غزو أوكرانيا .. خطة بوتين لتقليل حدة العقوبات الغربية

time reading iconدقائق القراءة - 6
جندي أوكراني خلال عملية لإجلاء المدنيين غرب العاصمة كييف - 7 مارس 2022 - AFP
جندي أوكراني خلال عملية لإجلاء المدنيين غرب العاصمة كييف - 7 مارس 2022 - AFP
دبي- الشرق

ذكرت مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية، أنَّ الأدوات التي كان من شأنها ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن غزو أوكرانيا، باتت أقل أهمية حالياً بعد أن تحقق الغزو الروسي على أرض الواقع.

ولفتت المجلة في تقرير نشرته، الاثنين، إلى أن هذه المعادلة تدخل ضمن نطاق واقعية السياسة الخارجية التي تعني أنَّ التكتيكات والاستراتيجيات تتغير مع تغير الحقائق على الأرض.

قبل الغزو الروسي، كانت العقوبات والتهديدات بفرض حظر تمثل مصدر تأثير لردع طموحات بوتين، لكن المجلة اعتبرت أن تلك التهديدات لم تأخذ منحى جدياً بشكل يقنع الرئيس الروسي بتأثيرها.

واستشهدت المجلة بالتهديد الألماني بوقف خط أنابيب "نورد ستريم 2" الذي اعتبرته "تهديداً صامتاً" لدرجة أن بوتين كان يعتقد أن الألمان كانوا يخادعون فحسب.

وأضافت أنَّ الألمان قد يردون على ذلك بأن تهديداتهم هذه تمت كتابتها صراحة في اتفاقية أُبرِمت مع الولايات المتحدة برفض السماح لروسيا باستخدام الطاقة سلاحاً، "لكن الحقيقة هي أن الألمان لم يكونوا صريحين كما كان ينبغي، على الأقل علناً، للإشارة إلى أنهم كانوا جادين في إلغاء نورد ستريم 2".

وقالت إنه مع وجود مستشار ألماني سابق، وهو جيرهارد شرودر، ضمن عضوية مجلس إدارة شركة "نورد ستريم إيه جي" وشركة الطاقة الروسية "روسنفت"، تم إرسال رسالة إلى روسيا مفادها أن تهديدات الحكومة الألمانية بشأن وقف "نورد ستريم" على أنه ربما مجرد إيماءة فقط.

خطأ في التقدير

وأشارت المجلة الأميركية، إلى أنه بعد أن تحقق الغزو بالفعل، فقد تكشَّف عالم جديد أظهر فيه بوتين نواياه الحقيقية، وغزا دولة أخرى ذات سيادة.

واعتبرت أن التاريخ سيتذكر "هذا العدوان"، ليس على أنه عمل عبقري، ولكن كـ"حماقة"، على حد تعبيرها، لافتة إلى أن الوقت سيظهر أن بوتين أخطأ في تقديره ليس فقط بشأن إرادة المقاومة الأوكرانية، ولكن تجاه حجم الإرادة الأوروبية والأميركية لمعارضته.

وأشارت إلى أنَّ فرض العقوبات قبل الغزو لم يكن منطقياً، لأنه لم يكن هناك إجراء محدد من قبل روسيا من شأنه أن يؤدي إلى رفع العقوبات. ويمكن تقديم الحجة نفسها لعشرات العقوبات ضد الصين وإيران وكوريا الشمالية.

وبدون مطالب محدَّدة، فإن هذه العقوبات تتجمع وتتفاقم على أنها مضايقات، ولكنها تاريخياً لم تحدث التغييرات المطلوبة في السلوك.

جدوى العقوبات

ورداً على السؤال المطروح حالياً، وهو ما إذا كانت العقوبات الشديدة، أو حتى الرفض الكامل لشراء البتروكيماويات الروسية، سيؤدي إلى تغيير سلوك روسيا؟ قالت "ناشيونال إنتريست" إن "الجواب غير معروف حتى الآن".

وقبل الغزو، كان انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" أمراً استفزازياً، لكن تم التحايل عليه لمدة 12 عاماً دون إحراز تقدم. كان الوضع، بحسب المجلة، مصدر إزعاج لروسيا أكثر من كونه حقيقة واقعة.

وقالت المجلة إنه من وجهة نظر روسيا، فإنَّ قبول أوكرانيا في تحالف عسكري ضد روسيا سيكون أقرب إلى قبول المكسيك في تحالف عسكري ضد الولايات المتحدة.

"إمبراطورية روسية"

وقالت المجلة إنه لو كان وقف انضمام أوكرانيا إلى الناتو هو الهدف الرئيسي لبوتين، لكان بإمكانه أن يواصل التفاوض بسهولة، لافتة إلى أنه بعد الغزو، أصبحت الدعوات إلى انضمام أوكرانيا إلى الناتو أعلى صوتاً وقُبلت بشكل أفضل.

واعتبرت المجلة الأميركية أنَّ قبول انضمام أوكرانيا إلى الناتو فكرة سيئة وقد يؤدي إلى حرب عالمية، لكن  إبقاء أوكرانيا خارج الحلف لم يكن على الأرجح الهدف الأساسي لبوتين، بل هدفه الأساسي واضح تماماً وهو إعادة تشكيل إمبراطورية روسية، على حد تعبيرها.

وأشارت المجلة إلى أنَّ الحرب تنتهي أحياناً باستسلام غير مشروط، لكن هذا لا ينطبق على الأرجح على أوكرانيا لأن بوتين لم يتوقع بوضوح مستوى المقاومة من الشعب الأوكراني، لافتة إلى أنه إذا قتلت روسيا الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، فإنه من المتوقع أن تكون النتيجة حرباً طويلة الأمد أو تمرداً.

وقالت إنَّ بوتين "لم يتوقع على الأرجح أن الشعب الأوكراني قد يقرر تخريب خط الأنابيب الروسي الذي يعبر أراضيهم، كما أنه لم يتوقع تأثير العقوبات الشديدة الموحدة من كل أوروبا والولايات المتحدة، ولم يفكر في ما سيكون عليه الحال مع احتلال أمة غاضبة بشدة"، على حد تعبيرها.

احتماليات التفاوض

ومع احتمالية انتهاء الحرب بشكل من أشكال المفاوضات، تساءلت المجلة: كيف ستتفاوض أوكرانيا على أي من أراضيها؟ فقبل الغزو كان مصير شبه جزيرة القرم يبدو مؤكداً أنه جزء من روسيا، لكن من غير المرجح أن يتم التنازل عن ذلك في تسوية تفاوضية، وبالمثل، من غير المحتمل أن توافق أوكرانيا على التنازل عن أي منطقة في الشرق.

ورجَّحت المجلَّة أنه حتى أوكرانيا المحتلة عسكرياً "ستقاتل باستمرار جنود الاحتلال دون نهاية تلوح في الأفق".

واعتبرت المجلة أنَّ المكافأة الوحيدة التي يمكن أن تقدمها أوكرانيا، إذا كانت تعني إبعاد روسيا الكامل عنها، ستكون دولة محايدة لها قدم واحدة في الشرق وأخرى في الغرب.

وأشارت إلى أن أي اتفاق من هذا القبيل قد لا يتحقق إلا إذا نجحت أوكرانيا في جعل ثمن الاحتلال غير مقبول بالنسبة لروسيا، متوقعة أن يكون أمام أوكرانيا طريق طويل وعنيف حتى يتحقق هذا.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات