
ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، السبت، أن الشركات الصينية والمسؤولين الحكوميين يسارعون لإيجاد سبل للامتثال للعقوبات الأميركية على موسكو بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ما يهدئ من مخاوف واشنطن بشأن إمكانية أن تساعد بكين روسيا على تفادي العقوبات.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين مطلعين على الوضع، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن دبلوماسيين صينيين في واشنطن يتواصلون مع نظرائهم الأميركيين، ويطلبون تفاصيل دقيقة عن العقوبات.
وقال المسؤولون، إن هذا الأمر "شجع المسؤولين الأميركيين"، على الرغم من أنهم ما زالوا قلقين من أن الصين ربما تبحث عن ثغرات لمساعدة روسيا.
وأضافوا أنه في الوقت الحالي لا يتم النظر في فرض عقوبات ثانوية، على غرار العقوبات ذات الصلة بإيران.
وفي حالة إيران، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على الشركات الأجنبية التي تتعامل مع أشخاص أو كيانات إيرانية خاضعة للعقوبات، بغض النظر عن موقعها.
وقالت بلومبرغ، إن هذه العقوبات تثير الاستقطاب للغاية، ويمكن أن تنفر الشركاء الذين يتعاملون مع الصين ولكن الولايات المتحدة تريد دعمهم ضد روسيا.
تحركات داخل الصين
داخل الصين، قال محامون تجاريون ومستشارو مخاطر، اتصلت بهم بلومبرغ، إنهم شهدوا زيادة في الاستفسارات من العملاء الصينيين لضمان امتثالهم للعقوبات المفروضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأماكن أخرى.
وقال أحد محامي التجارة الدولية المقيم في آسيا، طلب عدم نشر اسمه بسبب الطبيعة الحساسة للموضوع، إن الاهتمام العالمي بالعقوبات الروسية يقلق الشركات الصينية.
وشملت الاستفسارات الصينية قضايا مثل بيع البضائع إلى روسيا، التي تعتمد على التكنولوجيا الأميركية، والمعاملات التي تنطوي على صادرات مدفوعة بالدولار الأميركي.
وقال المحامي، إن معظم الشركات الصينية اتخذت إجراءات لتجنب انتهاك العقوبات، من خلال إجراءات تشمل تعديلات على برامج الامتثال الداخلية، أو تغيير الموردين أو إنهاء العقود.
وبشكل عام، قال المسؤولون الأميركيون إن هناك القليل من الأدلة التي تظهر أن الصين تتحايل على العقوبات الأميركية، وسط تحذيرات شبه يومية من البيت الأبيض ومسؤولين في أوروبا.
تحذير أميركي
وكرر الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الأسبوع تحذيره للرئيس الصيني شي جين بينج بأنه "سيُعرّض نفسه لخطر كبير" إذا ساعد بوتين، وقال أيضاً إن الولايات المتحدة وحلفاءها ناقشوا سبل مراقبة "من انتهك أيا من العقوبات، وأين ومتى وكيف انتهكوها".
وأفاد مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بأنه تم تحذير الصين ودول أخرى من "الجهود المنهجية لتقويض أو إضعاف أو التحايل على نظام العقوبات الذي وضعناه".
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الجمعة، إن العقوبات على الصين ليست "ضرورية أو مناسبة في هذه المرحلة".
وأضافت يلين لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية: "سنكون قلقين للغاية إذا كانوا سيوردون أسلحة لروسيا، أو يحاولون التهرب من العقوبات التي فرضناها على النظام المالي الروسي والبنك المركزي. لا نرى ذلك يحدث في هذه المرحلة، والأمر متروك حقاً للصين للتأكد من فهمهم للوضع المعقد الذي يواجهونه".
وتعهدت الصين، التي حثت على إنهاء الحرب في أوكرانيا لكنها ترفض انتقاد الغزو الروسي المستمر، بالحفاظ على علاقات تجارية "طبيعية" مع روسيا.
وساهمت التكهنات بشأن العقوبات الأميركية في انخفاض الأسهم الصينية في وقت سابق من هذا الشهر، ما دفع وزير الخارجية الصيني وانج يي إلى إعلان أن بكين "ليست طرفاً في الأزمة، ولا تريد أن تؤثر العقوبات فيها".
كما نفت بكين تقديم مساعدات عسكرية لموسكو، وهي نقطة توتر أخرى مع واشنطن من شأنها أن تخاطر بتصعيد التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، في وقت يسعى فيه الرئيس الصيني إلى تقليل الاضطرابات، بينما يستعد لإطالة أمد حكمه الذي دام 10 سنوات في مؤتمر حزبي في وقت لاحق من هذا العام.
وأوضحت بلومبرغ أنه من الناحية العملية، أظهرت الشركات الصينية استعداداً للامتثال للعقوبات الأميركية تجاه روسيا وكوريا الشمالية وحتى هونج كونج، من أجل تجنب فقدان الوصول إلى النظام المالي العالمي.
وقال جي لي، أستاذ قانون الأعمال بين الولايات المتحدة والصين في كلية إيرفين للقانون بجامعة كاليفورنيا: "ستمتثل الشركات الصينية للعقوبات الأميركية، لكنها على الأرجح لن تقول ذلك، لأن هذه مجرد دعاية سيئة في السوق الصينية. إنها لا تريد أن تبدو مطيعة لمطالب الولايات المتحدة".
وأضاف أن العديد من الشركات الصينية متعددة الجنسيات بدأت في بناء أقسام داخلية معنية بالامتثال للعقوبات في السنوات الماضية لمعالجة اللوائح الدولية، مشيراً إلى أن تلك الجهود جاءت عندما تم تغريم شركة (ZTE Corp) الصينية لمعدات الاتصالات 1.4 مليار دولار من جانب الولايات المتحدة في عام 2017 لبيعها التكنولوجيا الأميركية لإيران.
البنوك والتكنولوجيا
ونقلت بلومبرغ عن مسؤول مصرفي، أن ما لا يقل عن اثنين من أكبر البنوك المملوكة للدولة في الصين قيدت التمويل لمشتريات السلع الروسية مباشرة بعد الغزو الأوكراني، كما علّق أحدها، وهو البنك الصناعي والتجاري الصيني، العمل مؤقتاً مع العملاء المعرضين لمخاطر عالية، في كل من روسيا وأوكرانيا ممن قد تطالهم العقوبات.
وفي فبراير، بدأ أكبر بنك في روسيا "سبيربنك"، في السماح لمستخدميه بإجراء تحويلات مالية عبر الحدود عبر شركة "ويسترن يونيون" إلى حسابات بنكية صينية متصلة بتطبيق "Alipay" المملوك لشركة (آنت جروب) المملوكة للملياردير الصيني جاك ما. ولكن هذا الخيار لم يعد متاحاً منذ أن علقت "ويسترن يونيون" تعاونها مع سبيربنك. ورفضت "آنت" التعليق عن الموضوع، بحسب بلومبرغ.
وأصبحت شركات التكنولوجيا أيضاً في دائرة الضوء، إذ يشك مسؤولو الاتحاد الأوروبي في أن الصين قد تكون مستعدة لتزويد روسيا بأشباه الموصلات، وغيرها من المعدات التقنية كجزء من محاولة لتخفيف تأثير العقوبات.