنرال حفتر يريد أن يقود الحكومة الجديدة، لكنه يعلم أن فرصه في القيام بذلك ضئيلة، على غرار سيف الإسلام، الذي أُطلق سراحه من السجن في عام 2017 والذي يفكر في الترشح لرئاسة البلاد أيضاً.
وتوقع كاتب التقرير أن فرص صدام حفتر أفضل من فرص والده، رغم أنه مثل كثير من القادة الليبيين وجهت إليه اتهامات بـ"الفساد"، ويعيش أسلوب حياة ينم عن التفاخر والمغالاة. في حفل زفافه قبل عام، قدم هدايا لضيوفه تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار، وبحسب تقارير كان من بين الضيوف 40 شاعراً تغنوا بمدحه وأشادوا بعشيرته.
واختتم التقرير بالقول "إذا لعب صدام حفتر دوراً رئيسياً في حكومة الوحدة (إذا تم بالفعل تشكيل أي حكومة من هذا القبيل)، فستزداد فرص قيام ليبيا بإطلاق علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بتشجيع من دول في المنطقة وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن".
اقرأ أيضاً: