
اضطر أكثر من مليون شخص للفرار من أفغانستان إلى البلدان المجاورة خلال 4 أشهر، خشية انهيار وشيك للاقتصاد وتفشي الجوع، ما أثار مخاوف أوروبية من تكرار سيناريو أزمة المهاجرين عام 2015 التي عانت منها دول عدة.
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في تقرير أنه في الوقت الراهن، ومع عدم وجود انفراجة تلوح في الأفق، فرّ مئات الآلاف من الأشخاص، بينما يحاول الآلاف التسلل إلى إيران وباكستان يومياً، بسبب انقطاع مصادر الدخل وانتشار الجوع الذي يهدد الحياة.
وعلى الرغم من أن كثيرين يختارون المغادرة بسبب الأزمة الاقتصادية الوشيكة، فإن طريقة حكم طالبان على المدى الطويل، بما في ذلك القيود المفروضة على النساء والمخاوف من الانتقام، زادت من الطابع المُلح لهروبهم.
أشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين أنفقوا آخر مدخراتهم على الطعام قبل أسابيع، وجمعوا الأموال من أقاربهم، على أمل الهروب من الانهيار الاقتصادي وتفشي الجوع الذي يهدد الحياة، مع استمرار تجميد المساعدات بموجب العقوبات الغربية المفروضة على مسؤولي حركة "طالبان".
رحلة الهروب
نقلت الصحيفة عن أحد المهاجرين قرب الحدود الإيرانية، يدعى نجف أخلاقي ويبلغ من العمر 26 عاماً، قوله وهو يحدق في مهربين يمشّطون المنطقة تحت ضوء القمر لرصد دوريات طالبان: "لا يوجد خيار آخر بالنسبة لي، لا يمكنني العودة"، قبل أن يحثه المهربون على الركض مع آخرين.
ومنذ أكتوبر 2021 حتى نهاية يناير 2022، انطلق أكثر من مليون أفغاني في منطقة جنوب غرب أفغانستان وحدها في أحد الطريقين الرئيسيين للهجرة إلى إيران، وفقاً لباحثي الهجرة، فيما تقدّر منظمات الإغاثة أن ما بين 4 و5 آلاف شخص يعبرون الحدود إلى إيران يومياً.
وقال ديفيد مانسفيلد، الباحث الذي يتتبع الهجرة الأفغانية: "هناك زيادة هائلة في عدد الأشخاص الذين يغادرون أفغانستان عبر هذا الطريق، نظراً إلى مدى صعوبة هذه الرحلة في أشهر الشتاء".
مخاوف أوروبية
ووفقاً للصحيفة، أثارت الهجرة الجماعية مخاوف في جميع أنحاء المنطقة وفي أوروبا، حيث يخشى سياسيون تكرار أزمة المهاجرين عام 2015، عندما طلب أكثر من مليون شخص، معظمهم من السوريين، اللجوء إلى أوروبا، ما أدى إلى رد فعل شعبي عنيف.
ويخشى الكثيرون أنه بحلول الربيع المقبل وارتفاع درجات الحرارة الذي يسهل عبور الطرق المغطاة بالثلوج، يمكن أن يصل طوفان من الأفغان إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
وبتصميمه على احتواء المهاجرين في المنطقة، تعهد الاتحاد الأوروبي الخريف الماضي بتقديم مساعدات إنسانية قيمتها أكثر من مليار دولار لأفغانستان والدول المجاورة التي تستضيف الأفغان الذين فرّوا.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء النرويجي، جوناس جار ستور، في بيان خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن أفغانستان الشهر الماضي: "نحن بحاجة إلى تطبيق اتفاقيات والتزامات جديدة حتى نتمكن من مساعدة ودعم السكان المدنيين المعرّضين بشدة للخطر ".
وأضاف: "يجب أن نفعل ما بوسعنا لتجنب أزمة هجرة أخرى ومصدر آخر لعدم الاستقرار في المنطقة وخارجها".
"كارثة إنسانية"
الشهر الماضي، طلبت منظمات الأمم المتحدة من المانحين مساعدات إنسانية لأفغانستان بقيمة 4.4 مليار دولار، قائلة إن هذه الأموال "ضرورية لسد فجوة"، من أجل ضمان مستقبل البلاد.
وأوضحت أن 22 مليون شخص داخل أفغانستان و5.7 مليون أفغاني نزحوا إلى بلدان مجاورة، يحتاجون إلى مساعدة ضرورية هذا العام.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن جريفث، إن "كارثة إنسانية شاملة ترخي بظلالها. رسالتي عاجلة: لا تغلقوا الباب بوجه شعب أفغانستان، ساعدونا على تجنب انتشار واسع للجوع والمرض وسوء التغذية والموت في نهاية المطاف".
منذ استيلاء حركة "طالبان" على مقاليد الأمور في أفغانستان، منتصف أغسطس 2021، غرق هذا البلد في فوضى مالية وسط ارتفاع التضخم ومعدلات البطالة.
وجمّدت واشنطن مليارات الدولارات من أصول أفغانستان وعرقلت إمدادات المساعدات بشكل كبير، وإلى جانب ذلك شهدت أفغانستان في 2021 جفافاً هو الأسوأ منذ عقود.
ناشدت حركة "طالبان" المجتمع الدولي تقديم مساعدات إنسانية عاجلة "من دون تحيّز سياسي"، مشيرة إلى أن "الثلوج والفيضانات التي شهدتها البلاد مؤخراً فاقمت معاناة الشعب الأفغاني".
اقرأ أيضاً: