اتفقت دول الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على وضع حد أقصى لأسعار الغاز، بعد أشهر من النقاش بشأن ما إذا كان الإجراء يمكن أن يُعرقل جهود التكتل في التعامل مع أزمة الطاقة بدلاً من مساعدتها.
وتهدف الخطوة لحماية الأسر والشركات الأوروبية من الارتفاعات الحادة في أسعار الغاز، إذ أدت زيادة أسعار الطاقة في أوروبا إلى وصول التضخم إلى أعلى معدل منذ عقود، وفق وكالة "رويترز".
لكن الفكرة قسمت الدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 27 دولة، بما في ذلك ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد وأكبر مستهلك للغاز، إذ تتخوف برلين من أن يصبح الحصول على الإمدادات أكثر صعوبة في الأسواق العالمية التنافسية.
ووافق وزراء الطاقة بالتكتل، الاثنين، على اقتراح حل وسط يعني تفعيل الحد الأقصى للسعر إذا تجاوزت الأسعار 180 يورو لكل ميجاوات/ساعة لمدة 3 أيام.
ما أسباب القرار؟
خفّضت روسيا شحنات الغاز إلى أوروبا بعد غزوها أوكرانيا خلال فبراير الماضي، وفي محاولة للحد من تأثير الأسعار المرتفعة الناتجة عن الغزو، دعت حوالي 15 دولة بالاتحاد الأوروبي بما في ذلك بلجيكا وإيطاليا واليونان وبولندا إلى وضع سقف لأسعار الغاز على مستوى أوروبا.
وتراجعت أسعار الغاز خلال الأشهر الأخيرة مع موافقة الاتحاد الأوروبي على بعض الإجراءات الطارئة، بما في ذلك التزامات بملء مخزون الغاز، لكنها لا تزال مرتفعة.
وتم تداول عقد الشهر الأول لمركز الغاز التابع لمرفق نقل الملكية الهولندي الذي يعد المعيار لجميع مشتقات الغاز المتداولة في القارة، بحوالي 107 يورو لكل ميجاوات/ساعة، الاثنين، مقارنة بـ95 يورو لكل ميجاوات/ساعة قبل عام و 14.20 يورو لكل ميجاوات/ساعة قبل عامين.
وارتفع السعر إلى مستوى قياسي فوق 340 يورو لكل ميجاوات/ساعة في سبتمبر.
كيف سينفذ القرار؟
وبموجب الخطة التي تم الاتفاق عليها، الاثنين، يمكن تفعيل الحد الأقصى اعتباراً من 15 فبراير 2023 إذا تجاوزت الأسعار 180 يورو لكل ميجاوات/ساعة، لمدة 3 أيام.
ولتحديد الحد الأقصى، يجب أن يكون عقد الشهر الأول لمركز الغاز التابع لمرفق نقل الملكية الهولندي أعلى بمقدار 35 يورو لكل ميجاوات/ساعة من السعر المرجعي القائم على تقييمات أسعار الغاز الطبيعي المسال الحالية لمدة 3 أيام.
وبمجرد تفعيله، سيمنع الحد الأقصى إجراء التداولات على عقود مرفق نقل الملكية للشهر الأول و3 أشهر والسنة الأولى بسعر يزيد عن 35 يورو لكل ميجاوات/ساعة فوق السعر المرجعي للغاز الطبيعي المسال. ويحد هذا بشكل فعال من السعر الذي يمكن تداول الغاز به.
ولن ينخفض الحد الأقصى لسعر الاتحاد الأوروبي إلى أقل من 178 يورو لكل ميجاوات/ساعة، حتى لو انخفض سعر الغاز الطبيعي المسال إلى مستويات أقل بكثير.
ولكن إذا ارتفع السعر المرجعي للغاز الطبيعي المسال إلى مستويات أعلى، فإن سقف الاتحاد الأوروبي سيتحرك معه، بينما يظل 35 يورو لكل ميجاوات/ساعة فوق سعر الغاز الطبيعي المسال، وهو نظام مصمم لضمان قدرة التكتل على تقديم عطاءات أعلى من أسعار السوق لجذب الوقود الشحيح.
وبمجرد تفعيله، سيتم تطبيق الحد الأقصى للسعر لمدة 20 يوم عمل على الأقل. ويمكن بعد ذلك إلغاء تفعيله إذا انخفضت الأسعار إلى أقل من 180 يورو لكل ميجاوات ساعة لمدة 3 أيام.
وسيتم تطبيق الحد الأقصى على جميع منصات تداول الغاز الافتراضية في الاتحاد الأوروبي. وفي البداية على الأقل لن يؤثر ذلك على تجارة الغاز الخاصة خارج بورصات الطاقة، والتي قالت المفوضية الأوروبية إنها صمام أمان لعمليات التسليم المهمة.
ما موقف دول التكتل؟
هناك انقسام بين دول الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة بشأن ما إذا كانت ستضع سقفاً للأسعار.
ولقي اقتراح أصلي للمفوضية، في نوفمبر، بفرض سقف إذا وصلت الأسعار إلى 275 يورو لكل ميجاوات/ساعة انتقادات على نطاق واسع من قبل الدول.
وقاومت ألمانيا، وكذلك هولندا والنمسا، أي سقف، خشية أن يعطل ذلك عمل سوق الطاقة في أوروبا ويحول شحنات الغاز إلى المناطق التي ترتفع فيها الأسعار.
ونقلت "رويترز" عن مسؤول بالاتحاد الأوروبي قوله إن ألمانيا وافقت في نهاية المطاف على الحد الأقصى للأسعار بعد أن فازت برلين بقواعد أكثر صرامة لتعليق السياسة إذا كانت لها عواقب غير مقصودة، وتغييرات في قانون آخر للاتحاد الأوروبي بشأن تصاريح الطاقة المتجددة.
وامتنعت هولندا والنمسا عن اتخاذ موقف. وقال مسؤولون بالاتحاد الأوروبي إن المجر هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي عارضت هذا الإجراء.
وتشمل الضمانات التي فازت بها الدول المتشككة تعليق الحد الأقصى إذا واجه الاتحاد الأوروبي نقصاً في إمدادات الغاز، أو إذا تسبب الحد الأقصى للسعر في انخفاض التداول في "مرفق نقل الملكية" الهولندي، أو قفزة في استخدام الغاز أو زيادة كبيرة في طلبات الهامش للمشاركين في سوق الغاز.
وقال مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي قدري سيمسون، إن المفوضية الأوروبية قد تعلق أيضاً الحد الأقصى إذا وجد تحليل أجراه المنظمون في الاتحاد الأوروبي، المقرر بحلول مارس 2023، أن مخاطر هذه السياسة تفوق فوائدها.
ما رأي سوق الغاز؟
حذرت الجهات الفاعلة في السوق بما في ذلك بورصة "إنتركونتيننتال" التي تستضيف مرفق نقل الملكية الهولندي، من المضي قدماً في الاقتراح الأوروبي.
وفي مذكرة أرسلت إلى المفوضية الأوروبية، قالت بورصة "إنتركونتيننتال"، إن الاقتراح قد يتسبب في توقف مزودي السيولة عن بيع العقود الآجلة للغاز، وهو ما سيدفع الأسعار للارتفاع.
وأشارت رابطة بورصات الطاقة الأوروبية إلى أن خطة الاتحاد الأوروبي قد تُشكل خطراً كبيراً على الاستقرار المالي في أسواق الطاقة في أوروبا، وتتسبب في انتقال المرافق إلى تجارة خاصة أكثر خطورة لتجنب الحد الأقصى.
اقرأ أيضاً: