
قالت حكومة "الوحدة" الليبية المقالة من قبل البرلمان، الخميس، إن فرحات بن قدارة تولى مسؤولية العمليات داخل مقر المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة الليبية طرابلس، وذلك بعد قرارها عزل مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة.
جاء ذلك، بعدما حاصر المبنى، ليل الأربعاء، عناصر من قوة "دعم الدستور والانتخابات"، تسعى إلى القبض على صنع الله.
وفي وقت سابق، الخميس، قالت مصادر ليبية في تصريحات لـ"الشرق"، إن موظفي المؤسسة قاموا بالتصدّي وطرد أعضاء اللجنة المكلفة بعزل صنع الله، والتي كلّفها رئيس الحكومة المقال من قبل البرلمان، عبد الحميد الدبيبة.
قدارة: "لا لتسييس مؤسسة النفط"
من جانبه، قال فرحات بن قدارة، في مؤتمر صحافي، بعد استلام مهامه، إن "مؤسسة النفط من أعرق المؤسسات، وعلينا دعم دورها الحيوي في إدارة أهم مورد وطني، والذي يجب أن يكون بعيداً عن التسييس، فهي مؤسسة فنية بحتة ينظم عملها القانون".
وأضاف أن الأولويات الجديدة ستركز على "تفعيل أنظمة الحوكمة، والالتزام بالعمل بقانون النفط الذي يحدد جيداً العلاقة مع كل مؤسسات الدولة، ودعم لدور الشريك الأجنبي الذي كان مساهماً بقوة في تطوير القطاع".
وأشار إلى أنه من "الضروري أن تسترجع ليبيا طاقتها التصديرية في النفط والغاز بأسرع وقت ممكن، بالتنسيق مع الأطراف المعنية"، معلناً أن "الزيادة المقررة للعاملين بالمؤسسة سيتم تنفيذها خلال شهرين بحد أقصى".
صنع الله: قرار الدبيبة "باطل"
وكان مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، تجاهل أمراً بإقالته من حكومة الدبيبة، الأربعاء، لدى عودته إلى طرابلس بعد أداء فريضة الحج، مشككاً في صلاحيتها بإقالته، وتعيين فرحات بن قدارة، ما يُثير المخاوف من جر المؤسسة المسؤولة عن إنتاج النفط إلى المواجهة السياسية الطاحنة في البلاد.
وقال صنع الله إن "قرار الدبيبة بتعيين مجلس إدارة جديد باطل من حكومة منتهية الولاية. الدبيبة لا يستطيع تغيير إدارة مؤسسة النفط الليبية.. المؤسسة أكبر من عبد الحميد الدبيبة وأمثاله، وهي محايدة وليست سياسية، ولا تتبع الحكومة".
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط رفع القوة القاهرة عن مرفأ البريقة والزويتينة (شرق)، بعد مفاوضات استمرت لأيام مع حرس المنشآت النفطية ومسؤولين بارزين هناك.
وقال صنع الله في بيان: "بعد مفاوضات طويلة ومستمرة خلال عطلة عيد الأضحى، والتواصل مع حرس المنشآت النفطية ورئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب، نتج عنها الوصول إلى قناعة بأهمية شحن المكثفات لحل أزمة نقص الغاز في المنطقة الشرقية".
في السياق، قالت وزارة النفط والغاز بحكومة الدبيبة إنها "تأسف" للأسلوب الذي تحدث به صنع الله، معتبرة أنه "مُسير من قِبل بعض سفارات الدول، وأن قرار تكليف مجلس إدارة "قانوني".
وقالت الوزارة في بيان على حسابها في فيسبوك إنها: "تعرب عن أسفها للأسلوب المنحط الذي ظهر به مصطفى صنع الله، المقال من المؤسسة، وهو أمر ليس بالجديد عليه في تعاملاته مع الجميع، وكل العاملين في هذا القطاع يعانون من هذه الممارسات والتعاملات السيئة من طرفه".
وأضافت: "أمر محزن أن يدار قطاع النفط في ليبيا، الذي كان سابقاً يدار بنخبة من الكوادر الوطنية، تحت هذه الإدارة التي اتضح مستواها المتدني المهني والسلوكي المنعكس على ممارستها الإدارية العشوائية والتعسفية لهذا القطاع المهم. مر على هذه المؤسسة 8 رؤساء، ولم يخطر ببال أحد أن هذا القطاع العريق سيبتلى في يوم ما بهذا السقوط السلوكي والمهني".
ولفت البيان إلى أن الادّعاءات التي أدلى بها الرئيس السابق للمؤسسة "باطلة ومحض افتراء، ووسيلة تهدف إلى التشويش على نزاهة قرار تكليف مجلس إدارة جديد"، مشيراً إلى أن ذلك تم "بطريقة قانونية كاملة، وصادر عن مجلس الوزراء، ولا مجال إلا لتنفيذ القرار".
"تأزيم الوضع السياسي"
في المقابل، أكدت لجنة الطاقة بمجلس النواب الليبي على "حيادية" قطاع النفط واستقرار المؤسسة الوطنية للنفط ممثلة في مجلس الإدارة الذي يمثل كافة العاملين بالقطاع النفطي في ليبيا.
وشددت على أنها تعتبر كل المحاولات التي تقوم بها الحكومة المقالة برئاسة الدبيبة "ما هي إلا صفقات سياسية مشبوهة لخلط للأوراق لتأزيم الوضع السياسي والاقتصادي للدولة الليبية على حساب قوت الشعب الليبي، كما أنها تؤدي إلى انقسام أهم القطاعات الحيوية والمصدر الوحيد لتمويل الدولة الليبية وشعبها".
وأكدت لجنة الطاقة على "شرعية مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الحالي"، موضحة أن قرارات الحكومة السابقة "لا يعتد بها باعتبارها صادرة عن جهة غير ذي صفة".
من جانبها، قالت السفارة الأميركية لدى ليبيا في بيان عبر تويتر، إن السفير الأميركي ريتشارد نورلاند "يتابع بقلق التطورات الأخيرة في محيط مؤسسة النفط، التي تعتبر حيوية لاستقرار ليبيا وازدهارها، وظلت مستقلة سياسياً وكفوءة تقنياً تحت قيادة مصطفى صنع الله".
وأضاف السفير: "يجوز الطعن في قرار استبدال مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في المحكمة، ولكن يجب ألا يصبح موضوع مواجهة مسلحة"، مشددة على ضرورة وجود "آلية ليبية معمول بها لإدارة ومراقبة الإيرادات بشفافية".
واعتبر أن هذه التطورات "تُظهر الحاجة الملحة للإرادة السياسية للتوصل إلى حل وسط وتهيئة المرحلة الفورية للمصالحة والانتخابات".
وفي مارس الماضي، عين البرلمان الليبي حكومة بقيادة فتحي باشاغا بدلاً من حكومة الدبيبة، لكن الأخير رفض التنحي عن السلطة.
ويعني الصراع على السلطة، والأسئلة حول شرعية جميع المؤسسات السياسية الليبية، أن أي قرارات وطنية كبرى مثل استبدال مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط قد تؤدي إلى ردود فعل واسعة النطاق.