تحاول الحكومات الغربية تحديد سقف أسعار لشراء صادرات النفط من روسيا بحلول 5 ديسمبر، بالتزامن مع موعد تفعيل الاتحاد الأوروبي حظراً على استيراد النفط الروسي المنقول بحراً.
وتستهدف الخطة تقليص عائدات موسكو النفطية إلى مستوياتها قبل غزو أوكرانيا، مع الحفاظ على استمرار وجود الخام الروسي في السوق العالمية، لتجنب المزيد من الارتفاع في الأسعار.
وبحسب وكالة "أسوشييتد برس"، قد يكون للإجرائين تأثير غير مؤكد على سعر النفط في السوق العالمية، مشيرةً إلى مخاوف بشأن أزمة في العرض بسبب حظر النفط الروسي، ومخاوف أخرى بشأن انخفاض الطلب بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ورصدت الوكالة بعض الحقائق الأساسية عن وضع سقف لأسعار النفط الروسي، وحظره من قبل الاتحاد الأوروبي، وما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة للمستهلكين والاقتصاد العالمي.
ما الحد الأقصى للسعر؟
اقترحت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي مع حلفاء مجموعة الدول السبع الآخرين كوسيلة للحد من أرباح موسكو مع الحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى الاقتصاد العالمي.
وكان الهدف هو الإضرار بالوضع المالي لموسكو مع تجنب حدوث ارتفاع حاد في أسعار النفط إذا تم إخراج النفط الروسي فجأة من السوق العالمية.
وبموجب هذا الاقتراح، لن تتمكن شركات التأمين والشركات الأخرى اللازمة لشحن النفط من تقديم خدماتها لشحنات الخام الروسي إلا إذا تم تسعيره بالحد الأقصى للسعر المحدد أو أقل منه.
وبالنظر إلى أن معظم هذه الشركات تقع في الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا، فإنه قد يُطلب منها الالتزام بالحد الأقصى للسعر. ودون التأمين الذي تقدمه هذه الشركات، قد يحجم أصحاب الناقلات عن التعامل مع النفط الروسي ويواجهون عقبات في تسليمه.
كيف سيواصل النفط التدفق في الاقتصاد العالمي؟
قد يؤدي التطبيق العالمي لحظر التأمين، والذي فرضه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجولات السابقة من العقوبات، إلى إخراج الكثير من النفط الخام الروسي من السوق ما قد يؤدي لارتفاع أسعار النفط، وحينها ستعاني الاقتصادات الغربية، وستشهد روسيا زيادة في الأرباح من أي نفط ستستطيع شحنه في تحد للحظر المفروض عليها.
وكانت روسيا، التي تعد ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، قد حوَلت بالفعل الكثير من إمداداتها إلى الهند والصين ودول آسيوية أخرى بأسعار مخفضة بعد أن تجنبها العملاء الغربيون حتى قبل حظر الاتحاد الأوروبي.
ونقلت الوكالة عن نائب رئيس قسم التحليل في شركة "ريستاد إنرجي" كلاوديو جاليمبرتي قوله إن "أحد أهداف وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي هو توفير إطار قانوني للسماح باستمرار تدفق نفط موسكو وتقليل عائداتها في نفس الوقت".
وأضاف أن "من الضروري لأسواق الخام العالمية أن يظل النفط الروسي يجد الأسواق من أجل بيعه بعد أن يصبح الحظر الأوروبي سارياً، لأنه في غياب ذلك، سترتفع أسعار النفط العالمية بشدة."
ما تأثير مستويات الحد الأقصى المختلفة؟
يمكن أن يسمح سقف الأسعار الذي يتراوح بين 65 و70 دولاراً للبرميل لروسيا بمواصلة بيع النفط مع الحفاظ على أرباحها عند المستويات الحالية، إذ يتم تداول النفط الروسي عند حوالي 63 دولاراً للبرميل، وهو ما يعد أقل بكثير من سعر خام برنت القياسي الدولي.
ولكن وضع حد أقصى منخفض عند حوالي 50 دولاراً للبرميل سيجعل من الصعب على روسيا موازنة ميزانيتها الحكومية، إذ يُعتقد أن موسكو تحتاج أن يكون سعر البرميل بين 60 و 70 دولاراً للقيام بذلك.
ومع ذلك، فإن الحد الأقصى البالغ 50 دولاراً سيظل أعلى من تكلفة الإنتاج الروسية التي تتراوح بين 30 و40 دولاراً للبرميل، ما يمنح موسكو حافزاً لمواصلة بيع النفط ببساطة لتجنب الاضطرار إلى إغلاق الآبار التي قد يكون من الصعب إعادة تشغيلها.
ماذا لو لم تلتزم روسيا ودول أخرى بالقرار؟
أعلنت روسيا أنها لن تلتزم بوضع حد أقصى لسعر النفط وستوقف عمليات التسليم للدول التي تلتزم بهذه الأسعار، وهو الرد الذي من المرجح أن يثيره تحديد سقف السعر المنخفض عند 50 دولاراً، أو يمكن لموسكو حينها أن توقف آخر إمدادات الغاز الطبيعي الروسي المتبقية إلى أوروبا.
وقد لا تلتزم الصين والهند مع هذا الحد الأقصى للأسعار، كما يمكن لبكين إنشاء شركات تأمين خاصة بها لتحل محل الشركات المحظورة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا.
وقال جاليمبرتي إن الصين والهند تتمتعان بالفعل بخصم على أسعار النفط الروسي، ولذا فإنهما قد لا ترغبان في عزل موسكو.
وتابع: "تحصل بكين ونيودلهي على الخام الروسي بخصم كبير عن سعر خام برنت، وبالتالي، فهما لا تحتاجان بالضرورة إلى وضع حد أقصى للسعر للاستمرار في التمتع بخصم".
ويمكن لروسيا أيضاً أن تلجأ إلى بعض الطرق الأخرى مثل نقل النفط من سفينة إلى أخرى لإخفاء أصولها أو لخلط نفطها بأنواع أخرى للالتفاف على الحظر، ولذلك يتعين الانتظار لرؤية مدى تأثير تحديد سقف للأسعار.
ماذا عن الحظر الأوروبي؟
قد لا يظهر التأثير الأكبر لحظر الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر، إذ يرتقب أن تعثر أوروبا على موردين جدد ويتم تغيير مسار البراميل الروسية.
غير أن هذا التأثير سيظهر في 5 فبراير، عندما يبدأ الحظر الأوروبي الإضافي على المنتجات المصنوعة من النفط، مثل وقود الديزل، إذ سيتعين على أوروبا اللجوء إلى الإمدادات البديلة من الولايات المتحدة والشرق الأوسط والهند.
وعلق جاليمبرتي: "سيكون هناك عجز وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير للغاية."
وأشارت الوكالة إلى أن أوروبا لا يزال لديها العديد من السيارات التي تعمل بالديزل، كما يُستخدم الوقود أيضاً من قبل الشاحنات التي تعمل على توصيل مجموعة كبيرة من البضائع للمستهلكين ولتشغيل الآلات الزراعية، ولذا فإن تلك التكاليف المرتفعة ستؤثر في جميع أنحاء اقتصاد القارة.
اقرأ أيضاً: