
دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، اليونان للعودة إلى "رشدها"، وأن تعلم أنها "لن تستطيع تحقيق أي شيء بالاستفزازات"، وسط دعوات يونانية للبدء في ترسيم الحدود البحرية مع تركيا.
وذكر أردوغان في مقابلة مع محطة "إيه.تي.في" التلفزيونية التركية، أن "اختبار تركيا لصاروخ تايفون البالستي (محلي الصنع)، الذي دفع اليونان إلى الجنون، يُظهر تقدم الصناعات الدفاعية التركية".
وأضاف: "سنجعل مدى صاروخ (تايفون) الذي أزعج اليونان، أبعد من 561 كيلومتراً، وسنباشر (بصناعة) العديد من الصواريخ مثل (جنك) و(جزغين)"، موضحاً أن "طائراتنا (حرجيت)، و(بيرقدار قيزيل ألما)، والمسيرة (تي بي 3 سيها)، ستهبط وتقلع من حاملة طائرتنا (الأناضول) في 2023".
وبشأن التحركات التركية للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، أشار الرئيس التركي إلى أن "إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة في البحر الأسود يصل إلى 650 مليار مكعب"، موضحاً أن "ليبيا مهتمة بإجراء أعمال تنقيب مشتركة مع تركيا في البحر المتوسط".
وشهدت العلاقات بين اليونان وتركيا تنافساً طويلاً، وسلسلة من النزاعات الحدودية البحرية التي أججت التوتر بينهما، وسط توجيه تركيا اتهامات لليونان المنضوية معها في حلف "الناتو"، بأنها تسعى لنشر أسلحة في أكثر من 12 جزيرة في بحر إيجه.
كما أن اليونان وتركيا على خلاف منذ عقود بشأن حدود الجرف القاري لكل منهما، وحقوق التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط، والتحليق فوق بحر إيجه، وقبرص المنقسمة.
تركيا: الميزان الأميركي اختلّ
وفي وقت سابق الأربعاء، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في كلمة له خلال ندوة بعنوان "السياسة الخارجية التركية تجاه شرق المتوسط وبحر إيجه"، إن "اليونان قامت بتسليح ما لا يقل عن 16 جزيرة من أصل 23 شرقي بحر إيجه"، داعياً أثينا لـ"الامتثال للقانون الدولي".
وأضاف أن تركيا "ركزت على إحياء آليات الحوار مع اليونان مطلع عام 2021، لكن أثينا فشلت في إظهار الإرادة السياسية اللازمة لذلك"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء التركية "الأناضول".
وفي ما يخص الخلافات القائمة في بحر إيجه، أشار تشاووش أوغلو إلى "وجود حقوق ومصالح أساسية وحيوية في بحر إيجه من الناحية الاقتصادية والتجارية والعسكرية والثقافية"، موضحاً أن "اليونان تواصل تهديد تركيا منذ عام 1995 من خلال التلويح بتوسيع مياهها الإقليمية إلى 12 ميلاً في بحر إيجه".
وأكد تشاووش أوغلو أن "بلاده لن تسمح (لليونان) بزيادة المياه الإقليمية من جانب واحد أكثر من 6 أميال حتى لو كان ميلاً واحداً"، نافياً قبول أنقرة بـ"مثل هذا الأمر الواقع الذي سيجعل من بحر إيجه بحيرة يونانية".
وأردف: "استخدام اليونان 10 أميال من المجال الجوي في بحر إيجه رغم بلوغ مساحة مياهها الإقليمية 6 أميال، يعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي".
ورداً على سؤال بشأن القواعد العسكرية الأميركية في اليونان، أجاب الوزير التركي: "إن استعداد اليونان لهجوم ضد تركيا يعني أنها قد فقدت عقلها، كما نقول لليونان لا تنظرِ لمن يدعمك، بل انظرِ إلى من هو بجانبك ومن هم جيرانك، إذا كنت تريدين التعاون فنحن مستعدون، اليونان تعرف جيداً ما معنى مواجهة تركيا".
واستطرد: "الأميركيون يقولون إن هذه القواعد يتم تأسيسها ضد روسيا، لكن هذه التصريحات غير مطمئنة، تغريدات السفير الأميركي لدى أثينا موالية تماماً لليونان، ولدى تركيا سفير للولايات المتحدة، هل رأيتم تغريدة له يؤيد فيها تركيا؟"، لافتاً إلى أن "ميزان الأميركي قد اختلّ، وأن أنقرة حذرت واشنطن من تبعات هذه الخطوة".
دعوات يونانية
جاء ذلك بعد ساعات من تأكيد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أن "هناك طريقة واحدة فقط لحل الخلافات بين اليونان وتركيا، وهي القانون الدولي وقانون البحار"، موضحاً أن "الخلاف مع تركيا يتعلق بترسيم حدود المناطق البحرية"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء اليونانية.
واعتبر أن "الاستفزازات" التركية المتمثله في "الخطاب المهين لليونان والتحدي العلني لسيادة جزرنا، أعمال غير مقبولة أبداً ويجب أن تتوقف على الفور"، داعياً إلى "ترسيم الحدود مع تركيا".
تصريحات سابقة
وفي سبتمبر الماضي، أثارت تصريحات أردوغان بأن "تركيا قد تأتي غلى حين غرة" انتقادات أوروبية وأميركية.
وقال أردوغان في كلمة على هامش مشاركته في مهرجان "تكنوفيست البحر الأسود 2022" لتكنولوجيا الطيران والفضاء بولاية صامسون التركية: "انظري إلى التاريخ، إذا تماديتِ أكثر فسيكون ثمن ذلك باهظاً، لدينا جملة واحدة لليونان، لا تنسي (كيف طردناكم من) إزمير".
وأردف مخاطباً اليونان: "لا نعترف باحتلالكم للجزر، سنقوم بما يلزم عندما يحين الوقت، يمكننا أن نأتي على حين غرة ذات ليلة"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء التركية "الأناضول".
وأشار أردوغان إلى أن الولايات المتحدة ترسل الأسلحة والطائرات إلى أثينا ومدينة "دده أغاج" (أليكساندروبولي) اليونانية، فيما تقوم أثيناً بـ"تهديد الطائرات التركية باستخدام منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-300".
وأوضح أن القفزات التكنولوجية التي تحققها تركيا في العديد من المشاريع الدفاعية، بدءاً من الطائرات المسيرة وصولاً إلى الطائرات المروحية والحربية "ليست بدافع الحماسة للحرب"، ولكن "لضرورة الحفاظ على تركيا قوية".
تجدر الإشارة إلى أنّ أردوغان عقد محادثات نادرة مع رئيس الوزراء اليوناني في إسطنبول في مارس 2022، لكن هذا الاتجاه الإيجابي تضاءل بعد فترة وجيزة.
وفي مايو الماضي، قال أردوغان إنه لن يتحدث بعد الآن مع ميتسوتاكيس بعد أن زار رئيس الوزراء اليوناني واشنطن، حيث كان يضغط للحصول على طائرات مقاتلة من طراز "إف-35"، ويمارس ضغوطاً لعرقلة محاولات تركيا تحديث أسطول مقاتلاتها من طراز "إف-16".