هدد رئيس الحكومة الليبية المقالة من قبل البرلمان عبد الحميد الدبيبة، الأحد، "من يريد استخدام القوة للعودة لمنصبه" بأنه سيواجهه بالقوة، و"من يُهدد باستخدام العنف والاحتكام إلى السلاح فلن يجد أمامه إلا القوة"، وفقاً لما أفادت وكالة الأنباء الليبية.
وأضاف الدبيبة خلال أول اجتماع لمجلس إدارة "المؤسسة الوطنية للنفط" الذي عيّنه بعد إقالة المجلس القديم ورئيسه مصطفى صنع الله، أن تكليف الأخير "لم يكن قانونياً"، داعياً من لديه أي شكوى، إلى "اللجوء للقضاء"، مشدداً على عدم وجود "أي تدخل خارجي في هذا الملف"، وعلى أن تغيير مجلس الإدارة جاء بناء على "توافق بين كل الأطراف السياسية".
وتابع أنه "لا وجود لأي صفقات خارجية وراء تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط"، وأن "ما يشاع عن وجود صفقة هو افتراء من أطراف وأحزاب تريد إفساد الحياة السياسية والاجتماعية". وأشار إلى أن "الصفقة السياسية الحقيقية هي بإجراء الانتخابات، ولا صحة لما يُشاع عن تسليم قطاع النفط لدولة أو غيرها".
وكان الدبيبة قرر، الثلاثاء، تعيين فرحات بن قدارة مكان مصطفى صنع الله في رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، بينما تجاهل الأخير القرار ورفضته المؤسسة، وسط مخاوف من جر المؤسسة الليبية المسؤولة عن إنتاج النفط إلى المواجهة السياسية الطاحنة في البلاد.
وقالت "المؤسسة الوطنية للنفط" في بيان نشرته على صفحتها في فيسبوك، إنها "ماضية في أداء عملها وفقاً لما ينص عليه القانون"، مشيرة إلى أن "مجلس إدارتها هو المجلس الشرعي والوحيد، وأنه لم ولن يخضع لإجراءات إقالة غير قانونية من حكومة منتهية الولاية"، وذلك في إشارة إلى قرار حكومة الدبيبة.
لكن سرعان ما انتهت المعركة المحتدمة على الصلاحيات بين وزير النفط الليبي محمد عون وصنع الله، بإقالة الأخير، وتعيين بن قدارة وهو آخر محافظ للمصرف المركزي لليبيا خلال عهد الزعيم الراحل معمر القذافي، بدلاً منه.
وبلغ الصراع بين عون وصنع الله ذروته في الأشهر الماضية، ووصل إلى حد توجيه الوزير اتهامات علنية لرئيس مؤسسة النفط بـ"الفساد وإهدار الأموال"، من خلال إصداره قرارات عشوائية، لكن صنع الله نفى ذلك.
وأدت جلسة الحكومة المقالة التي عُقدت في 22 يونيو الماضي، دوراً بارزاً في صدور قرار تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، إذ شهدت اتهاماً وجّهه عون لصنع الله بـ"حجب التقارير اليومية عن الإنتاج النفطي في ليبيا".
وقال عون خلال نقاش مع الدبيبة بشأن تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، إن صنع الله حجب عنه التقارير اليومية، مضيفاً أنه سيشارك في الاجتماع الشهري لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، من دون معرفة التفاصيل الحقيقية عن إنتاج ليبيا من النفط.
وغالباً ما كانت احتياطات النفط الهائلة لليبيا في قلب الصراعات السياسية، لكن مؤسسة النفط حافظت على حيادها إلى حد كبير على الرغم من الانقسام المستمر في البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي عام 2011.
وفي وقت سابق الجمعة، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط "رفع حالة القوة القاهرة، والإنهاء الشامل للإغلاقات في الحقول والموانئ النفطية الليبية كافة، اعتباراً من الجمعة".
وقال بن قدارة خلال مؤتمر صحافي في بنغازي، إن "المؤسسة أعطت التعليمات بمباشرة ترتيبات الإنتاج مع مراعاة معايير الأمن والسلامة العامة وسلامة العمليات"، مشيراً إلى أنها "ستعمل بتنسيق مستمر مع وزارة النفط والغاز على الوصول إلى معدلات الإنتاج الطبيعية ما قبل الإغلاق إلى أعلى مستوياتها في أقرب الآجال، وعودة إنتاج الغاز المغذي لوحدات إنتاج الطاقة".
وكشف أن المؤسسة "تعمل على تنفيذ خطة فاعلة لزيادة الإنتاج بالتنسيق مع الشركاء الدوليين من خلال الميزانية الاستثنائية المعتمدة للعام الحالي".
وتعهد بـ"تمسك المؤسسة بالثوابت المهنية وغير السياسية"، مؤكداً أنها "مستمرة في أداء مهامها بكل حيادية"، على حد تعبيره.
وتباينت التوقعات في ليبيا بشأن تبعات هذا القرار الذي أصدره رئيس حكومة الوحدة المقالة من قبل مجلس النواب عبد الحميد الدبيبة، على قطاع النفط، الرافد الأساسي للاقتصاد الليبي ومصدر الدخل الرئيسي للبلاد.
وبينما يرى فريق في القرار خطوة في الاتجاه الصحيح لمعالجة أزمات قطاع النفط، يتخوّف آخرون من توظيف ورقة النفط وتوريط القطاع المهم في الصراع السياسي وتعميق أزماته التي تفاقمت خلال الأشهر الماضية.