أظهر تحليل، أن الصين تستعد لتدشين حاملة الطائرات الثالثة والأكثر حداثة، خلال فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، في إطار جهود الرئيس شي جين بينج لإبراز قوة بلاده في أعالي البحار، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
ووَرَدَ في تقرير أعدّه "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" (مقره واشنطن) أن حوض جيانجنان لبناء السفن قرب شنغهاي حقق "تقدّماً ثابتاً" هذا العام في تشييد السفينة، المعروفة الآن باسم Type 003. وأضاف أن صوراً التقطتها أقمار اصطناعية تُظهر أن "تركيب المكوّنات الخارجية الأساسية لحاملة الطائرات على وشك الانتهاء".
تركيب المكوّنات الخارجية والداخلية الرئيسة، يشمل محطات الطاقة ونظام إطلاق الطائرات، ولم يتبقَ سوى عدد ضئيل من العناصر الإضافية، مثل الرادار وأنظمة الأسلحة، بحسب شبكة "سي إن إن".
تكنولوجيا المنجنيق
وتابع تقرير المركز، أن استخدام السفينة تكنولوجيا المنجنيق يشكّل "قفزة كبرى إلى الأمام بالنسبة إلى البحرية الصينية"، إذ ستكون قادرة على "إطلاق طائرات ذات أجنحة ثابتة بحمولات أثقل ومزيد من الوقود، إضافة إلى طائرات أكبر".
ويتيح ذلك للصين أن تتساوى مع الولايات المتحدة وفرنسا، علماً أن حاملتَيها العاملتين تستخدمان تقنية تُعرف باسم "القفز على الجليد"، وتتمثل في منحدر طفيف يتيح للمقاتلة الإقلاع من مدرج أقصر من لفة الإقلاع المطلوبة للطائرة الحربية.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن شي جين بينج تعهد بـ"استكمال" جهود تحديث استمرت عقوداً للجيش الصيني، الذي كان يهيمن عليه سلاح المشاة، بحلول عام 2035، مع التركيز بشكل خاص على بناء بحرية "المياه الزرقاء". وستتيح الحاملة الجديدة توسيع نطاق عمل الجيش الصيني، إلى أبعد ممّا يُسمّى "سلسلة الجزيرة الأولى"، بما في ذلك تايوان والفلبين واليابان.
تخلّف عن السفن الأميركية
تُشغّل حوض بناء السفن الذي يشيّد حاملة الطائرات Type 003، مجموعة Jiangnan Shipbuilding Group التابعة لـ China State Shipbuilding Corp، أضخم شركة لتشييد السفن التجارية في العالم.
وأفاد تقرير "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" بأن صور الأقمار الاصطناعية تشير إلى أن العمل على سفن عسكرية أخرى في المنشأة، تباطأ في الأشهر الأخيرة.
وأضاف أن تدفق رأس المال الأجنبي إلى جيانجنان وأحواض أخرى لبناء السفن على الساحل الصيني، قد يدعم بشكل مباشر وغير مباشر تحديث البحرية الصينية، لافتاً إلى أن شركات أجنبية قد ترغب في مناقشة مسألة تشييد سفنها إلى جانب هذه السفن الحربية.
وذكرت "بلومبرغ" أن Type 003 ستكون أضخم وأحدث سفينة حربية في الصين، مستدركة أنها قد لا ترقى إلى مستوى قدرات حاملات الطائرات الأميركية العملاقة التي تعمل بالطاقة النووية، من طراز "نيميتز" أو "فورد".
ويُرجّح أن تعمل السفينة الصينية بدفع بخاري تقليدي، وأن تكون أقرب في الحجم إلى ناقلات من فئة Kitty Hawk التي شيّدتها الولايات المتحدة في ستينات القرن العشرين.
وتفتقر الصين أيضاً إلى شبكة موانئ عالمية لازمة لدعم أضخم سفنها في مهمات مديدة، وما زالت تطوّر مقاتلات موثوقة من الجيل الخامس لإطلاقها من حاملاتها.
وأشار تقرير "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" إلى أن Type 003 لن تدخل الخدمة قبل سنوات، مع الأخذ في الاعتبار "التحديات التقنية لبناء حاملة طائرات حديثة"، علماً أن تقييماً سنوياً أصدرته وزارة الدفاع الأميركية الأسبوع الماضي رجّح أن تعمل حاملة الطائرات الصينية بكامل طاقتها بحلول عام 2024.
ثالث حاملة طائرات للصين
وذكرت "سي إن إن" أن هذه السفينة ستكون ثالث حاملة طائرات للصين، بعد "لياونينج" و"شاندونج". وكانت "لياونينج" سفينة غير مكتملة من الحقبة السوفياتية، اشترتها بكين من أوكرانيا في عام 1998، وحدّثتها وشغلتها في عام 2012.
واستخدم الجيش الصيني المعرفة التكنولوجية التي اكتسبها من تلك السفينة، لتشييد أول حاملة طائرات محلية الصنع، "شاندونج"، التي دخلت الخدمة في ديسمبر 2019.
لكن قدرات الحاملتين الصينيتين الأوليين، اللتين استندتا إلى تكنولوجيا سوفياتية قديمة، ليست بمستوى تلك التي تملكها الولايات المتحدة، التي لديها 11 سفينة في الخدمة.
ونقلت "سي إن إن" عن ماثيو فونايول، وهو باحث في "مشروع الصين" التابع لـ"مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية"، أن Type 003 ستشكّل "أول دخول للجيش الصيني في (قطاع) حاملة طائرات حديثة"، مضيفاً: "هذه خطوة مهمة إلى الأمام".
وذكرت الشبكة أن بكين تمتلك الآن أضخم قوة بحرية في العالم، مشيرة إلى أن حاملات الطائرات تشكّل السفن الأساسية لأسطول أي قوة عظمى. كما أن السفن الضخمة هي قاعدة جوية متنقلة، تتيح نشراً سريعاً وبعيد المدى للمقاتلات والأسلحة في ساحة قتال.
مفهوم "إبراز القوة"
ويلفت فونايول إلى أن قيمة حاملة الطائرات الصينية الثالثة لا تتعلّق فقط بقدرتها القتالية، إذ إن لديها قيمة كبرى من حيث المكانة الدبلوماسية و"إبراز القوة". وأضاف: "تريد الصين أن يكون لديها أسطول بحري من الطراز العالمي... وتحاول إقناع الدول في المنطقة أو العالم بأنها مساوية للولايات المتحدة"، التي يشكّل أسطولها من حاملات الطائرات رمزاً لقوتها البحرية.
وأشار فونايول إلى تكنولوجيا المنجنيق في Type 003، مرجّحاً أن تستخدم أيضاً قاذفات كهرومغناطيسية، متجاوزة بذلك أنظمة الإطلاق القائمة على البخار، التي لا تزال مُستخدمة في كل السفن الأميركية، باستثناء أحدثها.
ومن خلال نظام الإطلاق الجديد، يمكن لبكين استخدام مزيج جديد من المقاتلات في البحر، بما في ذلك طائرات الإنذار المبكر والتحكّم، وطائرات التشويش الإلكتروني.
وتطرّق فونايول إلى ترجيح أن تعمل Type 003 بالدفع البخاري التقليدي، في مقابل استخدام كل حاملات الطائرات الأميركية الطاقة النووية، معتبراً أن ذلك "قد يكون أقل أهمية بالنسبة إلى الصين الآن، لأن مصالح كثيرة لها تقع في البحار القريبة".
تفوّق الأسطول الأميركي
ونقلت "سي إن إن" عن محللين إن الممارسة هي عامل أساسي سيمكّن الأسطول الأميركي من البقاء متفوّقاً على الصين في المستقبل المنظور. وأضافت أن الولايات المتحدة تشغّل حاملات طائرات، خلال الحرب والسلم، منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، ولديها خبرة واسعة في تشكيل طاقم السفن ودمجها مع بقية أسطولها البحري.
وقال فونايول في هذا الصدد: "انخرطنا منذ أجيال في عمليات حاملات الطائرات، ولدينا مشغّلون ومهندسون وفنيون عمِلوا عليها، ويمكنهم نقل هذه المعرفة إلى خلفائهم". وبالمقارنة، شغّلت الصين حاملات طائرات منذ عام 2012، وهذه الفجوة في الخبرة ليست "أمراً يمكن تجاوزه"، بحسب فونايول.
سفن أميركية لتدريبات صينية
يأتي ذلك فيما أظهرت صور التقطها قمر اصطناعي تابع لشركة "ماكسر"، أن الجيش الصيني شيّد نماذج بالحجم الطبيعي على شكل حاملة طائرات تابعة للبحرية الأميركية، ومدمّرتين، ربما لاستخدامها كأهداف للتدريب في صحراء شينجيانغ.
واعتبرت وكالة "رويترز" أن هذه النماذج تعكس جهود بكين لبناء قدرات على التصدي لحاملات طائرات، مع استمرار التوتر مع واشنطن بسبب تايوان وبحر الصين الجنوبي.
في السياق ذاته، أعلن الجيش الصيني الثلاثاء أن قواته ستنفذ دوريات عسكرية في اتجاه مضيق تايوان، موجّهة إلى "دولة معينة" ترسل إشارات خاطئة بشأن تايوان، في إشارة كما يبدو إلى الولايات المتحدة.
جاء ذلك بعدما أعلنت وزارة الدفاع الصينية أن بكين تعارض زيارة لأعضاء في الكونجرس الأميركي لتايبيه، وصلوا عبر طائرة عسكرية. وحضّت الولايات المتحدة على وقف ممارسات "استفزازية".
واعتبرت وزارة الخارجية الصينية أن زيارة وفد الكونجرس تنتهك سياسة "الصين الواحدة"، وطالبت واشنطن بوقف فوري لكل أشكال التفاعل الرسمي مع تايوان. ونبّهت إلى أن التواطؤ مع القوى المؤيّدة للاستقلال في الجزيرة يشكّل لعبة خطرة، وفق "رويترز".
اقرأ أيضاً: