اختفاء ضابط مخابرات مرتبط بـ"لوكيربي" يفجر سجالاً في ليبيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من حطام طائرة رحلة "بان أم" رقم 103 في لوكيربي باسكتلندا. 21 ديسمبر 1988 - AFP
جانب من حطام طائرة رحلة "بان أم" رقم 103 في لوكيربي باسكتلندا. 21 ديسمبر 1988 - AFP
دبي-الشرق

عادت قضية تفجير طائرة ركاب أميركية فوق سماء بلدة لوكيربي الاسكتلندية قبل 33 عاماً، للبروز مجدداً، وذلك بعد تقارير عن اختفاء أبو عقيلة مسعود المريمي، أحد المتهمين الرئيسيين في القضية.

وتناقلت وسائل إعلام في ليبيا هذا الأسبوع، تقارير عن اختفاء أبو عقيلة الذي تتهمه الولايات المتحدة بالتورط في تفجير رحلة "بان أم" رقم 103 فوق لوكيربي بأسكتلندا عام 1988، والذي أسفر عن سقوط 270 شخصاً معظمهم أميركيون.

وقالت عائلة أبو عقيلة في بيان، إنَّ مسلحين كانوا يرتدون ملابس مدنية على متن سيارتين من نوع تويوتا، اقتحموا منزلهم بمنطقة أبو سليم في العاصمة طرابلس الساعة 1.30 بعد منتصف ليل 16 نوفمبر 2022، وخطفوا أبو عقيلة واقتادوه إلى جهة غير معلومة.

واتهمت العائلة في بيانها، بعض الأطراف السياسية بـ"محاولة استغلال حالة الفوضى والانقسام السياسي من أجل إثارة ملف قضية لوكيربي مجدداً"

وحمَّلت العائلة "السلطات الليبية المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة، إزاء حالة الصمت تجاه ما تقوم به الحكومة من أفعال وممارسات غير مشروعة خارج المنظومة القضائية، في حال تسليمه إلى أي دولة أجنبية".

ويأتي اختفاء أبو عقيلة، بعد عامين من كشف السلطات الأميركية عن تهمتين جنائيتين ضد أبو عقيلة، كمشتبه به جديد في تفجير طائرة "بان آم"، كما دعت وزارة العدل الليبية في 21 ديسمبر 2020، السلطات الليبية إلى تسليمه.

"خيانة عظمى"

وفي هذا السياق، أصدر مجلس النواب الليبي قراراً يقضي برفض كل محاولات إعادة فتح ملف قضية "لوكيربي"، واعتبر أن هذه المحاولات "خيانة عظمى".

وأقر المجلس قراراً بـ"ملاحقة المتورطين في القبض على المواطن أبو عقيلة مسعود المريمي"، والتأكيد على بطلان كل ما يترتب على احتجازه من نتائج.

ورفض متحدث باسم حكومة الدبيبة التعليق لـ"الشرق" على الموضوع، مكتفياً بالإحالة إلى بيان سابق لوزارة العدل في حكومة الوحدة.

واعتبرت الوزارة في بيان، أنَّ قضية لوكيربي أغلقت بشكل نهائي من الناحية السياسية والقانونية، سنة 2008، ولا يمكن إثارتها من جديد. 

وقالت الوزارة إنها تابعت ما يتداول على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إعادة فتح ملف قضية يربي، مضيفة أنَّ "ملف قضية لوكيربي قد أقفل بالكامل من الناحية السياسية والقانونية وذلك بنص الاتفاقية التي أبرمت بين الدولة الليبية والولايات المتحدة بتاريخ 2008/8/14، والتي تم تعزيزها بموجب الأمر الرئاسي الموقع من الرئيس الأميركي جورج بوش: رقم 13477 الصادرفي 2008:10/31".

كما رفض المجلس الأعلى للدولة في ليبيا "المحاولات التي تقوم بها بعض الأطراف الداخلية من أجل إعادة تحريك قضية لوكيربي التي أقفل ملفها بالكامل من الناحيتين القانونية والسياسية"، وذلك بحسب بيان للمجلس.

وقال المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة في ليبيا السنوسي إسماعيل، إنَّ "ملف لوكيربي قضية تم تدويلها، واتهمت فيها ليبيا، وكانت هناك خلافات قوية كادت أن تصل إلى صدام بين ليبيا من جانب، وأميركا وبريطانيا من جانب آخر، لولا وساطة وتدخل بعض الدول".

وأشار في تصريحات لـ"الشرق"، إلى أنه بفضل هذه الوساطة "تم التوصل إلى اتفاق دولي، وإغلاق الملف بعد تسليم المتهمين الليبيين، ودفع المبالغ التعويضية إثر تحميل ليبيا المسؤولية المدنية"، مشدداً على أنَّ الملف "بات مغلقاً من الناحية القانونية".

وأضاف السنوسي: "بالنسبة لأبو عقيلة فهو ضابط سابق في الاستخبارات، وقد تحدثت عائلته عن اختطافه"، مشيراً إلى أنَّ مسألة اختفاء أبو عقيلة "أحيلت إلى النائب العام، وهناك تحقيقات جارية في هذا الشأن".

خلافات سابقة

ويعد موضوع اختفاء أبو عقيلة من القضايا الحساسة في ليبيا، مخافة تسليمة لدولة أجنبية، وإحياء ملف لوكيربي، الذي تعتبره كثير من الجهات في ليبيا منتهياً من الناحيتين القانونية والسياسية.

وتسببت تصريحات سابقة في هذا الشأن لنجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية في حكومة عبد الحميد الدبيبة المقالة من البرلمان، بإثارة أزمة داخلية بين أجهزة الدولة الليبية.

وكانت المنقوش أكدت في نوفمبر 2021 أنه بإمكان بلادها التعاون مع الولايات المتحدة، لتسليم أبو عقيلة، مشيرة إلى أن هناك "نتائج إيجابية آتية" في هذا الصدد.

وعقب هذه التصريحات، أصدر المجلس الرئاسي أمراً بإيقاف المنقوش "احتياطياً"، وإحالتها للتحقيق، ولكنها بقيت في منصبها.

واعتبر السنوسي إسماعيل في حديثه لـ"الشرق"، أنَّ قضية اختفاء أبو عجيلية "قضية أمنية لا يزال هناك تحقيق بشأنها، أما قضية لوكيربي فهي قضية مغلقة سياسياً وقانونياً، وليس من مصلحة أي جهة في ليبيا إعادة فتحها، لا سيما في ظل التسريبات الأخيرة بأن هناك محاولات لتوريط ليبيا، وأنَّ دولة أخرى ربما كنت متورطة في قضية لوكيربي"، على حد تعبيره.

وأضاف كما أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة وبريطانيا، إعادة فتح هذا الملف "لأنه سيؤدي فقط إلى مزيد من التوترات في ليبيا".

من هو أبو عقيلة؟

أبو عقيلة مسعود ضابط سابق في الاستخبارات الليبية، سبق أن سجن بعد سقوط نظام معمر القذافي، إثر إدانته بتهم لا علاقة لها بمسألة "لوكيربي".

وفي ديسمبر 2021، وجّهت الولايات المتحدة اتهامات لأبو عقيلة بارتكاب جرائم تتعلق بـ"الإرهاب"، بعضها على صلة بتفجير لوكيربي.

وتقول السلطات الأميركية إنَّ أبو عقيلة عمل بصفات مختلفة للمخابرات الليبية، بما في ذلك كخبير تقني في بناء عبوات ناسفة من سنة 1973 إلى 2011، مشيرة إلى أنه ساعد في صناعة القنبلة التي أسقطت طائرة رحلة لوكيربي، وضبط مؤقتها.

كما زعمت أنَّ أبو عقيلة متورط في تفجير عام 1986، الذي استهدف ملهى ليلياً في برلين الغربية بألمانيا، وأسفر عن سقوط جنديين أميركيين.

وتعد قضية "الحادث الإرهابي الأكثر دموية في المملكة المتحدة، وثاني أكثر الهجمات الجوية فتكاً في تاريخ الولايات المتحدة"، بحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية.

وكان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي نفى تورط بلاده بالهجوم طوال أكثر من عقد، لكنه وافق على دفع أكثر من ملياري دولار، تعويضاً لأسر الضحايا في عام 2003. 

كما تم تسليم المتهمين في الهجوم، وهما عنصرا الاستخبارات الليبية عبد الباسط علي محمد المقرحي، والأمين خليفة فحيمة، اللذان زعمت الولايات المتحدة أنهما وضعا متفجرات في كاسيت ومشغل راديو، داخل حقيبة في الطائرة المنكوبة.

وحوكم الرجلان في عام 2000 أمام محكمة أسكتلندية خاصة أُقيمت على أرض محايدة في هولندا. وبرَّأت المحكمة فحيمة، ودانت المقرحي، الذي حُكم بسجنه 27 سنة، ولكن أُفرج عنه مبكراً في عام 2009، نتيجة تشخيص إصابته بالسرطان، وتوفي في عام 2012.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات