هل يؤثر بيع الغاز الجزائري لإيطاليا على العلاقات مع روسيا؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
المقر الرئيسي لشركة الطاقة الحكومية سوناطراك بالجزائر العاصمة - REUTERS
المقر الرئيسي لشركة الطاقة الحكومية سوناطراك بالجزائر العاصمة - REUTERS
الجزائر/موسكو- أمين حمداويديالا الخليلي

أثار الاتفاق بين الجزائر وإيطاليا على زيادة إمدادات الغاز نحو روما التي تسعى لخفض اعتمادها على الغاز الروسي، التساؤلات بشأن تأثيراته على العلاقات الجزائرية الروسية في ظل الأزمة الأوكرانية.

ووقعت شركة "سوناطراك" للمحروقات مع شركة "إيني" الإيطالية اتفاقية بغرض تسريع وتيرة تطوير مشاريع إنتاج الغاز الطبيعي، من خلال تضافر جهود الشركتين وزيادة حجم الغاز المصدر باستخدام القدرات المتاحة لخط أنبوب الغاز "إنريكو ماتيي" (ترانسمد) بنحو 9 مليارات متر مكعب إضافية سنوياً خلال عامي 2023 و2024، وهي اتفاقية تأتي، وفق رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، استجابة لمساعي بلاده لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

"حياد الجزائر"

واستبعد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الجزائري محمد هاني في تصريح لـ"الشرق"، أن يكون للاتفاق الجزائري الإيطالي تداعيات على العلاقات الجزائرية الروسية.

وشرح هاني موقف الجزائر قائلاً إن "زيادة إمدادات الغاز نحو إيطاليا مسألة اقتصادية وتجارية تخص الجزائر وشريكها الأوروبي الذي تربطه بها علاقات تاريخية واقتصادية متجذرة".

ونبه رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إلى أن "الاتفاق جاء في سياق ردود بلاده على الموقف الأخير لإسبانيا التي دعمت طرح الحكم الذاتي المغربي لقضية الصحراء، خاصة وأن البلد (إيطاليا) أراد تعميق شراكته في مجال مع الجزائر".

وأوضح هاني أن الاتفاق الجزائري - الإيطالي لا علاقة له بطرفي النزاع الروسي - الأوكراني، مشيراً في السياق ذاته إلى أن "روسيا تعلم أن هذه الخطوة ليست موجهة ضدها بدليل أن المواقف الجزائرية الأخيرة بشأن الأزمة الأوكرانية تعكس حياد وتوازن الجزائر".

وصوتت الجزائر، الخميس الماضي، ضد القرار القاضي بتعليق عضوية روسيا بمجلس حقوق الإنسان خلال الجلسة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالأزمة الأوكرانية، مشددة في السياق ذاته على أن الجهود الدولية متعددة الأطراف تستوجب تعزيز الحوار والتعاون، "بعيداً عن أي إقصاء".

بدوره استبعد عبد السلام باشاغا رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية - الروسية في تصريح لـ"الشرق"، أن تقرأ موسكو الاتفاق الجزائري الإيطالي لزيادة الغاز على أنه خطوة تضعف من مواقفها، على اعتبار أن القدرات الإنتاجية للجزائر لا يمكن لها تعويض الغاز الروسي المصدر لأوروبا.

وبحسب شركة "سوناطراك" للمحروقات فإن فائض الغاز الجزائري يصل إلى بعض المليارات من الأمتار المكعبة، وهو ما لا يمكن أن يكون بديلاً عن الغاز الروسي، وفقاً لتصريحات صادرة عن مسؤولي الشركة.

لكن الشركة نبهت إلى أنه ومن خلال وتيرة الاستكشافات الحالية، فإن قدرات الجزائر ستتضاعف في غضون 4 سنوات، ما يُنبئ بآفاق واعدة مع الزبائن الأوروبيين.

وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022، حقق مجمع "سوناطراك 3" اكتشافات جديدة لحقول نفطية، ويعتزم استثمار 40 مليار دولار ما بين 2022 و2026 في مجال الاستكشاف والتنقيب والإنتاج.

الموقف الروسي 

وفي مارس الماضي، قال السفير الروسي بالجزائر إيجور بيلياييف، في حديث مع صحيفة "ليكسبريسيون" الناطقة بالفرنسية، إن "العلاقات الجزائرية الروسية لن تتأثر بأي زيادة لضخ الغاز نحو أوروبا".

وأتت تصريحات بيلياييف، تعليقاً على التقارير التي تحدثت عن أن الجزائر كانت على وشك أن تأخذ من روسيا مكانتها كمورّد للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن المسألة "تجارية بحتة" وبعيدة كل البعد عن التأثير على العلاقات الثنائية بين البلدين.

ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تبنت الجزائر في مواقفها من الأزمة مبدأ عدم المشاركة في أي نزاع، ودعمت مسار المفاوضات المباشرة بين الجانبين بهدف التوصل إلى وقف العمليات العسكرية، تمهيداً لحل سياسي مستدام للأزمة يقوم على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار وسيادة الدول وسلامتها الإقليمية، بما يضمن المصالح المشروعة لجميع الأطراف.

علاقات عسكرية متطورة

من جانبه، رأى نائب مدير معهد التوقعات وتسوية النزاعات السياسية الروسي، ألكسندر كوزنيتسوف، في تصريحات لـ"الشرق"، أن زيادة إمدادات الغاز الجزائري لأوروبا، "لن تؤثر سلباً على العلاقات الروسية الجزائرية. فلدى موسكو والجزائر علاقات في مجالات مختلفة".

وأشار في هذا السياق، إلى العلاقات التي تتطور في مجال التعاون العسكري، بما في ذلك توريد أسلحة روسية إلى الجزائر، إذ أن تصدر موسكو الأسلحة إلى الجزائر منذ العام 2006-2007 بمبالغ كبيرة، ومن بين تلك الأسلحة أنظمة دفاع جوي. وأضاف أن هناك حديثاً جارياً بشأن "توريد منظومات إس 300 وإس 400، إلى جانب الدبابات وراجمات صواريخ، وغيرها"، مشدداً على أنه "بالطبع من غير الممكن لنا أن نخسر مثل هذه السوق".

حاجة لتمويل

وبيّن أن "قطاع النفط والغاز في الجزائر ليس في أحسن حالاته اليوم، كما أنه بحاجة إلى تمويل كبير"، مضيفاً: "للأسف الشديد لم يلق هذا القطاع تمويلاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وعندما كان يحصل على تمويل كانت الأموال تسرق".

وأشار إلى أن قطاع الغاز في الجزائري بحاجة إلى ما بين "5 إلى 6 مليارات دولار، وربما يزيد هذا الرقم إلى 10 مليارات، كي يتمكن من زيادة إمداداته".

وتابع أن الجزائر "تصدر كمية كبيرة من الغاز الطبيعي المسال إلى دول عدة"، مشيراً إلى أن "زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال قد تتطلب عدة سنوات.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات