
أعرب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الخميس، عن استعداده لتسليم السلطة "لأي حكومة منتخبة"، مشدداً على أن لا حل للانسداد السياسي القائم في البلاد منذ أشهر "إلا بالحوار".
وعبّر الكاظمي في كلمة خلال جلسة مجلس الوزراء عن أسفه لـ"ما يحدث، إذ إن شعبنا لا يستحق هذا الظرف، مشيراً إلى أن "الخلاف السياسي بدأ ينعكس على الواقع الخدمي في الدولة"، حاثاً على "البحث عن حل".
ودعا الكاظمي "الجميع إلى الحوار بكل جدية"، لافتاً إلى أن "الحوار هو الحل الوحيد لمشاكلنا وليس لدينا غيره".
واعتبر أن "اللجوء إلى أساليب التصعيد الإعلامي.. لن يساعد في بناء التجربة الديمقراطية الحديثة، فنحن ديمقراطية فتية، ونحتاج إلى التصرف وفق الحكمة والعقل".
وشدد على أنه "في كل يوم يتم التأخر فيه بإيجاد حل للانسداد السياسي، فإنه يتم تقييد الحكومة، وتكون في وضع من الصعوبة القيام بواجباتها".
وأوضح أن "عمل حكومة تصريف الأعمال حسب الدستور، هو أن يكون مقروناً بمدة قصيرة وليس البقاء لـ9 أشهر من دون حكومة جديدة".
وذكر رئيس الوزراء العراقي أنه "من غير المعقول أن تبقى الحكومة مكبّلة، وتم تجاوز التوقيتات الدستورية والمطلوب منا أن نبقى حكومة تصريف أعمال، وهذا غير ممكن".
وأكد ضرورة "أن تتعاون الكتل السياسية مع الحكومة لإيجاد حل لموضوع الموازنة، ونحن جاهزون للمساعدة والقيام بدورنا كسلطة تنفيذية وفق القانون".
وطالب الكاظمي بـ"توفير دعم سياسي حقيقي للحكومة بدلاً من الخلافات السياسية"، مشيراً إلى أن "هناك أطرافاً تحوّل دائماً الصراع تجاه الحكومة التي لا علاقة لها، فإننا لسنا طرفاً في الصراع السياسي".
وقال الكاظمي إن حكومته مرت بـ"محنة خلال الأسبوعين أو الثلاثة الماضية، وتم التعاطي بكل هدوء مع الأزمة، ونجحنا في ألّا تكون هناك دماء عراقية تسيل على الأراضي العراقية، وسنستمر بهذا النهج"، لافتاً إلى أن "من يظن أن هذه الحكومة تعمل على توتير الأجواء فهو مخطئ".
وأعرب عن استعداد حكومته منذ اليوم الأول لـ"تسليم السلطة لأي حكومة منتخبة، وفي اللحظة التي تتفق فيها الكتل السياسية نحن جاهزون".
وأضاف: "وما الحديث بشأن أن الحكومة أو رئيس مجلس الوزراء يعمل على تعطيل تشكيل الحكومة أو الحل إلا هراء"، متسائلاً: "من هو الذي يقبل بالبقاء في هذه الظروف الصعبة؟".
وأكد رئيس الحكومة العراقية أن "القصة ليست قصّة منصب، إنما قصّة نجاح، إما أن نكون ناجحين ونقبل التحدي، وإما أن الكتل السياسية عليها أن تقبل القيام بدورها لإيجاد حل للانسداد"، مشدداً على أن "لا حل إلّا بالحوار".
مبادرة سياسية
وأشار رئيس الوزراء العراقي إلى أن حكومته قدمت "مبادرة وقد لاقت استحسان أغلب الكتل السياسية، وما زلنا نعمل على تهيئة فرصة للحوار".
وأكد على "أهمية الحفاظ على نظامنا الديمقراطي"، مشدداً على "ضرورة أن نصحح إذا كانت هناك مسارات خاطئة أو أن هناك فقرات في الدستور، فالتصحيح أو التغيير يجب أن يكون هناك توافق عليه من كل أبناء الشعب العراقي".
وتأتي تصريحات الكاظمي بعد ساعات من دعوات وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، الخميس، قادة العمليات بالجيش، إلى توخي الحياد إزاء حالة الانسداد السياسي التي تمر بها البلاد، حاثاً القوات المسلحة على "عدم الانجرار وراء الفتنة، والتصرف بحكمة وحيادية".
ونقلت وكالة الأنباء العراقية "واع" عن عناد قوله: "بلدنا العزيز يمرُّ هذه الأيام بظروف عصيبة سببها الانسداد السياسي"، داعياً إلى "الابتعاد عن المناكفات السياسية وأن يكون القادة على مسافة واحدة من الجميع وألا يركنوا إلى جهة ضد أخرى".
ويعيش العراق انسداداً سياسياً منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي والتي فاز فيها التيار الصدري بالعدد الأكبر من المقاعد بـ74 مقعداً، قبل أن يستقيل نواب كتلته من البرلمان في يونيو الماضي، بتوجيه من مقتدى الصدر، بعد الفشل في تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية.
والأربعاء، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في بيان على تويتر القضاء العراقي بحلّ البرلمان قبل نهاية الأسبوع المقبل، مؤكداً على مواصلة مناصريه اعتصامهم في محيط البرلمان داخل المنطقة الخضراء في وسط بغداد.
في أعقاب تغريدة الصدر، أصدر "الإطار التنسيقي" بياناً لم يذكر فيه قضية الانتخابات المبكرة والبرلمان، بينما شدد في المقابل على ضرورة المضي قدماً بتشكيل حكومة.
ورفع الصدر من مستوى الضغط على خصومه معتمداً على قدرته على تعبئة الشارع، داعياً إياهم الأسبوع الماضي إلى حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. وقبل خصومه في "الإطار التنسيقي" بحلّ البرلمان بشروط، فيما طالب أحدهم بعودة انعقاد المجلس للنظر بمسألة حله.
ويكمن الخلاف الأساسي في أن التيار الصدري أراد حكومة "أغلبية وطنية" بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في "الإطار التنسيقي" الإبقاء على الصيغة التوافقية.