مصر واليونان: حكومة الدبيبة في ليبيا لا تملك صلاحية إبرام اتفاقات دولية

time reading iconدقائق القراءة - 9
وزير الخارجية المصري سامح شكري في لقاء مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس بالقاهرة- ديسمبر 2019 - AFP
وزير الخارجية المصري سامح شكري في لقاء مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس بالقاهرة- ديسمبر 2019 - AFP
دبي- الشرق

قال وزيرا خارجية مصر واليونان، الاثنين، إن "حكومة الوحدة"، التي أقالها البرلمان الليبي، لا تملك صلاحيات إبرام اتفاقات دولية، على خلفية إعلان الأخيرة توقيع اتفاق مع تركيا للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية.

وأجرى وزير خارجية اليونان نيكوس ديندياس، الاثنين، اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري سامح شكري، بحثا خلاله "مستجدات الملف الليبي"، بحسب ما جاء في بيان للخارجية المصرية.

ولفت الجانبان، بحسب البيان، إلى أن "حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم".

وأضاف أن الطرفان "اتفقا على استمرار التشاور بينهما إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك في إطار التنسيق المستمر بين البلدين".

من جهتها، قالت وزارة الخارجية اليونانية إن الوزيرين شككا في شرعية توقيع حكومة عبد الحميد الدبيبة على اتفاقيات مع تركيا. وأضافت الوزارة عبر حسابها على "تويتر" أن الوزيرين ناقشا في الاتصال التطورات الأخيرة في ليبيا، موضحة أنه جرى الاتفاق على قيام الوزير اليوناني بزيارة القاهرة الأحد المقبل لإجراء مشاورات.

وتوجد في ليبيا حكومتان متنافستان على السلطة، الأولى هي حكومة "الوحدة" المقالة من البرلمان، ومقرها طرابلس ويقودها الدبيبة، وحكومة ثانية كلفها البرلمان في مارس الماضي برئاسة فتحي باشاغا، ومقرها بمدينة سرت.

تركيا: "مسألة بين دولتين"

وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت وزارة الخارجية التركية ووزارة خارجية الحكومة الليبية المقالة من قبل البرلمان، التوقيع في طرابلس، على اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية، عقب مرور ثلاث سنوات على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية المثير للجدل، والذي أثار حفيظة الاتحاد الأوروبي حينها.

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية في الحكومة المقالة من قبل البرلمان، توقيع "مذكرة تفاهم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية وعلى الأراضي الليبية، من قبل شركات تركية ليبية مشتركة".

وأوضح جاويش أوغلو أن "اتفاقية الهيدروكربونات الموقعة تهدف إلى إقامة تعاون بين الشركات التركية والليبية في الاستكشاف والتنقيب، وذلك وفق مفهوم الربح المتبادل في البر والبحر وفي مناطق الصلاحية البحرية".

ورداً على سؤال بشأن مخاوف أعربت عنها دول أخرى من هذه الاتفاقية، قال أوغلو إن "هذه المذكرات هي مسألة بين دولتين تتمتعان بالسيادة، وهي مكسب للطرفين، وليس للدول الأخرى الحق في التدخل في هذه الأمور".

وتابع "أبلغت تركيا وليبيا الأمم المتحدة بتوقيع الاتفاقية، وسجلنا حدود جرفنا القاري لدى الأمم المتحدة، والآن على ليبيا تحديد جرفها القاري ومناطق الصلاحية البحرية الخاصة بها، وتسجيلها لدى الأمم المتحدة".

وأكد أوغلو تصميم تركيا الكامل على تحويل البحر المتوسط إلى "بحر سلام"، تستفيد منه جميع البلدان المتشاطئة، مبيناً أن الاتفاقيات المبرمة بين تركيا وليبيا تستند إلى "مبدأ الربح المتبادل للطرفين".

قال وزير الخارجية التركي إن زيارة الوفد التركي لطرابلس جاءت لتأكيد "دعم أنقرة لأمن واستقرار ليبيا"، بحسب تعبيره.

وأفاد بأن مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري الموقعة بين البلدين تعد "حجر أساس مهماً في طريق الاستقرار"، مضيفاً: "سنواصل عملنا في هذا السياق بالتعاون مع الليبيين لضمان وجود جيش نظامي في ليبيا".

وشدد على أن تركيا ستعمل على تطوير علاقاتها مع ليبيا في كافة المجالات، مشيراً إلى ضرورة استخدام آليات مختلفة بشكل فعال لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي مع ليبيا في المستقبل.

وأعرب عن توقعاته بتجاوز حجم التجارة مع ليبيا 4 مليارات دولار، لافتاً إلى أنهم يعملون مع الجانب الليبي من أجل استئناف الرحلات الجوية للخطوط الجوية التركية إلى ليبيا.

