أعلن رئيس الوزراء السلوفيني روبرت جولوب أن بلاده تخطط لبناء خط أنابيب لنقل الغاز الجزائري إلى المجر، لمساعدتها في الاستغناء عن الوقود الأحفوري الروسي.
وكانت سلوفينيا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، وقعت في نوفمبر الماضي اتفاقاً مع الجزائر لإمدادها بالغاز الطبيعي لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من يناير 2023، وذلك عبر خط "ترانسميد"، العابر لتونس والبحر المتوسط.
ويصل طول "ترانسماد" نحو ألفين و485 كيلومتراً، ويضمن تزويد 3 دول بالغاز الطبيعي، وهي تونس وإيطاليا وسلوفينيا.
وبموجب الاتفاق الجديد، فإن سلوفينيا ستحصل على 300 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من الجزائر، ما سيساعدها على خفض واردات الغاز الروسي بمقدار الثلث، فيما ستساعد زيادة التدفقات عبر خط "ترانسميد" على نقل الغاز إلى المجر عبر مقترح الربط الجديد، وفقا لـ"فاينانشيال تايمز".
يأتي ذلك بعدما كان المدير التنفيذي لمجموعة النفط والغاز الجزائرية "سوناطراك" توفيق حكار، أكد أن "للمجموعة قدرة غير مستخدمة على خط أنابيب ترانسميد"، والتي يمكن استخدامها "لزيادة الإمدادات إلى السوق الأوروبية".
التشغيل في 3 سنوات
وقال روبرت جولوب لـ"فاينانشيال تايمز": "دعونا نمد هذه اليد إلى جيراننا الشرقيين، (بمن فيهم) المجريين"، مضيفاً أن "المجر تعتمد تماماً على الغاز الروسي، ولكنها ليست الوحيدة. فالنمسا في وضع مماثل. ويجب أن يقدم لهم الجيران يد العون لحل هذه المشكلة التي لا يمكنها حلها بمفردهم".
وتتسابق دول الاتحاد الأوروبي لاستغناء عن الغاز الروسي بحلول عام 2030، على خلفية الغزو الشامل الذي شنته موسكو على أوكرانيا. وبالرغم من قيام المجر بإنشاء عدد من خطوط لاستيراد الغاز من معظم جيرانها باستثناء سلوفينيا، إلا أن 85% من احتياجاتها من الغاز لا تزال تأتي من روسيا، وفقا لوزارة الخارجية.
وتحدث جولوب إلى "فاينانشال تايمز" بعد لقاء نظيره المجري فيكتور أوربان الأسبوع الماضي في محطة كهرباء جديدة بالقرب من الحدود المجرية الكرواتية، والتي تربط شبكات الكهرباء في الدول الثلاث.
ويهدف جولوب وفيكتور أوربان رئيس وزراء المجر إلى الاتفاق على بناء "خط نقل غاز" رابط بين البلدين يمكن تشغيله "ربما في غضون عامين أو ثلاث"، وفقاً لما قاله رئيس الوزراء السلوفيني للصحيفة.
وأشار جولوب إلى أنه "يمكن توسيع نطاق هذا الربط الطاقي حسب الطلب"، قائلاً: "نحن مرنون. أولا، سنؤسس ميثاق تضامن ليكون الأساس. ثم سنتقدم بطلب إلى المفوضية (الأوروبية) لدعم هذا الخط، بعد ذلك، سنجري اختبار السوق الذي يقرر حجم (المشروع) المناسب". ووصف توقيت اقتراح المشروع بـ "المثالي".
3 خيارات أمام المجر
من جانبه عبر رئيس وزراء المجر، عن اهتمام بلاده بتنويع مصادر الغاز، وحدد لذلك 3 مسارات محتملة، وهي إنجاز خط الأنابيب السلوفيني المحتمل لنقل الغاز الجزائري، وإنشاء طريق لشحن الغاز من الحقول المكتشفة في المياه الرومانية بالبحر الأسود، بالإضافة إلى تطوير خطوط استيراد الغاز الطبيعي المسال المحمول على متن السفن من كرواتيا.
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن أوربان قوله: "نحن مهتمون (بالمسارات) الثلاثة"، مضيفاً: "نريد التخلص من هذه التبعية (إلى روسيا). لقد مدت المجر خطوطاً في اتجاهات أخرى ولكن سعات التدفق غير كافية لتحقيق التنويع الكامل". ولفت إلى أن بلاده تخطط للتعاون مع سلوفينيا "بطريقة براجماتية".
ويمثل خط أنابيب "ترك ستريم" المصدر الرئيسي للمجر، إذ ينتقل عبره الغاز قادماً من شركة "غازبروم" الروسية العملاقة عبر تركيا والبلقان.
وحصلت بودابست على إعفاء من خطط الاتحاد الأوروبي الخاصة بفرض سقف لأسعار الغاز المستورد، تمكنت بمقتضاه من تأمين إمدادات روسية إضافية، ما يسلط الضوء على ما وصفه الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" بـ "علاقات بودابست الوثيقة وغير المريحة" مع موسكو.
تعقيدات أمام المشروع
وبحسب رئيس الوزراء السلوفيني، فإن التعاون في مجال الطاقة بين بلاده والمجر سيقوم على مبدأ "التضامن مع الاتحاد الأوروبي"، ولكنه أثار العديد من القضايا الأكثر تعقيداً خلال لقائه نظيره المجري، فيكتور أوربان، من قبيل "سجل المجر في سيادة القانون".
وكان الاتحاد الأوروبي جمد تمويلاً بنحو 13.3 مليار يورو ضمن جهوده لإجبار أوربان على الوفاء بالتزاماته الخاصة بمعالجة المخاوف المتعلقة بملف الشفافية والفساد في المجر.
وقال رئيس وزراء سلوفينيا "هذه هي المنعطفات الذي سيصمد عندها الاتحاد الأوربي أو سينهار.. التضامن، وسيادة القانون التي شددنا عليها أيضاً خلال المحادثات".
من جانبها، أكدت بودابست أنها تعمل من أجل "تنفيذ الإصلاحات التي طلبتها بروكسل"، وفقا لما أوردته الصحيفة.
وفيما يتعلق بواردات الغاز، شدد جولوب على حاجة الدول، بما فيها المجر، إلى "تنويع مصادرها". وقال للصحيفة البريطانية إنه "من الأفضل أن يكون لديك الكثير من المصادر المتنوعة، وليس بالضرورة أن يكون كل منها كبير بما يكفي (لتلبية احتياجات الدولة بالكامل)".
ولفت جولوب إلى أن المسار الجزائري سيتمكن أيضاً من نقل الهيدروجين، مشيراً إلى أن "الهيدروجين القادم من شمال إفريقيا يمكن أن يأتي في مراحل لاحقة من التحول إلى الوقود الأخضر".
اقرأ أيضاً: