بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الخميس، زيارة إلى فرنسا بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في محطة جديدة من محطات العلاقة بين المملكة وهذه الدولة الأوروبية، والتي تمتد إلى قرابة 100 عام.
وتملك المملكة العربية السعودية علاقات قديمة مع فرنسا تقوم على "المصالح المشتركة" وتعود إلى عهد ما قبل تأسيس المملكة، إذ فتحت فرنسا أول قنصلية لها في السعودية عام 1839، حسبما ذكر السفير الفرنسي السابق بالرياض برتراند بيزانسينو في مقال عن العلاقات بين البلدين.
وبدأت العلاقات الرسمية بين البلدين في عام 1926، حين أرسلت فرنسا قنصلاً مكلفاً بالأعمال الفرنسية لدى المملكة، ثم أنشأت بعثة دبلوماسية في جدة عام 1932.
زيارة الملك فيصل
وبحسب السفير الفرنسي السابق بيزانسينو، تطورت العلاقات بين البلدين حين زار الملك فيصل بن عبد العزيز فرنسا في عام 1967، والتقى الرئيس الفرنسي شارل ديجول، وهو ما أدى إلى "علاقات شخصية وثيقة على أرفع المستويات بين البلدين".
وتوالت الزيارات بين زعماء المملكة وفرنسا بعد ذلك، وفي السنوات الأخيرة زار الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند (2012 – 2017) المملكة 4 مرات كان آخرها في 2015، وهي الزيارة التي "عززت من الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والسعودية من جهة، ومجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى"، بحسب بيزانسينو.
ماكرون والأمير محمد بن سلمان
زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السعودية في 9 نوفمبر 2017، بعد 4 أشهر فقط من توليه المنصب. كما زارها مرة أخرى في ديسمبر 2021، وعقد جلسة مباحثات مع ولي العهد في جدة.
وزار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باريس في أبريل 2018.
وتقوم العلاقات السعودية الفرنسية على المصالح الاستراتيجية المشتركة، ومن بينها حفظ الأمن في الإقليم، والالتزام بمكافحة الإرهاب، وتبادل الرؤى بشأن الأزمات الإقليمية، بحسب وزارة الخارجية الفرنسية.
وقالت باريس إن الزيارات الثنائية المتبادلة بين البلدين "تعكس متانة الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والمملكة"، وتعمق الحوار في مناطق العمل المشترك.
التبادل التجاري
بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا نحو 8 مليارات دولار في 2021، ارتفاعاً من 6.81 مليار دولار في 2020، وفقاً لبيانات وكالة "بلومبرغ".
وشهد عام 2019 زيادة ملحوظة في مستوى التبادل التجاري بين الدولتين، إذ بلغ 11.73 مليار دولار في ارتفاع طفيف عن 2018، حين بلغ حجم التبادل 11.59 مليار دولار، وكان ذلك ارتفاعاً من نحو 9.59 مليارات في 2017.
وفسرت الخارجية الفرنسية التباين في حجم التبادل التجاري ارتفاعاً وهبوطاً باختلاف أسعار النفط الخام والمواد البترولية في 2018، والتي تمثل 96% من حجم وارادت فرنسا من المملكة، لذا شهد عاما 2018 و2019 حجماً استثنائياً.
وتوفر رؤية المملكة 2030 "فرص عمل واعدة أمام الشركات الفرنسية"، خصوصاً في مجال المدن المستدامة وإدارة الموارد، والقطاع الصحي والتدريب والطاقة قطاعات الصحة والاستثمار، بحسب الخارجية الفرنسية.
ووفق إحصاءات عام 2016، بلغت الاستثمارات الأجنبية الفرنسية في المملكة نحو 15.3 مليار دولار في شكل استثمارات مباشرة.
وتعمل في المملكة نحو 80 شركة فرنسية توظف نحو 27 ألفاً و600 شخص، بينهم 10 آلاف سعودي، فيما تتواجد 24 شركة سعودية في فرنسا أغلبها استحواذات على شركات قائمة، وتوظف تلك الشركات نحو 3200 شخص مع عائدات تقدر بـ350 مليون يورو.
وبحسب موقع "tradingeconomics"، استوردت السعودية سلعاً فرنسية بقيمة مليار دولار في 2020، ومستحضرات دوائية بقيمة 587 مليون دولار.
وضمّت قائمة الواردات الفرنسية أجهزة إليكترونية وماكينات ومواد غذائية، وأجزاء طائرات ومركبات مختلفة.
البحث العلمي
في مجال البحث العلمي، وقّع البلدان اتفاقية تعاون في 2016 بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا، والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، وهو ما أدى إلى التعاون في مشاريع كبرى، حسبما ذكرت الخارجية الفرنسية.
على الجانب الأكاديمي ارتفع عدد الطلاب السعوديين في فرنسا ليبلغ الآن نحو 1400 طالب تحت "برنامج الملك عبد الله"، الذي يدعم إرسال 130 ألف طالب سعودي للخارج.
وتملك 3 جامعات سعودية أقساماً للغة الفرنسية.
وفي قطاع الصحة، وقع البلدان اتفاقيات للتدريب الحكومي، حيث دربت فرنسا المئات من الأطباء السعوديين منذ عام 2006.