
على وقع خلافات سياسية عميقة بين الجزائر وإسبانيا، تفجرت في مارس الماضي بعد إعلان مدريد دعم "خطة الحكم الذاتي" المغربية في الصحراء، وقعت شركتا "سوناطراك" الجزائرية و"ناتورجي" الإسبانية اتفاقاً في العاصمة الجزائر، الخميس، ينص على مراجعة أسعار بيع الغاز عبر خط أنبوب "ميدغاز" الذي يربط البلدين عبر البحر المتوسط.
وقال بيان للشركة الجزائرية: "اتفقت سوناطراك وشريكتها ناتورجي على مراجعة أسعار عقود توريد الغاز الطويلة المدى الحالية، وهذا في ظل تطورات السوق الراهنة، ضماناً لتوازن العقود المعمول بها على أساس الربح المتبادل".
وقال الرئيس التنفيذي لـ"سوناطراك" توفيق حكار، إن "الاتفاق الذي وقعناه اليوم ينص على مراجعة الأسعار تماشياً مع الأسعار في السوق العالمية". وأشار إلى أن "المفاوضات كانت شاقة ومتعبة ودامت تقريباً عشرة أشهر، بسبب عدم وضوح الرؤية في السوق وفي النهاية أمضينا اتفاقية لمراجعة العقود مدتها 3 سنوات".
وذكرت "سوناطراك" أنه "من خلال العقود التي تربطها بناتورجي، صدرت سوناطراك على مدى العقد الماضي أكثر من 83 مليار متر مكعب من الغاز لزبونها في السوق الإسبانية، مما ساهم في تعزيز دور الجزائر كمورد موثوق فيه بالسوق الأوروبية للغاز".
تراجع في الإمدادات
وآخر اتفاق بين الشركتين تم توقيعه في أكتوبر 2020، وكان في صالح ناتورجي التي أعادت التفاوض على جميع عقودها لاستيراد الغاز بعد تراجع أسعار النفط والغاز بسبب جائحة كورونا.
وكانت الجزائر لأعوام طويلة أكبر مزود لإسبانيا بالغاز، خصوصاً عبر خط "ميدغاز" الذي تملك سوناطراك 51% من الشركة المسيرة له، وناتورجي 49%.
ولكن الكميات بدأت تتضاءل بعد وقف خط أنابيب "المغرب العربي" الذي يربط الجزائر بإسبانيا مروراً بالمغرب، إثر قطع العلاقات بين الجزائر والرباط في أغسطس 2021.
وحتى الكميات الموردة عبر "ميدغاز" انخفضت بسبب توتر العلاقات الدبلوماسية بين مدريد والجزائر، منذ قرر رئيس الوزراء الإشتراكي بيدرو سانشيز في مارس الماضي، دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء.
وفي بداية أكتوبر الجاري، كشفت الحكومة الإسبانية عن خسائر مالية تكبدتها جراء قرار الجزائر وقف التجارة معها منذ 7 أشهر.
وذكرت وزارة التجارة الإسبانية، في 1 أكتوبر الجاري، أن أصحاب المؤسسات الاقتصادية في البلاد الذين يتعاملون مع الجزائر أحصوا خسائر بـ4.4 مليون يورو يومياً، منذ مارس الماضي. وفاقت الخسائر في شهر يوليو 127 مليون يورو، في حين بلغت 234.6 مليون يورو في يونيو.
إشارات إيجابية من مدريد
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، دعا خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمر الماضي، إلى "حل سياسي مقبول لطرفي النزاع في الصحراء"، وهو ما اعتبرته الجزائر "إشارات إيجابية تفيد بأن إسبانيا بصدد مراجعة موقفها من قضية الصحراء"، وفق ما أفادت مصادر سياسية لصحيفة "الشرق الأوسط".
وكانت الحكومة الجزائرية أعربت عن استيائها الشديد من إسبانيا، منذ قرر سانشيز في مارس، دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، المستعمرة الإسبانية السابقة، لإنهاء أزمة دبلوماسية بين مدريد والرباط استمرت منذ نحو عام.
ورداً على ذلك، علقت السلطات الجزائرية معاهدة تعاون مع إسبانيا، بينما أعلنت هيئة مصرفية رئيسية في الجزائر فرض قيود على المعاملات التجارية مع مدريد.
اقرأ أيضاً:




