"السيادة التقنية" ساحة صراع متنامٍ بين واشنطن وبكين

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال افتتاح منشأة شركة "إنتل" الجديدة لتصنيع أشباه الموصلات قرب مدينة نيو ألباني بولاية أوهايو. 9 سبتمبر 2022 - AFP
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال افتتاح منشأة شركة "إنتل" الجديدة لتصنيع أشباه الموصلات قرب مدينة نيو ألباني بولاية أوهايو. 9 سبتمبر 2022 - AFP
دبي -الشرق

تشتعل المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في مجالات عدة، وذلك في إطار حربهما الباردة الناشئة، لكن "المعركة الأكبر" بين القوتين العظميين تدور رحاها بالفعل في ساحة التكنولوجيا، بحسب "بلومبرغ".

وأشار التقرير إلى أن الدعوة التي أطلقها الرئيس الصيني، شي جين بينج، الأسبوع الجاري، لإنشاء "نظام على مستوى البلاد" لتعزيز التقدم التكنولوجي والصناعي في الصين" كافية للتحقق من ذلك.

ففي ثنايا تصريحاته خلال قمة الحزب الشيوعي، التي أكدت مجدداً على دور الدولة، وليس القطاع الخاص، قال شي جين بينج إن الحكومة يجب أن تلعب "دوراً أكثر محورية" في تنظيم عملية تجميع الموارد، والتركيز على التقدم التكنولوجي.

في هذا السياق، قال جوردان شنايدر، كبير المحللين في مجموعة "روديوم جروب"، ومقدم "تشينا توك بودكاست"، لـ"بلومبرغ" إنّ "ما ورد في هذا الاجتماع يمثل إشارة إلى أن شي سيضاعف على الأرجح تأثير الدولة على توجيه صناعة الرقائق محلياً، في مقابل التأثير المتزايد لمحركات السوق على تخصيص الموارد".

وتأتي دعوة شي، من بين أمور أخرى، "كرد فعل" على الجهود المتزايدة التي تبذلها واشنطن لتقويض وصول بكين إلى أشباه الموصلات المتطورة، بما في ذلك القيود التي فرضتها واشنطن على قدرة شركة Nvidia على بيع رقائق الذكاء الاصطناعي، وبحث إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخاذ خطوات لتقييد الاستثمارات الأميركية في شركات التكنولوجيا الصينية.

وبينما اعتمدت حالة التفوق الحالية للتطور التكنولوجي الأميركي على الشركات الخاصة، لفتت "بلومبرغ" إلى أنه "في الحرب الباردة الأصلية، أثبت الهيكل الاقتصادي الذي تديره الدولة أنه لا يشكل عائقاً أمام الاتحاد السوفييتي ليصبح أول دولة تطلق قمراً صناعياً، وينتج مقاتلات وقاذفات وغواصات نووية متقدمة".

ولم تثبت أيضاً عدم قدرة الصين أخيراً، على الوصول إلى مجموعة من المعدات المتقدمة التي تصممها الولايات المتحدة، أنها تشكل "ضربة قاضية" لشركاتها المحلية العملاقة، إذ لا تزال شركة "هواوي" تحتفظ بريادتها العالمية في الشبكات اللاسلكية، بعد ما كشفت، الثلاثاء، عن هاتف جديد يعمل بنظام تشغيل على غرار "أندرويد".

ويوفر الهاتف أيضاً نظام رسائل يعتمد على الأقمار الصناعية باستخدام البديل الصيني لنظام تحديد المواقع العالمي GPS، وهو نظام BeiDou للملاحة عبر الأقمار الصناعية، الذي سعت الصين إلى بناء محطات أرضية له في القطب الشمالي.

مخاوف متزايدة في واشنطن

وساعدت المخاوف المتزايدة في واشنطن من احتمالية تخلّف الولايات المتحدة في سباق التكنولوجيا على دفع الجهود التشريعية لتعزيز البحث العلمي الأميركي.
 
ففي خطاب وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الخميس، سلطت الضوء على أنّ الحكومة الأميركية أنفقت 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي على البحث العلمي والتطوير في ستينيات القرن الماضي، وذلك، من بين أسباب أخرى، لتعزيز قدرتها على منافسة الاتحاد السوفييتي في سباقهما للوصول إلى سطح القمر.

وقالت يلين: "في السنوات الأخيرة، أنفقت (الولايات المتحدة) ثلث هذه الأموال"، مشيرة إلى أنّ "الكلفة التقديرية للتراجع في البحث والتطوير العام بلغت 200 مليار دولار سنوياً من فاقد الناتج الاقتصادي، محذّرة من أنّه "في هذه الأثناء، يمضي المنافسون في الصين وبقية العالم قدماً".

وتوقعت "بلومبرغ" أنّه من المستحيل في هذه المرحلة المبكرة "تحديد هوية الفائز بعد مبادرة الصين التي تقودها الدولة، أو الهجين الأميركي للتطوير الذي يقوده القطاع الخاص (مع تقديم واشنطن يد العون).

ولكن مع تطور المنافسة، حدث تطور لافت هذا الأسبوع. ففي السنوات الأخيرة، كان هناك اتهامات بصورة منتظمة من قبل الولايات المتحدة بشأن قيام الصين بـ"أعمال قرصنة" على أهداف أميركية، سواء عامة أو خاصة. والآن، باتت الصين أكثر  إلحاحاً في تقديم شكاوى مماثلة، وفقا لـ"بلومبرغ".

فقد اتهمت بكين وكالة تجسس أميركية بـ"اختراق" جامعة ممولة حكومياً، لديها برامج أبحاث تتعلق بالطيران والفضاء، ما يبرز التحوّل الأخير في بكين صوب توجيه اتهامات مباشرة إلى الولايات المتحدة بشن هجمات سيبرانية وتسمية الأهداف. 

واعتبرت "بلومبرغ" أنّ ذلك يهدف، من بين أمور أخرى، إلى زيادة الوعي العام بالأنشطة التي تمارسها واشنطن.

ونقلت ما كتبه محللون في شركة "تريفيوم تشينا" للبحوث، الخميس، أنّه "بالنظر إلى أنّ استراتيجية التنافس الأميركية تميل بشكل واضح نحو احتواء صناعة أشباه الموصلات الناشئة في الصين، تتحرك بكين، على الجانب الآخر، لإشراك كل قطاع في المجتمع واستثماره".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات