نفت إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية الأميركية، تصريحات الرئيس السابق دونالد ترمب بأن سلفه باراك أوباما "أخذ وثائق سرية" عندما غادر البيت الأبيض، بينما سارع مشرعون جمهوريون للدفاع عن ترمب باعتباره "ضحية للاضطهاد القضائي".
وبعد أن داهم عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" مقر إقامة ترمب في منتجع "مار إيه لاجو"، لتفتشيه، الاثنين الماضي، وعثروا على 11 مجموعة من الوثائق السرية، أطلق الرئيس السابق ادعاءات لا تستند إلى أدلة، بأنّ أوباما "أخذ وثائق" أيضاً.
وسارعت إدارة الأرشيف الأميركية بالرد على إدعاءات ترمب، وقالت إنّها "اضطلعت بالمسؤولية القانونية والمادية الحصرية" عن وثائق أوباما الرئاسية بعد تركه لمنصبه وفق ما أورد موقع "أكسيوس" الأميركي.
وأصافت في بيان، أنّ الرئيس السابق (أوباما) "لا يمتلك السيطرة على مكان وكيفية" تخزين الوثائق.
وأشارت إلى أنّها نقلت نحو 30 مليون صفحة من الوثائق غير السرية من إدارة أوباما إلى منشأة تديرها في شيكاغو. بينما تظل المستندات السرية في منشأة بالعاصمة واشنطن.
وكتب ترمب، الخميس، في منشور على منصة "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي التابعة له: "ماذا حدث لـ30 مليون صفحة من الوثائق التي أخذها باراك حسين أوباما من البيت الأبيض إلى شيكاغو؟"، مضيفاً: "لقد رفض إعادتهم!".
وكرر ترمب الادعاءات، الجمعة، واتهم أوباما بـ"أخذ وثائق سرية تتعلق بأسلحة نووية"، بعد أن ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أنّ عملاء "إف بي آي" كانوا يفتشون مقر إقامة ترمب بحثاً عن "وثائق نووية".
وكتب ترمب: "الرئيس باراك حسين أوباما احتفظ بـ33 مليون صفحة من الوثائق، الكثير منها سري. كم منها يتعلق بـ(أسلحة) نووية؟ يقال إنه، الكثير!".
"اضطهاد قضائي"
في غضون ذلك، لم يهدر الجمهوريون في مجلس النواب وقتاً في مساندة الرئيس السابق، واتهم مشرعون، وزارة العدل بإطلاق "حملة مطاردة سياسية" تهدف فقط إلى الإضرار بترمب سياسياً، بحسب موقع "ذا هيل" المعني بأخبار الكونجرس.
ونقل الموقع عن النائبة الجمهورية من ولاية جورجيا مارجوري تايلور جرين، قولها للصحافيين على عتبات مبنى الكابيتول: "ما فعلوه بالرئيس ترمب هو اضطهاد سياسي. ميريك جارلاند (النائب العام الأميركي) أساء استغلال منصبه في السلطة، بصفته المدعي العام، لاضطهاد أعداء جو بايدن سياسياً. والغرض كله من هذا هو منع الرئيس ترمب من تقلد المنصب".
وتابعت قائلة: "لا يمكننا أن نتسامح مع هذا في أميركا، حيث يجري استغلال مؤسساتنا العظيمة وإساءة استخدامها بهذه الطريقة لهزيمة الأعداء السياسيين للأشخاص"، قبل أن تدخل إلى مبنى الكابيتول، وتعرض لائحة اتهامات لعزل جارلاند.
وعلى نحو مماثل، دافع مشرعون آخرون من الحزب الجمهوري عن ترمب ضد وزارة العدل التي وصفوها بأنها "خارجة عن نطاق السيطرة".
من جانبها، تساءلت النائبة الجمهورية من كولورادو لورين بويبرت، وهي حليف مقرب آخر لترمب، عن سبب عدم استمرار الوزارة في تحقيقها مع وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي خضعت للتدقيق لاستخدامها خادم معلومات خاصاً لإجراء أعمال رسمية، لكن لم يوجه الاتهام إليها.
وقالت بويبرت التي أيدت أيضاً الجهود المبذولة لعزل جارلاند: "هل عثروا على 33 ألف رسالة بريد إلكتروني حذفتها هيلاري كلينتون...؟ هذا ما أود رؤيته".
النائب الجمهوري من ولاية إنديانا جيم بانكس رئيس لجنة الدراسة الجمهورية، وهي أكبر تجمع في الحزب الجمهوري بمجلس النواب، اتهم جارلاند بـ"حجب معلومات مهمة" لفهم الجمهور للتحقيق.
وقال: "حقيقة أن ميريك جارلاند يعمل بشكل انتقائي من خلال وسائل الإعلام بدلاً من الإفصاح عن مزيد من التفاصيل، تجعل مجدداً كل هذا مريباً للغاية. ثمة الكثير الذي يستحق الشعب الأميركي أن يعرفه ولا نعرفه".
"تهديد" طموح ترمب
صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية اعتبرت أنّ تنفيذ مذكرة تفتيش في منزل الرئيس السابق، يسلط الضوء على حجم المشكلات القانونية التي أحاقت بترمب منذ تركه منصبه في يناير 2021، ما ألقى بظلال من الشك على طموحاته في الترشح مجدداً للوصول للبيت الأبيض في عام 2024.
وقالت في تقرير، السبت، إن مداهمة مقر إقامة ترمب ذات دلالة خاصة، لأنها أشارت إلى أن المدعين الفيدراليين ووزارة العدل الأميركية، بقيادة المدعي العام ميريك جارلاند، و"إف بي آي" بقيادة كريستوفر راي المعين من قبل ترمب، يضعون أنظارهم مباشرة على الرئيس السابق رغم الجدل بشأن ما حدث.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ القانون بجامعة نورث كارولينا، مايكل جيرهاردت، قوله: "أعتقد أن حقيقة أنهم أوقعوا أنفسهم بالمشكلات بالقيام بهذا كله، وهم يعرفون بأنه سيكون هناك رداً ترمبياً، تشير إلى أن كل ما يبحثون عنه، ربما يكون مهماً نسبياً".
وأضاف: "يبدو لي أنه أمر لا مفر منه، أن هذا كان سيحدث عاجلاً أم آجلاً".
وتابع: "إذا كان لدى رئيس أو مسؤول سابق وثائق ليست مملوكة له بالفعل، فلا أعتقد أننا يجب أن نتفاجأ من تحقيق حكومي. الأمر المهم الذي يجب فهمه هو أن هذه المستندات ليست ملكاً للشخص الذي توجد بحوزته. إنها ملك للحكومة الأميركية".
مع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت وزارة العدل لديها نية أو إرادة سياسية للمضي قدماً، واتهام ترمب بسلوك غير قانوني، بحسب الصحيفة.
انتهاك قانون مكافحة التجسس
وأفرج قاضٍ أميركي، الجمعة، عن مذكرة التفتيش التي داهم بموجبها مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل الرئيس السابق دونالد ترمب الاثنين، وأظهرت أن وزارة العدل الأميركية تحقق في انتهاك ترمب لقانون مكافحة التجسس، وعرقلة سير العدالة، والتعامل مع سجلات حكومية بشكل إجرامي، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".
ويحظر قانون مكافحة التجسس الاحتفاظ بأي معلومات عن الأمن القومي الأميركي "قد تضر الولايات المتحدة أو تساعد خصماً أجنبياً"، وهو قانون فيدرالي يجرم تدمير أو إخفاء وثائق لعرقلة تحقيق حكومي.
وأفرج القاضي عن المذكرة بعدما كانت قد سربت محتوياتها قبل ذلك بساعات.
وأظهرت صورة متداولة للمذكرة قائمة المحتويات والتي تمت مصادرتها من منزل ترمب وبينها ملفات مصنفة "سرية للغاية".
وصادر عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "إف بي آي"، 11 مجموعة من الملفات التي يحوي بعضها مستندات "سرية للغاية" من منزل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في المداهمة التي قاموا بها الاثنين، وفقاً للمذكرة التي اطلعت عليها صحيفة "وول ستريت جورنال".
الصحيفة الأميركية قالت إن العملاء الفيدراليين أخذوا ما يقرب من 20 صندوقاً، وصوراً فوتوغرافية، ومذكرات مكتوبة بخط اليد، وأمراً تنفيذياً بعفو عن حليف ترمب، روجر ستون، وفقاً لقائمة للمواد والعناصر التي تم الحصول عليها من منزل ترمب في "مار إيه لاجو".
والرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة (ترمب) يواجه اتهامات مدنية وجنائية في جورجيا ونيويورك، وتحقيقات في الكونجرس.
وترمب تحت مجهر المحققين على خلفية اتهامات ببذل جهود لِقَلْب نتائج الانتخابات عام 2020، وللاشتباه بتحريضه للهجوم على الكابيتول في يناير 2021، وفقاً لـ"فرانس برس".
وأطلق مجلس النواب آلية لعزل ترمب، بعد أحداث الكابيتول، لكنّ مجلس الشيوخ برّأه بعد أن أيّد عدد قليل من الجمهوريين إدانته.
اقرأ أيضاً: