وقع مركز "الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية" في العاصمة اللبنانية بيروت، مذكرة تفاهم مع وزارة الخارجية الفرنسية، و"الوكالة الفرنسية للتنمية" (AFD)، بهدف دعم العمل الإنساني في لبنان بمبلغ 72 مليون يورو (نحو 76.6 مليون دولار) خلال المرحلة الأولى، وذلك في إطار الشراكة السعودية الفرنسية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية، بأن مذكرة التفاهم شملت خلال المرحلة الأولى "تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل للبنان في مجالات الغذاء والتغذية والصحة"، إذ "ستقدم السعودية إسهاماً بقيمة 36 مليون يورو، فيما سيلتزم الجانب الفرنسي بتقديم إسهام مماثل، ليكون الإجمالي 72 مليون يورو".
واضافت أن الاتفاق يأتي امتداداً لحرص حكومة المملكة على "الوقوف مع الشعب اللبناني الشقيق والإسهام في تحقيق استقراره وتنميته، ومساعدة المحتاجين من أبناء شعبه، لتخطي هذه الأزمة التي يمر بها لبنان".
من جهتها، أشارت وزارة الخارجية الفرنسية في سلسلة تغريدات على "تويتر"، بأن السعودية وفرنسا أطلقتا "آلية إنسانية مشتركة مخصصة لدعم اللبنانيين رداً على احتياجات السكان المستضعفين في لبنان الأكثر إلحاحاً في قطاعي الصحة والأمن الغذائي ذوي الأولوية".
ولفتت إلى أن الاتفاق "يفتتح سلسلة أولى من المشاريع الإنسانية، في مقدمتها تعزيز الانتفاع بخدمات الرعاية الصحية الأولية، من خلال دعم المراكز الصحية الأولية والوحدات الطبية المتنقلة من أجل تعزيز انتفاع السكان المستضعفين بالخدمات الصحية الأولية، وتوزيع حليب الأطفال، إضافة إلى دعم مراكز صحية في شمال لبنان، وهي المنطقة التي عانت بشدة جراء تبعات الأزمة الراهنة".
وتابعت أن المشاريع تهدف إلى "اتخاذ إجراءات في قطاع الأمن الغذائي" من خلال تلبية الاحتياجات الغذائية عبر "تقديم مساعدة مالية شهرية لنحو 7500 شخص يستفيدون منها مباشرة، في مختلف المناطق اللبنانية".
دعم مستشفى طرابلس
كما ستدعم الآلية "مستشفى طرابلس الحكومي" في شمال لبنان، لأنها "ثاني أكبر مستشفى حكومي في لبنان، وقامت بعمل جبار لمواجهة جائحة كورونا". وترمي الآلية أيضاً وفقاً للخارجية الفرنسية، إلى "تقديم دعم طارئ لهذه المستشفى التي تعالج نحو مليون شخص". وتابعت أنه علاوة على المساعدات الطارئة، "لا بد من تقديم دعم هيكلي للمستشفى من خلال تدريب العاملين فيها وترميم المباني".
وختمت الخارجية سلسلة تغريداتها، بأن التمويلات التي قدمتها الرياض وباريس، تمثل "مرحلة أولى في سبيل حشد جهود مشتركة ومعززة لصالح لبنان. وتكمن الغاية من هذه الآلية في استمرارها على الأجل البعيد وتناولها قضايا إنمائية أيضاً".
من جهتها، شددت السفارة الفرنسية لدى بيروت، على وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني، وجددت "مطالبها وتطلعاتها، التي تتماشى ومطالب الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، إزاء السلطات اللبنانية، والتي تتمثل في التنفيذ العاجل للإصلاحات الضرورية لحل الأزمة في لبنان، وإبرام اتفاق شامل وكامل مع صندوق النقد الدولي، وتنظيم انتخابات تشريعية محايدة وشفافة في موعدها المقرر في 15 مايو 2022".
ويأتي هذا التمويل، نتيجة اتفاق بين وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان بباريس في 28 فبراير الماضي، والذي نص على دعم تمويل عدة مشاريع إنسانية أولية لمساعدة الشعب اللبناني، وذلك بعد اتفاق في ديسمبر الماضي، على إنشاء الآلية، كخطوة أولى لمعاودة تواصل السعودية مع لبنان، عقب خلاف دبلوماسي بين بيروت ودول الخليج العربية.
ويعاني لبنان من أزمة مالية خانقة، آخذة في التزايد، وصفها البنك الدولي بأنها "من أشد حالات الكساد في التاريخ الحديث".
وفقدت العملة اللبنانية 90% من قيمتها، وانزلق ثلاثة أرباع السكان إلى براثن الفقر، وأصبحت الحياة اليومية معاناة متصلة بسبب نقص السلع الأساسية مثل الوقود والأدوية.
كما تخلف لبنان عن سداد 30 مليار دولار من سندات اليوروبوند منذ أكثر من عام، لإنقاذ ما تبقى من احتياطياته المتضائلة من العملة الصعبة، بعد أن جفت التحويلات الخارجية.
وأدى انهيار قيمة الليرة إلى تدمير مدخرات ملايين اللبنانيين، فيما تسبب نقص الوقود في زيادة حالة البؤس.
ويقدر صندوق النقد الدولي "الخسائر الكامنة" للبنك المركزي اللبناني، وكذلك تلك التي تكبدها المقرضون، بنحو 241 تريليون ليرة، أو 69 مليار دولار ، على أساس سعر الصرف الرسمي البالغ 3500 ليرة لكل دولار، وهو أقل بكثير من سعر السوق السوداء الحاليالذي يقترب من 24 ألف ليرة.