من جهتها، رحبت المنقوش بهذا الاتفاق "المهم" الموقع "في ظل الأزمة الأوكرانية وتداعياتها".

"قوة أجنبية"

من جهته، التقى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع الدبيبة، في طرابلس الاثنين، وأكد أن قوات بلاده المسلحة في ليبيا تتواجد "ليس بصفة قوة أجنبية"، على حد تعبيره.

وأعرب عن ترحيبه بالمرحلة التي وصلت إليها ليبيا "عقب إنهاء النزاعات وبدء العملية السياسية بالوسائل السلمية"، مشدداً على أن وحدة أراضي ليبيا واستقلالها واستقرارها مهمة بالنسبة لتركيا.

وأكد على أهمية مذكرة التفاهم الأمنية الموقعة بين تركيا وليبيا عام 2019، موضحاً أن هذه الاتفاقيات "تجسيد للصداقة والأخوة والتاريخ المشترك والقيم المشتركة بين البلدين"، حسب قوله.

وأشار أكار إلى أن القوات المسلحة التركية المتواجدة في ليبيا "ليست قوة أجنبية"، بل هي عناصر لدولة "صديقة وشقيقة" لليبيا، وفق وصفه.

وأضاف أن القوات المسلحة التركية تواصل تدريبها العسكري في 5 مراكز في ليبيا، لافتاً إلى أن هذه التدريبات هي "استثمار لأمن الليبيين في المستقبل".

ونوه أكار إلى أن تركيا تولي أهمية لوحدة ليبيا واستقرارها من منطلق "ليبيا لليبيين"، وأن أنقرة مستعدة لتقديم كل ما يلزم لمنع استئناف النزاعات وإراقة الدماء، على حد قوله.

وذكر الوزير التركي أن الأمن مسألة مهمة في ليبيا كما هو الحال في كل الدول، مشدداً على ضرورة "إنشاء جيش نظامي يمكنه ضمان الأمن ودمج المجموعات المسلحة فيه".

البرلمان يرفض

ورفض عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب ومقره شرق ليبيا، الاتفاقية، وأكد في بيان بأن "أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم، مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مرفوضة وغير قانونية".

وأشار صالح إلى أن "أي مذكرة تبرم يجب أن تتم عبر رئيس الدولة أو البرلمان، أو عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان، ممثلة في حكومة فتحي باشاغا".

بدورها، رفضت حكومة باشاغا المعينة من البرلمان الاتفاقية، وقالت في بيان إنها "ستبدأ التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليمين والدوليين، للرد بشكل مناسب على هذه التجاوزات، التي تهدد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا والمنطقة".

ونوهت إلى حقها باللجوء للقضاء لوقف الاتفاقية، وفقاً للبيان.

الاتحاد الأوروبي: موقفنا واضح

بدوره، قال الاتحاد الأوروبي إنه أحيط علماً بالتقارير التي تشير إلى أن تركيا وحكومة الدبيبة وقعتا اتفاقية بشأن الهيدروكربونات، على أساس مذكرة التفاهم التركية الليبية الموقعة عام 2019.

وأكد الاتحاد الأوروبي في بيان أن موقفه بشأن هذه المذكرة قد تم تحديده بوضوح من قبل المجلس الأوروبي في ديسمبر 2019.

وشدد على أن "مذكرة التفاهم التركية الليبية لعام 2019 تنتهك الحقوق السيادية للدول الثالثة، ولا تمتثل لقانون البحار. ولا يمكن أن تترتب عليها أي نهتائج قانونية للدول الثالثة".

وأشار الاتحاد إلى أنه هناك حاجة إلى مزيد من الإيضاحات بشأن محتواها، داعياً إلى تجنب الأعمال التي يمكن أن تقوض الاستقرار الإقليمي.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة المجلس الرئاسي آنذاك فايز السراج، وقعا في نوفمبر 2019، مذكرتي تفاهم الأولى مرتبطة بالتعاون الأمني والعسكري، والأخرى تخص تحديد الصلاحيات البحرية، وترسيم الحدود المائية بين البلدين، وعلى أساسها تقوم أنقرة بأنشطة التنقيب في مناطق شرق البحر المتوسط.

ويسمح الاتفاق البحري لأنقرة ببسط نفوذها في مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي أثار استياء اليونان، التي أعلنت طرد السفير الليبي احتجاجاً على الاتفاقيات المبرمة، فيما أعلنت مصر واليونان وقبرص، في بيان مشترك، اعتراضها على الاتفاقية، معتبرة أنها "غير شرعية" و"تتعارض مع القانون الدولي".

في المقابل، ساعدت تركيا عسكرياً حكومة المجلس الرئاسي السابقة منتصف عام 2020 في مواجهتها مع الجيش الوطني الليبي. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات