هل تستخدم الجزائر "ورقة الغاز" بوجه التقارب الإسباني المغربي؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
محطة للغاز المسال في ميناء بلباو - إسبانيا - 10 مارس 2022 - REUTERS
محطة للغاز المسال في ميناء بلباو - إسبانيا - 10 مارس 2022 - REUTERS
الجزائر-الشرق

أفادت صحيفة الموندو الإسبانية، الاثنين، باتجاه الجزائر نحو رفع أسعار الغاز إلى إسبانيا بدءاً من العام الحالي وحتى عام 2024، وذلك في أعقاب إعلان مدريد تبني تصور المغرب لحل قضية الصحراء من خلال مبادرة الحكم الذاتي، وهو ما اعتبرته الجزائر "انقلاباً مفاجئاً" في الموقف الإسباني.

واستدعت الجزائر، السبت، سفيرها في العاصمة الإسبانية مدريد للتشاور، بعد تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيث بشأن قضية الصحراء، في حين أعربت السلطات الجزائرية عن "تفاجئها واستغرابها بشدة" من "الانقلاب المفاجئ" لإسبانيا تجاه الملف.

والجمعة، قال الديوان الملكي المغربي، إن رئيس الحكومة الإسبانية أكد في رسالة للملك محمد السادس، أن مدريد تعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للرباط، وأنها تعتبر "مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف".

وأثار تصاعد الأزمة الخاصة بقضية الصحراء تساؤلات خلال اليومين الماضيين في إسبانيا، بشأن إمكانية تأثير موقف مدريد على صادرات الغاز الجزائرية، خصوصاً مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وآثارها على أسعار الغاز، المرتفعة أصلاً.

الخط "الأورو-مغاربي"

وأفادت "إذاعة فرنسا الدولية"، في وقت سابق، بأن إعلان إسبانيا بشأن الصحراء، جاء بعد رفض الجزائر طلباً أميركياً بإعادة تشغيل خط الغاز المار عبر المغرب، والذي قررت الجزائر عدم تجديده في 31 أكتوبر الماضي على خلفية ما وصفته بـ"الممارسات ذات الطابع العدواني من المغرب".

وأوضحت "إذاعة فرنسا الدولية" أن مدريد تسعى لإعادة تشغيل الخط "الأورو-مغاربي" على أمل مساهمة هذه الخطوة في خفض اعتماد الأوروبيين على إمدادات الطاقة الروسية.

التزام جزائري

من جانبه، قال وزير الطاقة الجزائري السابق عبد المجيد عطار في تصريح لـ"الشرق"، إن "الجزائر تتبنى مبدأ احترام العقود المبرمة في سياستها الخاصة بالطاقة باعتبارها شريكاً موثوقاً".

وأوضح: "بحسب معلوماتي فإن صادرات الغاز الجزائري إلى إسبانيا، أو أي اتجاه آخر، كلها تعاقدية".

وتشكل الجزائر أحد المصادر الرئيسية التي تعتمد عليها إسبانيا في الغاز، وتقدر التزاماتها التعاقدية مع الطرف الإسباني بمقدار 10.5 مليار متر مكعب، تورد عن طريق خط الأنابيب "ميدغاز"، الذي يربط بين البلدين بشكل مباشر.

وتمثل الجزائر 43% من الغاز المرسل إلى إسبانيا في عام 2021، جاء معظمه عبر خط "ميدغاز" الواصل بين البلدين بشكل مباشر، في حين كانت الولايات المتحدة ونيجيريا من المورّدين الرئيسيين الآخرين إلى إسبانيا، بحصة 14%، و 11% على التوالي، بحسب "بلومبرغ".

لكن شركة "إنا غاز" الإسبانية، أعلنت في نوفمبر الماضي، زيادة الغاز الطبيعي المسال إلى 65% في محطات الاستيراد الإسبانية عما كان عليه قبل عام. 

علاقات غير ودية

واستبعد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة تيزي وزو محمد عمرون في تصريح لـ"الشرق" استخدام الجزائر للغاز "كورقة ضغط" على مدريد، مرجحاً السبب إلى أن "الابتزاز ليس سلوكاً دبلوماسياً جزائرياً"، بالإضافة إلى أن "هناك التزام قانوني تجاري مع الشريك الإسباني".

لكنه، أشار إلى أن الخطوة الإسبانية ستجعل العلاقات بين مدريد والجزائر "غير ودية"، موضحاً أنه "لن تجد إسبانيا انفتاحاً أو تساهلاً من الجزائر على مراجعة حصص الغاز كما كان الوضع سابقاً".

ضغوط داخلية في إسبانيا

وأشارت صحيفة "إل باييس" الإسبانية، إلى أن قرار رئاسة الوزراء بشأن قضية الصحراء، زادت من "عزلة حزب العمال الاشتراكي" الذي يرأسه رئيس الحكومة بيدرو شانشيث.

وأشارت إلى أن الانتقادات اشتدت داخل البرلمان ضد الحكومة، على غرار حزب "بوديموس" اليساري، و"الحزب الشعبي" المحافظ، وحزب "يونيداس بوديموس" (معاً نستطيع)، بسبب "التغيير غير المتوقع" في الموقف الإسباني بشأن قضية الصحراء، كما اتهموا الحكومة بأنها لم تتشاور معهم قبل إعلانها القرار.

وقالت الخارجية الإسبانية إنها أبلغت الجزائر قبل قرارها المتعلق بمسألة الصحراء، وهو ما نفته الجزائر، إذ قال مصدر رسمي لموقع "كل شيء عن الجزائر" إنها محاولة من مدريد لـ"تهدئة المخاوف المشروعة التي أثارتها الطبقة السياسية الإسبانية، بسبب هذا التقلب".

كما اعتبر المصدر أن "إسبانيا أذنبت مرتين، الأولى بموقفها الجديد بشأن الصحراء، والثاني باتهامها الجزائر بأنها كانت على معرفة بموقفها".

نزاع الصحراء

وتدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء وتدعو لتنظيم استفتاء لتقرير المصير، فيما يعتبر المغرب الإقليم جزءاً من أراضيه، ويقترح منحه حكماً ذاتياً تحت سيادته.

وكانت الجزائر والمغرب، تبادلتا في سبتمبر الماضي، الاتهامات بشأن نزاع الصحراء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك في سياق من التوتر بين البلدين، لم ينته عند قطع العلاقات الدبلوماسية قبل أسابيع. 

وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، اعتبر أن النزاع في الصحراء هو "قضية تصفية استعمار لا يمكن أن تجد طريقها للحل إلا عبر تفعيل مبدأ تقرير المصير".

وشدّد لعمامرة على أن "حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره حتمي وثابت وغير قابل للتقادم"، وقال إن بلاده "تسعى دوماً بصفتها بلداً جاراً ومراقباً للعملية السياسية، لتكون على الدوام مصدراً للسلم والأمن والاستقرار في جوارها".

في المقابل أشار وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى أن الانتخابات العامة التي أجريت في 8 سبتمبر، وشملت أقاليم الصحراء "سجلت أعلى نسبة مشاركة على المستوى الوطني، بلغت 63%"، مؤكداً أن هذه ​​ "المشاركة الكثيفة تجسد تشبث سكان الصحراء بالوحدة الترابية للمملكة".

وقال بوريطة إن المغرب يجدد "استعداده لمواصلة التعاون مع منظمة الأمم المتحدة في إطار الجهود التي يبذلها السيد الأمين العام للتوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق، في إطار الاحترام التام لسيادة المغرب ووحدته الترابية"، مشدداً على أن مبادرة الحكم الذاتي التي يقدمها  المغرب في عام 2007 هي "الأفق الوحيد للتوصل إلى حل سياسي نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل"، بحسب تعبيره.

وكان اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991 يقضي بتنظيم استفتاء حول تقرير مصير الصحراء، التي تطالب جبهة البوليساريو بانفصالها عن المغرب، لكن خطة الاستفتاء فشلت إثر خلاف بشأن من يحق لهم التصويت، لتدخل القضية حالة من الجمود تخللتها مفاوضات تقودها الأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات