قال قائد عملية "برخان" الفرنسية لمكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الجنرال لوران ميشون، إن باريس ستخفض عدد عسكرييها في الساحل إلى 3 آلاف، ضمن خطتها لإعادة تنظيم انتشارها العسكري.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن في يونيو الماضي، خطته لإنهاء مهمة "برخان" بعد 8 سنوات من تدخلها للمرة الأولى في الساحل الإفريقي، مشيراً إلى أنها ستعمل في إطار تحالف دولي أوسع نطاقاً.
وقال الجنرال لوران ميشون في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، إن القوات الفرنسية بصدد استكمال المرحلة الأولى، "وهي الانسحاب من أقصى شمال مالي (تمبكتو وكيدال وتيساليت) بالتعاون مع سلطات مالي وبعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) وأصدقائنا الأوروبيين المشاركين في قوة تاكوبا".
وأوضح أن عملية الانسحاب التدريجي تمت بأكبر قدر ممكن من السلاسة، وفي تلك المواقع التي توجد فيها القوات الأممية، ظل ميزان القوى العسكري دون تغيير لأن الجيش المالي حلّ مكاننا.
قوات بديلة
ولفت إلى أن المرحلة الثانية ستبدأ خلال الأشهر الـ6 المقبلة، وستشمل إعادة هيكلة كل من القيادة والقوات، لا سيما في مالي.
وقال الجنرال ميشون: "كنا نحو 5 آلاف عسكري فرنسي بمنطقة الساحل في صيف 2021، وسنصبح نحو 3 آلاف في صيف 2022. سيكون هناك عدد أقل بكثير من القوات التقليدية ومزيد من القوات الخاصة المكلفة بمهام الشراكة القتالية تعمل ضمن قوة تاكوبا الأوروبية".
وتابع أن "هناك الآن نحو 900 عنصر في القوة والأوروبيين يواصلون تقديم طلبات الانضمام. يعد هذا الانخراط الأوروبي نجاحاً سياسياً لمنطقة الساحل ومالي".
وأشار قائد عملية "برخان" إلى أن مقر قيادة "تاكوبا سيتغير من منطقة ميناكا إلى غاو خلال الأشهر الـ6 المقبلة"، مضيفاً: "سيتم كذلك تعزيز التعاون مع شركائنا المحليين عبر إنشاء مركز قيادة متقدم دائم في نيامي".
رفض للوجود الفرنسي
وبسؤاله عن التوترات المحيطة بعملية إعادة التنظيم بعد رفض السكان المحليين الوجود العسكري الفرنسي، وإطلاق حملات مناهضة للفرنسيين على شبكات التواصل الاجتماعي، قال الجنرال ميشون "إنه حيثما توجد برخان على الأرض، يكون السكان سعداء بالأمن الذي نوفره".
وتابع: "لكن البعض في مالي ودول أخرى لا يستوعب أن الجيوش الفرنسية لم تحقق الاستقرار في منطقة الساحل. أنا أفهمهم، لكن ذلك مستحيل وليس دورنا، إذ لدينا 6 طائرات مقاتلة و6 طائرات مسيّرة وبين 3 و5 آلاف عنصر يعملون في منطقة بحجم أوروبا".
واعتبر ميشون أن هناك "استغلالاً لهذا السخط"، قائلاً إن "البعض في غرب إفريقيا وخارجها له مصلحة في إثارة الغضب ضد الأنشطة العسكرية الفرنسية، رغم أني لا أقول إن ذلك هو السبب الرئيسي للسخط".
كما أقر الجنرال ميشون بوجود خلاف مع حكومة باماكو بشأن "الاتصالات مع (الشركة الروسية شبه العسكرية) فاجنر والجدول الزمني السياسي للمرحلة الانتقالية".
وتابع: "كان من المقرر إجراء الانتخابات في فبراير، ويبدو ذلك مستبعداً، لكن هذا التأجيل في المسار السياسي ليس له أي تأثير على العمليات العسكرية".
وحذر ميشون من تكرار ما حصل في جمهورية إفريقيا الوسطى، "حيث درّبت بعثة أوروبية قوات مسلحة وظّفتها بعد ذلك مجموعة فاجنر بأسلوب عملها الذي نعرفه والانتهاكات التي ترتكبها".
"الجماعات المسلحة تعيد التنظيم"
وبخصوص مستوى تهديد الجماعات المتشددة حالياً في منطقة الساحل والصحراء، قال قائد عملية "برخان" إن "تنظيم داعش في الصحراء الكبرى يعيد ترتيب صفوفه بعد القضاء على بعض قادته".
ولفت إلى أن "قادة الصف الثاني يناقشون إعادة بناء تسلسل القيادة. يعطي ذلك وقتاً لقوات مالي ونيجيريا. آمل ألا يلملم التنظيم صفوفه بسهولة، رغم أنني متأكد من أن ذلك سيحدث. الخطر في هذه المرحلة هو ارتكاب مزيد من العنف على أيدي هؤلاء القادة الثانويين".
كما أشار إلى أن "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (الموالية للقاعدة) أشد خطورة"، قائلاً إنها "قادرة على فرض حلول مقبولة للسكان المحليين في وسط مالي. حضورها مستدام والتجنيد سهل في المناطق المهمّشة، وتلك استراتيجية فعالة وهي بصدد التمدد جنوباً وصولاً إلى شمال ساحل العاج وشمال بنين وشمال غانا".
هذا التمدد، يضيف الجنرال ميشون، "إلى جانب تطور قدرات القوات المحلية، هو ما حفّز قرار إعادة هيكلة عملية برخان. ما يحدث مسار بطيء يمكن إلى حد ما إعاقته، لكن لا يتسنى لبرخان مكافحته في كافة المناطق، يقع الأمر على عاتق دول المنطقة".