
يواجه المستشار الألماني أولاف شولتز، اتهامات في ألمانيا بعرقلة وصول الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا، مثل الدبابات والطائرات المقاتلة، وامتدت هذه الضغوط إلى داخل ائتلافه الحاكم.
وبعد تبني ألمانيا موقفاً تاريخياً بشأن تسليح أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة، ظهر شولتز متردداً في تجاوز الإمدادات الأولية التي أرسلتها بلاده إلى كييف، والتي تمثلت في معدات الحماية، وذخائر وبعض أنواع القذائف.
وذكرت "بلومبرغ" في تقرير، أن موقف المستشار الألماني "الحذر"، أحيى مخاوف من أن "برلين غير عازمة على إفشال حرب الكرملين"، بسبب اعتمادها على الطاقة الروسية، وتاريخها في التعامل مع موسكو.
وباتت هذه الانتقادات تقترب من شولتز نفسه، خصوصاً وأن أعضاء الأحزاب الثلاثة في تحالفه الحاكم، دعوه إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات العملية.
ضغوط داخلية
ورغم رفض شولتز للانتقادات، وتعهده بدعم الجيش الأوكراني، إلا أن الضغط يتزايد، إذ أظهرت نتائج استطلاع أجرته إذاعة "إيه آر دي" العامة، أن 55% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع (1226 شخصاً) يدعمون إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا، فيما يعارض الخطوة 37%.
واتهمت ماري أجنيس ستراك-زيمرمان، المشرعة البارزة في الحزب الديمقراطي الحر، شولتز بـ"التقاعس" عن إرسال المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، معربة عن شعورها بـ"المفاجأة" من موقفه.
وقالت ستراك-زيمرمان، التي ترأس لجنة الدفاع في مجلس النواب الألماني، في مقابلة مع إذاعة "دويتشلاند فونك"، الخميس: "نرى أن أوكرانيا تخوض حرباً لا يمكن تصورها، وهذا يعني أنه ليس أمامنا الكثير من الوقت للتردد أو التفكير، فصحيح أنه يجب أن نفكر، ولكن يتعين علينا أن نقوم بذلك بسرعة كبيرة".
صورة ألمانيا "الحليف"
النائب عن حزب الخضر، الذي يرأس لجنة الشؤون الأوروبية في البرلمان، أنتون هوفرايتر، قال إن "الحذر الذي يظهره شولتز، بدأ في تقويض صورة ألمانيا في الخارج، باعتبارها حليف يمكن الاعتماد عليه"، مضيفاً في تصريحات لقناة "آر تي إل" التليفزيونية: "المشكلة تكمن في مكتب المستشار نفسه، إذ يجب علينا الآن أن نبدأ في إمداد أوكرانيا بما تحتاجه، وهذا يشمل الأسلحة الثقيلة".
وبدت أوكرانيا منزعجة من موقف ألمانيا، وهو ما منع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي كان وزيراً سابقاً للخارجية ولطالما اُتهم بالحفاظ على علاقات وثيقة مع الكرملين، من السفر إلى كييف الأسبوع الماضي.
وقال شتاينماير: "من الواضح أنني غير مُرحَب به في كييف"، وهو ما أدى إلى إثارة ردود فعل عنيفة في برلين.
وفي المقابل، استخدم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا نبرة وصفت بـ"التصالحية"، الخميس، وقال إن "أوكرانيا تحترم ألمانيا بشدة"، وإن "هذا الاحترام يمتد إلى رئيس البلاد"، مشيراً إلى أنه سيتم معالجة الخلاف من خلال القنوات الدبلوماسية.
مطالب داخل حزب شولتز
وتأتي مطالب اتخاذ المزيد من الإجراءات من داخل حزب شولتز نفسه، إذ يقول نائب وزير الخارجية الألماني السابق مايكل روث، إنه غيّر رأيه بشأن معارضة فكرة "تسليم أسلحة ثقيلة إلى كييف"، بعد زيارته لأوكرانيا الأسبوع الماضي، والتي التقى خلالها بجندي شاب فقد ساقه في إحدى المعارك.
وأضاف روث، وهو نائب عن "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، ويرأس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان: "أوكرانيا بحاجة الآن إلى جميع الأسلحة حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها بشكل أفضل".
وعلى الرغم من ذلك، فقد دافع روث عن المستشار الألماني قائلاً، إن "مسألة تسليم الأسلحة الثقيلة لم يتم تعقيدها بواسطة شولتز نفسه، ولكن بسبب العقبات اللوجستية والعملية".
وقال شولتز، في مقابلة مع إذاعة "آر بي بي"، الأربعاء: "قمنا بتسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، وسنستمر في ذلك، ولكن يتعين على ألمانيا أولاً التنسيق مع كييف وحلفاؤها في (حلف شمال الأطلسي) الناتو، قبل أن يكون هناك أي قرار بتسليم المزيد من الأسلحة".
وأضاف المستشار الألماني أن برلين اتفقت مع كييف حول قائمة بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى المطلوبة، ولكنه لم يذكر تفاصيلها، وعندما سُئل عما إذا كان الانطباع بأن ألمانيا لن ترسل أي دبابات قتالية أو طائرات حربية من مخزونها العسكري في أي وقت قريب صحيحاً، تجنب شولتز تقديم إجابة واضحة، وفق "بلومبرغ".
وترى ألمانيا أن دبابات مثل "ماردر" أو "ليوبار"، تحتاج إلى التدريب قبل أن يتمكن الجيش الأوكراني من استخدامها بشكل فعّال.