
حذر دبلوماسي روسي كبير من أن موسكو لا ترى أي احتمال لحل دبلوماسي لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وأنها تتوقع صراعاً طويلاً، مضيفاً أنه لن تكون هناك محادثات مباشرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية عن المندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف، جينادي جاتيلوف، قوله إن الأمم المتحدة يجب أن تلعب دوراً أكبر في محاولات إنهاء الصراع الذي يدخل شهره السادس هذا الأسبوع، متهماً الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالضغط على أوكرانيا للانسحاب من المفاوضات.
وقال جاتيلوف: "الآن، لا أرى أي احتمال لإجراء اتصالات دبلوماسية.. وكلما استمر الصراع، زادت صعوبة التوصل إلى حل دبلوماسي".
وذكرت الصحيفة، في تقرير نشرته الأحد، أن تلك التصريحات، التي تأتي على الرغم من موجة جهود دبلوماسية مكوكية في الأسابيع الأخيرة، هي ضربة للمفاوضين الذين كانوا يأملون في أن تشكل الاتفاقية بشأن صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، أساساً لاتفاق أوسع.
"تسييس الأمم المتحدة"
وزعم جاتيلوف أن الأمم المتحدة أصبحت غارقة في "التسييس" بسبب الحرب، مضيفاً أن هذا "أضر بسلطة الأمم المتحدة ومنظماتها". واشتكى من أنه نتيجة لذلك، فإن المنظمة "غير قادرة على التصرف بشكل فعال كوسيط".
ولفت إلى عدم وجود أي اتصالات مع الوفود الغربية خلال العمل اليومي في جنيف، موضحاً: "من ناحية البروتوكول لا نرى بعضنا البعض، ليس لدينا أي اتصالات بشكل خاص، للأسف نحن ببساطة لا نتحدث مع بعضنا البعض".
ويرى جاتيلوف أن الدبلوماسية العالمية في أسوأ حالة عاشها خلال مسيرته التي ناهزت نصف قرن، وقال: "لقد تغير العالم ولن تكون الأمم المتحدة كما كانت من قبل".
وانهارت المفاوضات الثنائية لوقف إطلاق النار، بعد اكتشاف أدلة على جرائم حرب مزعومة تتهم القوات الروسية بارتكابها في أبريل الماضي، وهو ما نفته موسكو.
وقال جاتيلوف إن الفشل في استئناف محادثات السلام، إلى جانب استمرار الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، "يعني أنه من المستحيل التنبؤ بمدى استمرار الصراع، ولذا فإنهم (كييف وداعموها الغربيون) سيقاتلون حتى آخر أوكراني".
الاقتراب من اتفاق
وزعم جاتيلوف، الذي شغل منصب نائب وزير الخارجية قبل تعيينه في جنيف عام 2018، أن موسكو وكييف كانتا "قريبتين جداً" من التوصل لاتفاق كان من الممكن أن يوقف الصراع مؤقتاً، وذلك خلال المفاوضات التي استضافتها تركيا في أبريل. لكن الصحيفة البريطانية أشارت إلى نفي الأشخاص المشاركين في المحادثات تلك المزاعم.
وسعت الأمم المتحدة وتركيا إلى العمل كوسطاء بين كييف وموسكو، ونجحت مؤخراً في التوسط في صفقة صادرات الحبوب الأوكرانية، خففت من المخاوف من نشوب أزمة غذائية عالمية.
لكن جاتيلوف قال إنه من "المؤسف" ألا تلعب الأمم المتحدة دوراً أكبر في الصراع. وأضاف "أعتقد أن (صفقة الحبوب) هي المثال الوحيد الذي لعبوا فيه دوراً عملياً في محاولة التوسط" بين الأطراف.
واتهم الدول الغربية باستخدام الوضع "كمسألة ضغط على روسيا، وكأداة لعزل روسيا والإضرار بموقفنا اقتصادياً وسياسياً"، وتابع: "إنهم لا يهتمون بالشعب الأوكراني أو بالجنود الأوكرانيين".
وتم تعزيز الجيش الأوكراني بأسلحة تقدر بأكثر من 30 مليار دولار، من إمدادات الأسلحة التي تعهدت بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء "الناتو".
كان زيلينسكي قد قال سابقاً إنه يرى المحادثات المباشرة مع بوتين هي الطريقة الوحيدة للتفاوض على إنهاء الصراع، على أن يكون ذلك بعد انسحاب روسيا من جميع الأراضي الأوكرانية التي تم الاستيلاء عليها منذ فبراير.
ولفت مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك، الذي شارك في محادثات السلام، الجمعة، إلى أن "التفاوض مع روسيا يعني نهاية قاتلة للجميع".
جهود أردوغان
وزار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي حافظ على علاقات مع طرفي الصراع، روسيا وأوكرانيا في وقت سابق من هذا الشهر، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في محاولة للعب دور الوسيط.
وقال أردوغان خلال زيارته لأوكرانيا "ما زلت على ثقة أن الحرب ستنتهي على طاولة المفاوضات. السيد زيلينسكي والسيد بوتين لديهما نفس الرأي".
لكن تلك التصريحات لا تشير إلى أي تطورات جديدة قد تؤدي إلى مفاوضات، بحسب شخص مطلع على المناقشات.
وأشاد جاتيلوف بأردوغان "لبذل قصارى جهده" لتسهيل الحوار، لكنه رفض التكهنات بإجراء محادثات مباشرة بين بوتين وزيلينسكي، قائلاً: "لم يكن هناك أي منصة عملية لعقد هذا الاجتماع".
واتهم الدبلوماسي الروسي أوكرانيا بالقيام بـ"استفزاز واضح" في محطة زابوريجيا النووية التي تسيطر عليها القوات الروسية، وتبادل البلدان الاتهامات بشأن قصف المحطة.
وقال جاتيلوف إن "القوات الروسية تحرسها فقط. فقط تؤمنها. لماذا يجب أن نقصفها؟".
وبدأت روسيا في 24 فبراير الماضي ما أسماه بوتين "عملية عسكرية خاصة" لـ"تخليص أوكرانيا من النازية"، وهو ما أدانته الدول الغربية التي فرضت عقوبات مشددة على موسكو وقطعت علاقاتها معها.