
أرخى التنافس الأميركي الصيني وخلافات بين جزر المحيط الهادئ بظلاله على انطلاق قمة إقليمية تاريخية، ما يعرقل المساعي نحو جذب انتباه العالم إلى الأزمة المناخية الخطيرة في تلك الجزر.
وتعد النسخة الحالية من منتدى جزر المحيط الهادئ أهم اجتماع منذ سنوات، إذ تأتي بعد توقف قسري بسبب جائحة كورونا، بينما يشكل الوقت عامل ضغط على الجزر الاستوائية للتحرك في ملف المناخ.
وافتتح فوريك (فرانك) باينيماراما، رئيس فيجي الذي يترأس المنتدى، الثلاثاء، الاجتماع الأول للقمة، محذراً من أن "أزمة تغير المناخ الجامحة" تهدد أمن وسيادة العديد من دول منطقة الهادئ.
لكن بدلاً من الاكتفاء بالتركيز على التهديد الناجم عن ارتفاع مستوى مياه البحار والعواصف التي تزداد قوتها، فإن قراراً صادماً اتخذه زعماء متحالفون مع بكين في كيريباتي بالانسحاب من المنتدى، وكُشف عنه عشية القمة، أرخى بظلاله على سير الاجتماع.
ويتصاعد التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين منذ أن وقعت جزر سليمان معاهدة أمنية مثيرة للجدل مع بكين في أبريل الماضي.
وأعلنت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، الثلاثاء، عن مشاركة غير مسبوقة في القمة عبر الفيديو، التي يقتصر اجتماعها على دول المحيط الهادئ وأستراليا ونيوزيلندا.
"طوارئ مناخية"
يلتقي القادة في فندق "جراند باسيفيك" الفخم في عاصمة فيجي، لمناقشة استراتيجية المضي قدماً في منطقة الهادئ حتى 2050، مع تركيز شديد على التهديد الوجودي المتمثل بالتغير المناخي.
وسيناقش القادة أيضاً الإعلان عن حالة طوارئ مناخية في الهادئ، ومسألة دعم مساع تقودها جمهورية فانواتو، للطلب من محكمة العدل الدولية التدخل في مسألة الالتزامات المناخية للدول.
وقال رئيس وزراء فانواتو، بوب لاومان، الثلاثاء، إن سكان المنطقة "يدعوننا، نحن قادة منطقة الهادئ، للتصدي لهذه الطوارئ".
غير أن انسحاب كيريباتي من المنتدى أثار مخاوف إزاء تفكك للوحدة المتراصة لمنطقة الهادئ، والتي تعطي الجزر الصغيرة ثقلاً في مفاوضات المناخ العالمية.
وقال وزير خارجية توفالو، سايمون كوفي، لوكالة "فرانس برس" إنه "فوجئ وحزن" لانسحاب كيريباتي، لكنه عبر عن أمله إزاء إمكانية إقناعها بالانضمام مجدداً.
وتصدر كوفي العام الماضي عناوين الأنباء عندما خاطب قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي واقفاً في مياه تصل إلى مستوى ركبتيه، لجذب الانتباه إلى خطر التغير المناخي على بلاده المنخفضة، التي قد تختفي تحت مياه البحار المرتفعة في السنوات الخمسين المقبلة.
وأمام خطر مماثل، فإن التغير المناخي هو أولويته في القمة. وستطالب توفالو بتركيز على تمويل الدول والتصدي لأزمة المناخ.
واعتبر كوفي إن المخاوف إزاء الأمن الإقليمي، المتأتية عن معاهدة جزر سليمان والصين "تجذب بعض الاهتمام بعيداً عن التغير المناخي".
"الأمن مقابل المناخ"
وستكون القمة بمثابة اختبار لرئيس الوزراء الأسترالي الجديد أنتوني ألبانيز، الذي تعهد بذل مزيد من الجهود في ملف المناخ وتحسين علاقات بلاده المتأزمة مع دول منطقة الهادئ.
وخلال لقاء القادة في المنتدى السابق الذي عقد في 2019، تحولت النقاشات إلى صراخ ودموع عندما حاولت الحكومة الأسترالية السابقة إسكات قادة حاولوا توجيه دعوة عالمية للتحرك على صعيد المناخ.
لكن ألبانيز يريد أيضاً استغلال القمة للتعبير عن هواجسه إزاء التطورات الأمنية في المنطقة في أعقاب الاتفاق بين الصين وجزر سليمان. وتحدث لوسائل الإعلام الثلاثاء، سعياً إلى دمج قضايا المناخ والأمن.
وقال في مؤتمر صحافي في سيدني: "جيراننا في الهادئ يدركون أن التغير المناخي مسألة أمن قومي".