أعلنت كندا، الأحد، استراتيجيّتها الاقتصاديّة والدبلوماسيّة الجديدة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخصّصت 2.3 مليار دولار كندي (1.7 مليار دولار أميركي) على مدى السنوات الخمس المقبلة للخطّة التي تهدف إلى التخفيف من وطأة المخاطر التي تُمثلها الصين.
وقالت كندا في وثيقة استراتيجية، مؤلفة من 26 صفحة، إنها ستعزز وجودها العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وستشدد قوانين الاستثمار لحماية حقوق الملكية الفكرية ومنع الشركات الحكومية الصينية من السيطرة على سلاسل الإمداد بالمعادن المهمة.
وبنت حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو استراتيجيّتها على محاور خمسة رئيسيّة: "تعزيز السلام والأمن، لا سيّما عن طريق إرسال سفينة حربيّة إلى المنطقة، وتعزيز التجارة والاستثمار ودعم مشاريع (مساعدة دوليّة للنساء) وتمويل البنية التحتيّة المستدامة وزيادة الحضور الدبلوماسي الكندي".
شراكة مع الغرب
وقالت وزيرة الخارجيّة الكنديّة ميلاني جولي، في بيان، إنّ "مستقبل منطقة المحيطين الهندي والهادئ هو مستقبلنا، فلدينا دور نلعبه في تشكيله. ولهذه الغاية، يجب أن نكون شريكاً حقيقياً وموثوقاً" للحلفاء الغربيّين.
وشدّدت على أنّ "هذه الاستراتيجيّة تبعث رسالة واضحة: كندا موجودة في المنطقة وهي موجودة لتبقى". وتهدف خريطة الطريق هذه إلى "تعميق التزامنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ خلال السنوات العشر المقبلة، عبر زيادة مساهمتنا في السلام والأمن الإقليميَين"، حسب ما جاء في البيان.
وكشفت كندا هذه الاستراتيجيّة بعد جولة في المنطقة أجراها ترودو وجولي اللذان شاركا في مؤتمرات عدّة: قمّة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في بنوم بنه بكمبوديا، وقمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، ومنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في بانكوك.
الصين "قوة مزعجة"
وتذكر الاستراتيجية أن "الصين قوة عالمية مزعجة بشكل متزايد"، وأنها "تتطلع إلى تشكيل نظام عالمي لا يتفق معنا".
وفي مقابلة مع صحيفة "لابريس" اليومية الناطقة بالفرنسية بالتزامن مع بدء تنفيذ السياسة الجديدة، قالت جولي إن الرسالة موجهة تحديداً إلى بكين التي يسود التوتر علاقاتها بأوتاوا. وأضافت جولي: "هناك مشكلة أساسية في حقيقة أن الصين لا تحترم المعايير الدولية حالياً وتحاول تغييرها أو تفسيرها لمصلحتها الخاصة".
وشددت الوزيرة على أنّ الحكومة لن تذهب إلى حدّ تقديم المشورة للشركات الكنديّة بعدم ممارسة أعمال تجاريّة في الصين، غير أنّها أضافت أنّ "وظيفتي هي شرح المخاطر. وأنا أقول إنّ هناك مخاطر جيوسياسيّة في ممارسة الأعمال التجاريّة في الصين".
سلاسل إمداد المعادن
وذكرت الوثيقة، في قسم يشير إلى الصين، أن أوتاوا ستراجع وتحدث التشريعات التي تمكنها من التصرف "بشكل حاسم، عندما تهدد استثمارات شركات مملوكة لدول، وكيانات أجنبية أخرى أمننا القومي، بما في ذلك سلاسل الإمداد بالمعادن المهمة لدينا".
وتريد حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو تنويع العلاقات التجارية والاقتصادية، التي تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة.
وتظهر البيانات الرسمية لشهر سبتمبر أن التجارة الثنائية مع الصين شكّلت أقل من 7% مقارنة بـ68% مع الولايات المتحدة.
علاقات متوترة
وكان الرئيس الصيني شي جين بينج قد أنّب رئيس الوزراء الكندي أمام عدسات الكاميرات خلال قمّة مجموعة العشرين، في سجال علني غير معهود من شأنه أن يزيد تعقيد العلاقات المتوتّرة أساساً بين البلدين.
وأظهر فيديو سجّله صحافيون خلال قمّة مجموعة العشرين التي استضافتها بالي، شي وهو يلوم ترودو بعدما تمّ تسريب تفاصيل عن محادثات عقدها الزعيمان إلى وسائل الإعلام.
وأثار ترودو، مع شي قضية "التدخل" الصيني في شؤون مواطنين كنديين بعدما اتّهمت أوتاوا في الأسابيع الأخيرة بكين بالتدخل في أنظمتها الديمقراطية والقضائية.
وبلغت العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها عندما أوقفت السلطات الكنديّة المديرة التنفيذيّة في هواوي مينج وانتشو عام 2018 بتهمة انتهاك العقوبات الأميركيّة المفروضة على إيران.
واعتقلت بكين لاحقاً مواطنَين كنديين في الصين هما مايكل سبافور ومايكل كوفريج في خطوة اعتبرها كثيرون انتقامية. وأطلق سراح مينج والكنديين العام الماضي بعد مفاوضات شاقّة.