اعتبر وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، أن الجغرافيا السياسية تتطلّب الآن "مرونة" تمتع بها الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، من أجل المساهمة في نزع فتيل النزاعات بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك بين روسيا وسائر دول أوروبا، حسبما أفادت "بلومبرغ".
كيسنجر البالغ من العمر 99 عاماً والذي ساهم في إعادة العلاقات بين واشنطن وبكين في سبعينيات القرن العشرين، نبّه إلى وجوب ألا تصبح الصين قوة مهيمنة عالمية، مستدركاً أنه على الرئيس الأميركي جو بايدن أن يحذر من السماح للسياسات المحلية بالتدخل في "أهمية فهم ديمومة الصين".
وقال خلال مقابلة في نيويورك، الثلاثاء، مع رئيس تحرير "بلومبرغ نيوز" جون ميكلثويت: "تأثر بايدن والإدارات السابقة كثيراً بالجوانب المحلية لـ(كيفية) رؤية الصين. من المهم بالطبع منع الهيمنة الصينية أو أي دولة أخرى". واستدرك: "هذا ليس أمراً يمكن تحقيقه من خلال مواجهات بلا نهاية"، علماً أنه نبّه سابقاً إلى أن العلاقات العدائية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين تجازف بحصول "كارثة عالمية مماثلة للحرب العالمية الأولى".
أجرى نيكسون حملته الانتخابية، في ستينات القرن العشرين، باعتباره مناهضاً قوياً للشيوعية، لكنه فاجأ كثيرين من مؤيّديه عندما قرر الانخراط مع الصين خلال عهد الزعيم الراحل ماو تسي تونج، وزار بكين في عام 1972، في رحلة شكّلت نقطة تحوّل تاريخية بالنسبة إلى البلدين.
انتقاد قادة أوروبيين
تُعدّ الجغرافيا السياسية والعلاقات بين القوى العظمى، موضوعاً أساسياً في الكتاب الجديد لكيسنجر، وهو بعنوان "القيادة: 6 دراسات في الاستراتيجية العالمية"، ويركّز على 6 قادة رئيسيين، هم نيكسون والألماني كونراد أديناور، والفرنسي شارل ديجول، والمصري أنور السادات، والبريطانية مارجريت تاتشر والسنغافوري لي كوان يو، علماً أنه عرفهم جميعاً بشكل شخصي.
وعلّق الوزير الأميركي السابق على أداء القادة الأوروبيين الآن، وبينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز، معرباً عن حزنه لأن "القيادة الأوروبية الحالية ليس لديها الإحساس بالاتجاه والمهمة"، كما هو الحال مع رؤساء سابقين، مثل أديناور وديجول.
وتطرّق كيسنجر إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، وشكا من تفسير خاطئ لتعليقات أدلى بها قبل أسابيع، بشأن نقطة البداية لنهاية تفاوضية للحرب. واعتبر أن توقيت المحادثات بين موسكو وكييف يقترب، لافتاً إلى "وجوب ترك المناقشات بشأن مستقبل شبه جزيرة القرم للمفاوضات، وليس تحديدها قبل توقف الصراع مؤقتاً". وشبه جزيرة القرم هي أرض أوكرانية منذ عقود، قبل أن تستولي عليها روسيا في عام 2014.
بين بوتين وديجول
سُئل كيسنجر عن الاضطرابات التي واكبت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، فأجاب أن وجهة نظر ديجول، القائلة بأن بريطانيا "لن تكون أبداً عضواً صادقاً في المجموعة الأوروبية"، ثبُت أنها مبرّرة.
ورداً على سؤال بشأن كيفية أداء القادة الذين تطرّق إليهم في كتابه، في عالم اليوم، قال كيسنجر إن لي كوان يو سيكون الأفضل لشغل منصب رئيس الولايات المتحدة، إذا كان ذلك ممكناً، والأفضل أيضاً في التعامل مع تحدي الاحتباس الحراري.
وسُئل عمّن سيكون المفاوض الأقوى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فاختار ديجول، مستدركاً أن "نيكسون سيكون جيداً جداً". وأضاف أن الأخير كان "رئيساً جيداً في السياسة الخارجية، ودمّر نفسه محلياً" في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: