أعلنت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، السبت، عزمهما على تعزيز تحالفهما وتوسيع نطاقه خارج شبه الجزيرة الكورية، من أجل مواجهة تحديات عالمية. وتعهدتا بتنفيذ مناورات عسكرية مشتركة أكثر ضخامة، لمواجهة "تهديد" كوريا الشمالية، إضافة إلى مواصلة الضغط على روسيا لوقف "عدوانها" على أوكرانيا.
جاء ذلك خلال زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لسول في مستهلّ جولة في آسيا تقوده أيضاً إلى اليابان، حيث يلتقي الإمبراطور ناروهيتو ورئيس الوزراء فوميو كيشيدا، ويشارك في القمة الإقليمية لتحالف "الرباعية" (كواد)، الذي يضمّ أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة.
والتقى بايدن في سول للمرة الأولى، بالرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، بعد 11 يوماً على تنصيبه، علماً أن معلومات استخباراتية أميركية رجّحت أن يأمر الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، بتنفيذ تجارب نووية أو صاروخية خلال رحلة بايدن.
بايدن ولقاء كيم
وقال بايدن، في مؤتمر صحافي مع يون، إنه مستعد للقاء كيم، مستدركاً أن ذلك "مرهون بصدق" الزعيم الكوري الشمالي و"جديته"، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ"، علماً أن سلف بايدن، دونالد ترمب، التقى كيم 3 مرات.
وأضاف بايدن أن الولايات المتحدة عرضت على كوريا الشمالية والصين، تزويدهما بلقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد، مضيفاً أن واشنطن "لم تتلقَ أيّ ردّ" من بيونج يانج. كذلك عرض يون مساعدة كوريا الشمالية لمكافحة أول تفشٍ معترف به للفيروس، لكن بيونج يانج لم تستجب حتى الآن، علماً أنها أعلنت، السبت، أن أكثر من 200 ألف مريض جديد، يعانون من الحمى، لليوم الخامس على التوالي، بحسب وكالة "رويترز".
وقال بايدن إن التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الذي يعود تاريخه إلى الحرب الكورية (1950-1953)، يجب أن يتطوّر بشكل أكبر لإبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ "حرة ومنفتحة". وأضاف أن التحالف شُيّد على معارضة تغيير الحدود بالقوة، في إشارة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا ومطالبات الصين بالسيادة على تايوان.
أما يون فذكر أن التغييرات في التجارة الدولية وسلاسل التوريد، دفعت البلدين لتعميق علاقتهما، داعياً إلى التعاون في قطاع البطاريات الكهربائية وأشباه الموصلات، علماً أن بايدن أعلن الجمعة أن مجموعة "هيونداي" الكورية الجنوبية ستستثمر نحو 5.5 مليار دولار لتشييد أول منشآت مخصّصة لتصنيع السيارات الكهربائية والبطاريات في ولاية جورجيا جنوب الولايات المتحدة. ورحّب بايدن أيضاً بقرار شركة سامسونج الكورية الجنوبية، تشييد مصنع جديد لأشباه الموصلات في تكساس، سيُفتتح عام 2024، بحسب وكالة "فرانس برس".
يون وصف الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه "مأساة"، داعياً إلى تسويته بسرعة. أما الرئيس الأميركي فقال: "إننا عند نقطة انعطاف في تاريخ العالم"، حيث تتنافس الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية على التفوّق، بحسب "بلومبرغ".
"تفعيل استراتيجية الردع الموسعة"
ووَرَدَ في البيان المشترك الذي أصدره بايدن ويون: "يؤكد الرئيس بايدن على التزام الولايات المتحدة بالردع الموسّع (لمصلحة) جمهورية كوريا (الجنوبية)، باستخدام النطاق الكامل للقدرات الدفاعية الأميركية، بما في ذلك القدرات الدفاعية النووية والتقليدية والصاروخية".
وأضاف: "اتفق الرئيسان على إعادة تفعيل استراتيجية الردع الموسعة والمجموعة الاستشارية رفيعة المستوى، في أقرب وقت. يلتزم الزعيمان بمزيد من تعزيز الردع، من خلال تعزيز الموقف الدفاعي المشترك، وتأكيد الالتزام بالانتقال القائم على الظروف، للسيطرة العملياتية في زمن الحرب. مع وضع ذلك في الاعتبار، ونظراً إلى التهديد المتنامي الذي تشكّله جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (الشمالية)، يتفق الزعيمان على بدء مناقشات لتوسيع نطاق وحجم التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة وحجم التدريبات العسكرية المشتركة في شبه الجزيرة الكورية ومحيطها".
كذلك أكد الزعيمان مجدداً "التزام الولايات المتحدة بنشر أصول عسكرية أميركية استراتيجية، في الوقت المناسب وبطريقة منسقة بحسب الضرورة، إضافة إلى تعزيز هذه الإجراءات وتحديد خطوات جديدة أو إضافية، لتعزيز الردع في مواجهة نشاطات كوريا (الشمالية) المزعزعة للاستقرار. وفي هذا السياق، ستوسّع الولايات المتحدة وجمهورية كوريا التعاون بشكل كبير، لمواجهة مجموعة من التهديدات الإلكترونية من كوريا (الشمالية)، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الهجمات الإلكترونية التي ترعاها الدولة".
وشدد يون وبايدن على أن "طريق الحوار لا يزال مفتوحاً نحو حلّ سلمي ودبلوماسي مع كوريا" الشمالية، وحضّاها على "العودة إلى المفاوضات" لتسوية ملفَّي برنامجيها النووي والصاروخي.
