قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، إن رئيسي رواندا والكونجو اتفقا على المشاركة في محادثات مباشرة لحل أزمة القتال القائمة شرقي الكونجو منذ سنوات، مشيراً إلى أنه أثار كذلك خلال مباحثاته مع الحكومة الرواندية "مخاوف خطيرة" بشأن حقوق الإنسان.
والتقى بلينكن الرئيس الرواندي بول كاغامي في إطار زيارة قصيرة إلى رواندا المحطة الثالثة والأخير من جولة إفريقية بدأها من جنوب إفريقيا ثم جمهورية الكونجو الديمقراطية.
وتأتي زيارة بلينكن إلى كيغالي غداة محادثات في الكونجو تناولت بشكل واسع دعم رواندا لمجموعات متمردة تنشط في شرق هذا البلد، حيث قالت تقرير أعدته الأمم المتحدة ونشر مطلع أغسطس، إن الجيش الرواندي قام "بتدخلات عسكرية ضد مجموعات مسلحة كونجولية ومواقع للقوات المسلحة الكونجولية" منذ نوفمبر 2021 وحتى يونيو 2022.
وقال بلينكن خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الرواندي فنسنت بيروتا، إنه "ناقش مع رئيس رواندا التقارير الموثوقة التي تقول إنها مستمرة في دعم حركة (أم 23) بجمهورية الكونجو الديمقراطية"، حاضاً على "وقف دعم أي مجموعة مسلحة".
وتعتبر "إم23" الاسم المختصر لـ"حركة 23 مارس"، وهي حركة تمرد سابقة تهيمن عليها قبيلة التوتسي هُزمت في 2013، وحملت السلاح مجدداً نهاية العام الماضي للمطالبة بتطبيق اتفاق وقع مع كينشاسا التي تتهم كيغالي بدعم هذا التمرد، الأمر الذي تنفيه رواندا والتي تتهم الكونجو كذلك في المقابل بدعم مجموعة مسلحة تعرف باسم "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا".
ومنذ نهاية مارس الماضي، ازدادت وتيرة القتال وشدته بشكل كبير وسيطرت الحركة على أجزاء من إقليم روتشورو حتى عشرات الكيلومترات شمال غوما عاصمة مقاطعة شمال كيفو.
ولفت بلينكن، الخميس، إلى أن "رئيسي رواندا والكونجو اتفقا على المشاركة في محادثات مباشرة" من أجل حل الأزمة القائمة منذ سنوات، داعياً لـ"مواجهة خطاب الكراهية المتزايد في الفترة الأخيرة والذي وُجه لمجتمعات مختلفة، وهذا الأمر دعاني لمناقشته مع رئيسي رواندا والكونجو".
وتنشط أكثر من 120 جماعة مسلحة في شرق الكونجو الديمقراطية منذ نحو 30 عاماً، بينها متمردو "القوات الديمقراطية المتحالفة" التي يقول تنظيم "داعش" إنها فرعه في وسط إفريقيا.
والعلاقات بين كينشاسا وكيغالي متوتّرة منذ الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في العام 1994 ووصول أعداد كبيرة من الهوتو الروانديين المتهمين بارتكاب مجزرة بحق التوتسي خلال هذه الأحداث، إلى الكونجو الديمقراطية.
ومنذ ذلك الحين، تتهم كينشاسا بشكل متكرر رواندا بالتوغل في أراضيها وبدعم المجموعات المسلحة في شرق البلاد، فيما كانت العلاقات قد بدأت تتحسن بعدما تولى فيليكس تشيسيكيدي الرئاسة في الكونجو الديمقراطية في العام 2019، لكن تجدد أعمال العنف أعاد تأجيج التوترات.
حقوق الإنسان
وعقب وصوله، صباح الخميس، إلى العاصمة كيغالي، تطرق بلينكن لموضوع حقوق الانسان في رواندا التي تواجه باستمرار انتقادات من قبل منظمات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية.
وقال بلينكن في المؤتمر الصحافي إن بلاده "تؤمن بأن لكل شعب الحق في حرية التعبير عن آرائه بدون الشعور بالتهديد والقمع، سواءً كانت المعارضة سياسية أو صحافية أو غيرها"، مطالباً بمحاكمة "عادلة" لبول روسيساباغينا المُقيم الدائم في الولايات المتحدة والمعارض للرئيس الرواندي بول كاغامي.
وأشار بلينكن إلى "ضرورة وضع ضمانات لتحقيق محاكمة عادلة لبول، كما أنني ناقشت هذه المسألة مع الرئيس الرواندي وسنستمر في متابعة القضية"، مؤكداً أنه "تواصل مع بول قبل بضعة "أيام".
بدوره، قال وزير الخارجية الرواندي إنه "تم القبض على المواطن الرواندي بول وإدانته بجانب 20 شخصاً أخرين حيث ارتكبوا بعض الفظائع ضد بعض المواطنين.. ونحن نطلب من شركائنا احترام سيادة رواندا وقانونها".
وتسعى الخارجية الأميركية إلى الضغط من أجل الإفراج عن بول روسيساباغينا الذي يُقال إنه أنقذ مئات الأشخاص خلال الإبادة في العام 1994. وقد أنتج فيلماً سينمائياً عن الواقعة بعنوان "هوتيل رواندا".
والعام الماضي، حُكم على بول روسيساباغينا بالحبس 25 عاماً لإدانته بـ"تأسيس" الجبهة الوطنية للتحرير و"الانتماء إليها".
وأكد زعيم المعارضة الرواندية فيكتور انغابير لوكالة "فرانس برس"، أنه على بلينكن "طرح مسألة سجن الصحافيين والسياسيين" الذين يعارضون حكومة بول كاغامي.
وأوضح زعيم المعارضة الذي قضى 6 سنوات بالسجن بتهمة "الإرهاب"، أنه "يجب على بلينكن أن يطلب من الحكومة فتح فضاء سياسي لكل من يريد المشاركة بجدية في الحياة السياسية".