الاتحاد الإفريقي يسعى لنزع فتيل أزمة متصاعدة بين الكونجو ورواندا

دعا الرئيس السنغالي ورئيس الاتحاد الإفريقي ماكي سال، الأحد، إلى حوار بين الكونجو الديمقراطية ورواندا، في وقت تتصاعد حدة التوتر بين الدولتين بسبب هجوم جديد شنّته الجماعة المتمردة "إم 23".

واستدعت الكونجو، السبت، سفير رواندا وعلّقت رحلات شركة الطيران الرواندية إلى الكونجو، رداً على ما تقول إنه دعم تقدمه كيجالي لمتمردي "إم 23" الذين يشنّون هجوماً عسكرياً في مناطقها الحدودية الشرقية.

وأعلن المتحدث باسم حكومة الكونجو باتريك مويايا تعليق الرحلات الجوية الرواندية إلى البلاد، واستدعاء السفير في وقت متأخر عقب اجتماع لمجلس الدفاع الوطني.

وقال إن السلطات الكونجولية صنفت حركة "إم 23" جماعة إرهابية، واستبعدتها من المفاوضات، التي تعقد بين الحين والآخر في العاصمة الكينية نيروبي، بين حكومة الكونجو والجماعات المسلحة النشطة في شرق البلاد.

وقال مويايا: "تم توجيه تحذير للروانديين الذين من المرجح أن يعرقل موقفهم عملية السلام التي شارفت على نهايتها مع المناقشات في نيروبي حيث تلتزم جميع الجماعات المسلحة، باستثناء حركة إم 23، بالسير على طريق السلام".

واتهمت كينشاسا رواندا بأنها وراء أحدث هجوم للمتمردين، مشيرة إلى القوة النيرانية الكبيرة للمنظمة باعتبارها دليلاً على الدعم الخارجي. 

وتنفي رواندا دعم المتمردين، الذين تقدموا خلال الأيام القليلة الماضية لمسافة تصل إلى 20 كيلومتراً من مدينة جوما الرئيسية بشرق الكونجو، واستولوا لفترة وجيزة على أكبر قاعدة للجيش في المنطقة.

التمرد الأعنف

ويعد الهجوم الحالي شرق الكونجو الديمقراطية هو الأعنف منذ تمرد على مدى عامي 2012 و2013، اجتاح فيه متمردو "إم 23" مدينة جوما لفترة وجيزة. واتهم محققون من الكونجو والأمم المتحدة كيجالي بدعم حركة "إم 23" خلال ذلك التمرد.

وبعد نحو 10 سنوات من وقف إطلاق النار الهش، بادرت حركة "إم 23" بشن هجوم على الجيش الكونجولي، في 28 مارس، قرب الحدود مع كل من أوغندا ورواندا، وفق شبكة "دويتشه فيلا" الألمانية. وأدى ذلك لنزوح عشرات الآلاف من منازلهم.

واحتدم القتال بين الجيش الكونجولي والمتمردين الخميس، وقال إيمانويل دي ميرودي مدير متنزه فيرونجا الوطني لوكالة "فرانس برس" إن "الجيش استعاد قاعدته في رومانجابو من حركة إم 23، لكن يبدو أن المتمردين ما زالوا يسيطرون على جزء كبير من المنطقة المحيطة".

وأضاف دي ميرودي أن قتالاً عنيفاً اندلع خلال الليل بالقرب من بلدة كيبومبا على بعد حوالي 20 كيلومتراً شمال شرقي جوما، قرب الحدود مع رواندا. وذكر شاهد هناك إن البلدة سقطت في أيدي حركة "إم 23" الأربعاء.

وقال ويلي نجوما المتحدث باسم الحركة لوكالة "رويترز"، الخميس، إن المتمردين هزموا الجيش والجماعات المسلحة المتحالفة معه، والتي قال إنها هي التي بدأت الأعمال العسكرية.

كان التوتر بين كيجالي وكينشاسا قد بدأ بإعلان رواندا، الاثنين الماضي، أنها طلبت من هيئة إقليمية التحقيق في قصف جيش الكونجو الديمقراطية لأراضيها، موضحة أن ذلك أدى لإصابة عدة أشخاص وألحق أضراراً بممتلكات. وللبلدين تاريخ من الاتهامات المتبادلة بدعم جماعات مسلحة.

وقالت وزارة الدفاع الرواندية في بيان إنها طلبت من آلية التحقيق المشتركة الموسعة التحقيق في مهاجمة أراضيها. وهذه الآلية عبارة عن مجموعة خبراء عسكريين من المنطقة يراقبون الحوادث الأمنية ويحققون فيها.

كما استشهد مستخدمون للإنترنت من الكونجو بصورة جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي لرجلين يرتديان الزي العسكري الرواندي محاطين بجنود من الكونجو، كدليل على وجود الجيش الرواندي داخل الكونجو.

ولم تعلق حكومة الكونجو على الصورة، لكن المتحدث باسم حكومة الكونجو قدم لقطات مصورة خلال تصريحاته لذخائر وملابس عسكرية قال إنها لجنود روانديين، وإن الجيش الكونجولي عثر عليها.

جنديان مخطوفان

إلى ذلك، أكد الجيش الكونجولي، الأحد، أنه يحتجز جنديين أعلنت كيجالي السبت أنها تبحث عنهما، متهمة متمردين هوتو روانديين تابعين لـ"القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" بخطفهما واحتجازهما في الكونجو الديمقراطية، كما اتهمت السلطات الحكومية الكونجولية بدعم المجموعة المسؤولة عن احتجازهما.

وقالت كيجالي إنهما خطفا خلال دورية واقتادتهما "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" إلى الكونجو الديمقراطية. وهذه الجماعة المسلحة أسسها أفراد عرقية الهوتو الذين فروا من رواندا بعد المشاركة في الإبادة الجماعية عام 1994. وطلب الجيش الرواندي على موقعه على الإنترنت إطلاق سراح الجنديين.

وكتب الجنرال سيلفان إيكينجي المتحدث باسم الحاكم العسكري لمقاطعة شمال كيفو الكونجولية "خلافاً لتصريحات المسؤولين" الروانديين "يعمل عسكريو قوات الدفاع الرواندية فعلياً على الأراضي الكونجولية، والدليل على ذلك، اعتقال السكان للكابورال نكوندابانجيزي إليزيه والجندي مينوار جادي".

وأضاف "حسب ما كتباه، دخلا الأراضي الكونجولية منذ الأربعاء 25 مايو 2022 لمهاجمة معسكر الجيش الكونجولي في رومانجابو على بعد أكثر من 20 كيلومتر من الحدود الرواندية في منطقة روتشورو".

وأوضح أنه بعدما أحبط الجيش الكونجولي الخطر، "ضل العسكريان الطريق قبل أن يأسرهما السبت السكان في رومانجابو"، متهماً رواندا بشن "حرب بالوكالة لعقود على الأراضي الكونجولية".

تاريخ من التوتر

والعلاقات بين كينشاسا وكيجالي متوتّرة منذ الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في عام 1994، ووصول أعداد كبيرة من الهوتو الروانديين المتهمين بارتكاب مجزرة بحق التوتسي خلال هذه الأحداث، إلى الكونجو الديمقراطية.

ومنذ ذلك الحين، تتهم كينشاسا بشكل متكرر رواندا بالتوغل في أراضيها وبدعم المجموعات المسلحة في شرق البلاد.

وغزت رواندا الكونجو في عام 1996 لملاحقة رجال الجماعات المسلحة. ويشهد شرق الكونجو صراعاً شبه مستمر منذ ذلك الحين بسبب توغلات خارجية وعمليات مسلحة من قبل الجماعات المتمردة.

وكانت العلاقات قد بدأت تتحسن بعدما تولى فيليكس تشيسيكيدي الرئاسة في الكونجو الديمقراطية في عام 2019، لكن تجدد أعمال العنف أعاد تأجيج التوترات.

وحركة "إم 23" هي اختصار لـ"23 مارس"، والمعروفة بـ"الجيش الثوري الكونجولي"، إذ ظهرت في قبيلة التوتسي على يد الجنرال المنشق بوسكو نتاجاندافي.

وظهرت لأول مرة في مارس من عام 2012 كحركة تمرد تقاتل القوات المسلحة للكونجو الديمقراطية في شرق البلاد. واختارت اسمها تيمناً بتاريخ معاهدة السلام التي وقعت في 23 مارس 2009.

وتزعم الحركة أنها قامت لأن الحكومة لم تنفذ التزاماتها من الاتفاقية، علاوة على "الفشل الواضح لدمج عناصر من الحركات السياسية العسكرية في القوات المسلحة الكونجولية".