ماكرون أم لوبان.. كيف تؤثر انتخابات فرنسا في أوروبا والغرب؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
لوحتان دعائيتان للمتنافسين في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية مارين لوبان وإيمانويل ماكرون بجوار شاشة تظهر كافة المرشحين في الجولة الأولى - 10 أبريل 2022 - AFP
لوحتان دعائيتان للمتنافسين في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية مارين لوبان وإيمانويل ماكرون بجوار شاشة تظهر كافة المرشحين في الجولة الأولى - 10 أبريل 2022 - AFP
باريس-رويترز

يقرر الفرنسيون في 24 أبريل الجاري ما إذا كانوا سينتخبون الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون لفترة جديدة، أو أنهم سيقومون بنسف إجماع سائد منذ عقود على اختيار مرشح التيار الرئيسي لمصلحة مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.

وتبدو الانتخابات الفرنسية مهمة في ضوء المعطيات والمتغيرات على الساحة السياسية العالمية، سواء بالنسبة لفرنسا أو حتى للاتحاد الأوروبي والغرب عموماً، في ظل أوجه الاختلاف لأبرز مرشحين في السباق إلى الإليزيه.

التوجهات الاقتصادية

أحدثت مرشحة اليمين المتطرف وزعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان العديد من التغييرات في الجبهة الوطنية السابقة، إذ غيرت وجهة حزب والدها الداعم للسوق الحرة، والتدخل المحدود للحكومة في السياسة العامة والقطاع الخاص إلى حزب داعٍ للحمائية.

وتريد لوبان تنفيذ سياسة "اشترِ الفرنسي" على المناقصات العامة وخفض الحد الأدنى لسن التقاعد إلى 60 عاماً لمن بدأوا العمل قبل بلوغ سن الـ20، وإلغاء ضريبة الدخل لمن تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وخفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة إلى 5.5% من 20%.

كما تقول إنها إذا فازت في الانتخابات فستنفق ملياري يورو (2.18 مليار دولار) على مدى 5 سنوات لرفع رواتب العاملين بالمستشفيات، وتوظيف 10 آلاف غيرهم، إلى جانب رفع رواتب المعلمين 15% على مدى 5 سنوات.

وترى أستاذة العلوم السياسية بمعهد العلوم السياسية جيل إيفالدي، أن البرنامج الاقتصادي لزعيمة اليمين المتطرف يميل إلى اليسار أكثر مما كان عليه منذ عقود.

أما إيمانويل ماكرون الذي يسعى إلى الاستمرار في ولاية ثانية في رئاسة فرنسا، فأعلن أنه يُخطط لمضاعفة إصلاحات السوق الحرة التي نفذها خلال فترة ولايته الأولى، إذ كان البند الرئيسي في برنامجه هو زيادة الحد الأدنى لسن التقاعد إلى 65 من 62.

وتعهد ماكرون الذي أظهرت التقديرات الأولية تصدره نتائج الدورة الأولى من الانتخابات بجعل بعض مزايا الرعاية الاجتماعية مشروطة بساعات تدريب تتراوح بين (15 و20 ساعة)، على غرار السياسات المتبعة في دول مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا.

وفي ما يتعلق بالتأمين ضد البطالة الذي يضمن للعمال ما يصل إلى ثلثي رواتبهم لمدة عامين، إذا فقدوا وظائفهم، فسيكون، وفقاً لبرنامج ماكرون، مرتبطاً بقوة الاقتصاد.

العلاقة مع أوروبا

على الرغم من أنها تخلت عن خططها السابقة للانسحاب من منطقة اليورو وسداد ديون فرنسا بالفرنك، إلا أن مارين لوبان تعهدت بقطع المساهمات في خزائن الاتحاد الأوروبي، غير أن مثل هذه الخطوة ستضع باريس على مسار تصادمي مع المفوضية الأوروبية وأعضاء التكتل الآخرين.

وتصر لوبان على أن القانون الفرنسي يجب أن تكون له اليد العليا على قواعد الاتحاد الأوروبي، في تحدٍّ للمحكمة العليا بالتكتل، وتقول إنها تريد في النهاية استبدال الاتحاد الأوروبي بـ"أوروبا الأمم"، رغم أنها لم توضح بعد كيف سيبدو ذلك.

كما ستوظف لوبان آلافاً من وكلاء الجمارك لفحص البضائع التي تدخل فرنسا، بما في ذلك من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بدعوى مكافحة الاحتيال. ويعتقد محللون أن ذلك من شأنه أن يقوض السوق الموحدة.

وعلى العكس من ذلك سيواصل الرئيس الحالي لفرنسا إيمانويل ماكرون المؤيد للاتحاد الأوروبي، سعيه لتطوير ما يسميه "الاستقلال الاستراتيجي" لأوروبا في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والزراعة والطاقة، وتقليل اعتماد التكتل على القوى الأخرى.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، سعى ماكرون إلى إعادة توجيه الاتحاد الأوروبي نحو موقف أكثر حمائية، ومنع بعض صفقات التجارة الحرة مع الكتل الأخرى، مثل "ميركوسور" وإنشاء آلية تزيد من التدقيق في عمليات الاستحواذ الخارجية على شركات الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية.

ومن المرجح أيضاً أن يدفع ماكرون من أجل المزيد من التنظيم لعمالقة التكنولوجيا من الولايات المتحدة، وقال إنه يريد إنشاء "ميتافيرس أوروبي" للتنافس مع فيسبوك.

التحالف الغربي

مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، تريد سحب فرنسا من القيادة المشتركة لحلف شمال الأطلسي، في تحدٍّ لهيكل الأمن الغربي في فترة ما بعد الحرب الباردة.

ويتهمها معارضوها بأنها مقربة من موسكو، حيث حصل حزبها على قرض مصرفي من بنك روسي في عام 2014، واستضافها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين قبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية لعام 2017.

وقد نددت لوبان بالغزو الروسي لأوكرانيا، لكنها قالت إن موسكو قد تكون حليفة مرة أخرى بعد الحرب.

وفي مقابلة مع "رويترز" وصفت نفسها بأنها "ديجولية" نسبة إلى الزعيم الفرنسي في زمن الحرب شارل ديجول، وقالت إنها ستنتهج سياسة خارجية على مسافة متساوية من واشنطن وموسكو.

وعندما سُئلت عما إذا كانت لديها رسالة إلى البلدين الحليفين التقليديين لفرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة، أجابت "تخليا عن أفكاركما المسبقة عني".

بالنسبة لماكرون، على الرغم من أنه أثار استياء حلف شمال الأطلسي، ولا سيما في شرق أوروبا وألمانيا، عندما وصفه بأنه "ميت دماغياً" في عام 2019، إلا أنه قال بعدها إن الغزو الروسي لأوكرانيا "أعاده إلى الحياة".

ومع ذلك فإنه وفق رؤيته لمنظومة اليورو، سيسعى إلى جعل الأوروبيين أقل اعتماداً على الجيش الأميركي في ما يتعلق بالأمن.

ودفع ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى التركيز أكثر على منطقة المحيطين الهندي والهادئ ونفوذ الصين المتزايد في المنطقة، ورغم هذا فقد خاض صداماً مع واشنطن ولندن وكانبيرا بعد أن تراجعت أستراليا عن صفقة غواصات ضخمة مع فرنسا.

وكان الرئيس الفرنسي حذراً بشأن ما إذا كان سيسعى للتعاون مع التحالف الأمني الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ضد الصين أو محاولة إقناع الاتحاد الأوروبي باتباع سياسته المستقلة تجاه بكين.

تصنيفات