وأعرب الزعيمان عن "قلقهما بشأن تفشي فيروس كورونا أخيراً في كوريا" الشمالية، وأعلنا استعداد واشنطن وسول لـ"العمل مع المجتمع الدولي، من أجل مساعدة كوريا (الشمالية) لمكافحة الفيروس".
أمن الطاقة والتكنولوجيات الحيوية
في الشأن الاقتصادي، أكد الرئيسان أنهما "يدركان أهمية تعميق التعاون في المجال الاقتصادي وأمن الطاقة، وهما أمران أساسيان لحماية ازدهارنا وأمننا المشترك ومصالحنا الجماعية"، وأشارا إلى أنهما "سيوجّهان مجلسَي الأمن القومي (في البلدين)، لإطلاق حوار أمني اقتصادي يستهدف مواءمة النهجين البيروقراطي والسياسي للحكومتين".
كذلك اتفقا على "تعزيز مرونة وتنوّع شبكات (الإمداد)، بما في ذلك من خلال التعاون في أنظمة الإنذار المبكر، لاكتشاف ومعالجة اضطرابات محتملة في سلسلة التوريد والعمل معاً لمعالجة تحديد المعادن المهمة ومعالجتها".
وشدد الزعيمان أيضاً على "تعزيز التعاون بين سلطات فحص الاستثمار الأجنبي والرقابة على الصادرات المتعلّقة بالتكنولوجيات الحيوية، وهذا أمر ضروري لمنع استخدام التكنولوجيات المتقدّمة لتقويض أمننا الوطني والاقتصادي".
وأعلن الرئيسان "التزامهما بالتعاون الوثيق، من خلال الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، على أساس مبادئ الانفتاح والشفافية والشمولية"، واتفقا على "العمل معاً لتطوير إطار اقتصادي شامل، من شأنه تعميق المشاركة الاقتصادية في القضايا ذات الأولوية، بما في ذلك الاقتصاد الرقمي، وسلاسل التوريد المرنة، والطاقة النظيفة، والأولويات الأخرى الموجّهة نحو تعزيز النموّ الاقتصادي المستدام".
الصين وتايوان وغزو أوكرانيا
وتطرّق البيان المشترك إلى التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه واشنطن وسول، وشددا على "التزامهما بالحفاظ على السلام والاستقرار، والتجارة المشروعة من دون عوائق، واحترام القانون الدولي بما في ذلك حرية الملاحة والتحليق والاستخدام القانوني الآخر للبحار، بما في ذلك في بحر الصين الجنوبي وما وراءه".
وأكدا "أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، بوصفه عنصراً أساسياً في الأمن والازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، وتابعا: "من خلال مشاركة مخاوفنا المتبادلة في ما يتعلّق بأوضاع حقوق الإنسان في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يلتزم الزعيمان بتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون في العالم".
وأعلن الرئيسان "معارضتهما كل النشاطات التي تقوّض أو تزعزع استقرار أو تهدد النظام الدولي القائم، ويقفان جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي في إدانة عدوان روسيا غير المبرر على أوكرانيا". وأضاف البيان: "استجاب البلدان، إلى جانب شركاء دوليين آخرين، بحزم لهذا الانتهاك الواضح للقانون الدولي، من خلال فرض عقوبات مالية وضوابط على الصادرات ضد روسيا وكيانات روسية، إلى جانب تأمين مساعدات إنسانية حيوية لأوكرانيا. ويؤكد الزعيمان أنهما سيكفلان التنفيذ الفعال للإجراءات الخاصة ببلديهما، من أجل ردع مزيد من العدوان الروسي والحفاظ على التزامنا بمبادئ السيادة وسلامة أراضي" الدول.
"تعزيز التحالف" بين واشنطن وسول
كذلك أصدر البيت الأبيض بياناً، ورد فيه أن "الزعيمين أكدا مجدداً التزامهما بتعزيز التحالف بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا، وتوسيع نطاق تركيزه خارج شبه الجزيرة الكورية لمواجهة تحديات عالمية، بما في ذلك التهديدات للنظام الدولي القائم على القواعد، مثل الغزو الروسي لأوكرانيا".
والتزم الرئيسان بـ"زيادة التعاون في مجموعة واسعة من القضايا ذات الأولوية، بما في ذلك التكنولوجيات الحيوية، والأمن الاقتصادي وأمن الطاقة، والصحة العالمية، وتغيّر المناخ"، والتزما بـ"مواصلة تعزيز الردع وضمان التعاون الوثيق لمواجهة التهديد الذي تشكله كوريا (الشمالية)".
"مواجهة الصين"
وبدأ بايدن نهاره بزيارة المقبرة الوطنية في سول، حيث دُفن الجنود الأميركيون الذين سقطوا خلال الحرب الكورية، ووضع إكليلاً من الزهر عند النصب التذكاري الذي يكرّم عشرات آلاف الجنود الذين لم يُعثر على جثثهم.
وأفادت "رويترز" بأن التصدي للوجود الصيني في المنطقة هو إحدى القضايا المهمة في جولة بايدن، مستدركة أن كوريا الجنوبية ستلتزم على الأرجح بموقف حذر علناً في هذا الصدد، إذ أن بكين هي أكبر شريك تجاري لسول.
وعلّق الموفد الصيني للشؤون الكورية، ليو شياو مينج، على هذا الأمر، وكتب على تويتر: "قال (مستشار الأمن القومي الأميركي) جيك سوليفان، إن رحلة بايدن إلى آسيا لا تستهدف مواجهة الصين. نأمل بأن تقرن الولايات المتحدة أقوالها بالأفعال، وأن تعمل مع دول المنطقة لتعزيز التضامن والتعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بدلاً من التآمر للانقسام والمواجهة".
اقرأ أيضاً: