تتجه رئيسة وزراء إيطاليا الجديدة جورجيا ميلوني، للحفاظ على موقف بلادها المؤيد لأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو" في مواجهة روسيا، ولكن حكومتها الائتلافية تستعد لتغيير سياستها الداخلية لتوفير حماية أكبر لقطاع الأعمال والصناعة، وفقاً لـ"بلومبرغ".
وتسلّمت ميلوني منصبها رئيسةً للحكومة بشكل رسمي، الأحد الماضي، عقب استلامها الجرس من رئيس الوزراء السابق ماريو دراجي، والذي ستستخدمه لضبط المناقشات خلال الاجتماعات الوزارية.
وفي السياق، عقدت ميلوني "اجتماعاً مثمراً" مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، لمناقشة قضايا، من بينها أوكرانيا والاقتصاد والهجرة.
ورغم السعي نحو إحداث تحول في السياسة الداخلية، أكدت ميلوني لجميع الشركاء أن مواقف إيطاليا المؤيدة لأوكرانيا وحلف الناتو "ليست موضع شك"، مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا شهره التاسع.
لكنّ تعهدها بالعمل عن قرب مع حلف شمال الأطلسي ودعم أوكرانيا يتناقض مع مواقف شريكيها في حكومتها الائتلافية واللذين يُعتبران مقربَين من روسيا.
"إعادة التواصل" مع بوتين
وتتمتع ميلوني، مع شريكيها في الائتلاف زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتيو سالفيني، ورئيس الوزراء السابق زعيم حزب "فورتسا إيطاليا" سيلفيو برلسكوني، بالأكثرية المطلقة في مجلسي النواب والشيوخ.
واضطرّت ميلوني المؤيدة لحلف شمال الأطلسي ولدعم أوكرانيا ضد روسيا، إلى مواجهة مواقف برلوسكوني المثيرة للجدل هذا الأسبوع، إذ أكد "إعادة التواصل" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وألقى بالمسؤولية في حرب أوكرانيا على كييف.
وأوضحت ميلوني مسارها، الأربعاء الماضي، مؤكدةً أن إيطاليا "جزء لا يتجزأ" و"برأس مرفوع" من أوروبا وحلف "الناتو". ولاقت تلك الرسالة أصداءً ايجابية في واشنطن وكييف والحلف الأطلسي الذي وجه أمينه العام ينس ستولتنبرج "تهانيه" إلى ميلوني.
وعكست التشكيلة الوزارية الجديدة رغبة ميلوني في طمأنة شركاء روما القلقين من حكم رئيسة الوزراء الأكثر يمينية والأكثر تشكيكاً بجدوى الاتحاد الأوروبي في إيطاليا منذ 1946.
ومن شأن تعيين الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني في منصب نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية، وهو عضو في "فورتسا إيطاليا"، وتولي جانكارلو جاورجيتي حقيبة الاقتصاد، وهو ممثل الجناح المعتدل في "الرابطة" وقد تولى حقيبة وزارية في حكومة دراجي، أن يطمئن بروكسل.
"القوة الذهبية"
ورغم كونها أول امرأة تشغل منصب رئيسة الوزراء في إيطاليا، ستضم حكومة ميلوني (45 عاماً)، 18 رجلاً في 24 منصباً وزارياً، كما ستعيد تسمية بعض الوزارات بصورة تشير إلى سعيها لتركيز على السياسة المحلية.
ويتماشى ذلك مع المبادئ السياسية لميلوني القائمة على السيادة والحس القومي، والتي تتضمن أيضاً خطوات محتملة لجعل روما أكثر أهمية داخل الاتحاد الأوروبي، بحسب "بلومبرغ".
وقال وزير الدفاع الإيطالي الجديد جيدو كروسيتو، لصحيفة "لا ريبوبليكا"، الأحد، إن الحكومة الجديدة ستستخدم قدرتها "إذا لزم الأمر" لمنع الاستحواذ الأجنبي على الشركات الإيطالية، وهي سياسة تُعرف باسم "القوة الذهبية".
من ناحيته، أفاد فرانشيسكو جاليتي، المحلل لدى شركة "بوليسي سونار" لاستشارات المخاطر السياسية، بأن تفعيل سياسة "القوة الذهبية" يُعد تمثيلاً دقيقاً لموقف السياسة الخارجية لإيطاليا في جميع الحكومات المتعاقبة.
وأشار جاليتي إلى إحباط محاولات صينية "لا حصر لها" للاستحواذ على الأصول الإيطالية في عهد رئيس الحكومة السابق دراجي.
يأتي ذلك بينما يواجه ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، مثل جيرانه، وضعاً اقتصادياً صعباً بسبب أزمة الطاقة والتضخم الذي ارتفع في سبتمبر الماضي، بنسبة 8.9% على أساس سنوي بينما تواجه روما خطر ركود تقني العام المقبل، مثل برلين.
ويأتي ذلك بينما يعتمد النمو على نحو 200 مليار يورو بشكل منح وقروض من الاتحاد الأوروبي في إطار صندوق التعافي بعد الوباء.
الحقوق المدنية
ويُتوقع أن تغير الحكومة الإيطالية الجديدة موقفها بشأن الحقوق المدنية، إذ قدم وزير الأسرة المُعين حديثاً آراءً مناهضة للإجهاض وحقوق المثليين في الماضي.
لكن ميلوني الخطيبة الموهوبة، والمسيحية المحافظة معادية لحقوق المثليين وترفع شعار "الله، الوطن، العائلة"، لكنها وعدت بعدم المساس بالقانون الذي يجيز الإجهاض.